في الحلقة السابقة كان الحديث عن الاستحسان تعريفه وبيان حقيقته ومقصده في التشريع وحيث إنه من الموضوعات التي ربما درسها طالب الشريعة وتخرج دون أن يفهمها ، رأيت أن أعرضه بتفصيل أيسر لمن تأمله وهذه تتمة لما مضى من الحديث عنه…
أضواء على السياسة الشرعية
-
-
كلام العلماء في الاستحسان لا يكاد يخرج عن معنيين :
الأول : الاستحسان بمعنى : ما يستحسنه الإنسان بعقله ، أو تشتهيه نفسُه ، من غير مستند شرعي معتبر ؛ وهذا باطلُُ بالإجماع . … -
قال القرافي _رحمه الله_ : ” فإنَّ مالكاً يشترط في المصلحة أهليّة الاجتهاد ؛ ليكون الناظر متكيفاً بأخلاق الشريعة ، فينبو عقله وطبعه عمَّا يخالفها ، بخلاف العالم بالسياسات إذا كان جاهلاً بالأصول ، فيكون بعيد الطبع عن أخلاق
-
ومع هذا ؛ فإنَّ الاستدلال بالمصالح المرسلة ليس أمراً هيناً ، ولا هو بالمركب السهل ؛ وليس هو حقّاً لكل أحد ؛ إذ هو من أضنك مواقع الاجتهاد ، وأحراها بما يشترط في أهله من شروط دونها خَرْطُ القتاد …
-
قال النووي – رحمه الله – مستدلاً بهذه الآية على وجوب الاستنباط ، وعدم الاتكال على ما نُصًّ عليه صريحاً – : “… فالاعتناء بالاستنباط من آكد الواجبات المطلوبة ؛ لأن النصوص الصريحة لا تفي إلا بيسير من المسائل الحادثة فإذا أُهْ
-
أسس السياسة الشرعية ومستنداتها الشرعية ، هي أسس بقية المسائل الشرعية ؛ غير أنه يكثر استناد مسائلها على الاستدلال ( طرق الاستنباط )…
-
أهم أدلتها أدلّة أصولها ؛ إذ هي في حقيقة الأمر تنظيرٌ من تلك الأدلَّة تُرَاعَى فيه مقاصد الشريعة ، وتطبيقٌ تُرَاعَى فيه الظروف والأحوال والأعراف ؛ يتأكَّد ذلك بالنظر فيما ساقه العلماء من أدلَّة السياسة الشرعية بمدلولها…
-
وقد عرّف الفقهاء – المتقدمون والمتأخِّرون – السياسة الشرعية بتعريفات كثيرة منها العام ، ومنها الخاص ، وأضاف إليها عدد من الباحثين صياغات جديدة حاولوا فيها ضبط المفهوم …
-
قبل بضع سنوات .. في يوم عرفة وعلى أرض عرفات ، سألني أحد الإخوة الأمريكيين ممن دخلوا في الإسلام ، ولم يكن من قبل من المسلمين قائلاً : سمعت عن السياسة الشرعية ! فهل في الإسلام سياسة ؟
قلت له : أنت مسلم حاج ، فلا ينبغي أن يخفى ع