لا يبدو أن إيران سوف تكف قريبا عن محاولات تسييس فريضة الحج وتحويله من شعيرة وعبادة إسلامية إلى وسيلة للوصول إلى أحلامها باستعادة الامبراطورية الفارسية البائدة , من خلال اختلاق الأزمات فيه تمهيدا لتدويل مسألة تنظيم موسم الحج الذي تقوم به المملكة على أكمل وجه منذ عقود وما زالت .
كانت حادثة التدافع بمنى عام 2015م التي أدت إلى وفاة المئات وجرح أمثالهم هي الذريعة التي حاولت إيران من خلالها تدويل مسألة تنظيم فريضة الحج وتسييسه , رغم تكشف الكثير من القرائن والأدلة التي تشير إلى تورط طهران بشكل أو بآخر بالتسبب في وقوع الحادثة .
باءت محاولة إيران الأولى في الوصول إلى تسييس فريضة الحج أو حتى الحصول على بعض الامتيازات كشرط لقبول إرسال حجاجها إلى موسم حج العام الماضي 2016م , وذلك بعد أن قوبلت محاولة تسييسها لفريضة الحج برفض سعودي حازم وتضامن عربي وإسلامي مع موقف بلاد الحرمين , كما تمت مواجهة شروطها الصفوية بإصرار سعودي واضح على المحافظة على شعيرة الحج كعبادة وطاعة لله تعالى دون أي تسييس أو تدويل .
كانت أهم أطماع ساسة طهران في حج العام الماضي أن تقبل السعودية السماح لحجاج إيران بممارسة أدعية ومراسم يطلقون عليها اسم : دعاء كميل ومراسم البراءة ونشرة زائر ……وغيرها من الطقوس الرافضية , إلا أن الرد السعودي الحازم بالرفض – نظرا لما تسببه هذه التجمعات من إعاقة لحركة بقية الحجيج من دول العالم الإسلامي حسب بيان وزارة الحج السعودية – أغاظ ملالي قم و أزعجهم , فما كان منهم إلا أن قرروا منع حجاجهم من أداء فريضة حج عام 2016م , فكان غيابهم – بالإضافة لحسن تنظيم المملكة – سببا مهما في نجاح موسم حج العام الماضي وتميزه .
لم تفهم طهران على ما يبدو رسالة المملكة في العام الماضي أو ربما لا تريد أن تفهمها أصلا , ولم تدرك بعد أن ما تسعى إليه من “تسييس الحج وتدويله” لا يمكن أن تسمح به بلاد الحرمين بأي حال من الأحوال , فالمسألة لا تحتمل التسييس أبدا لكونها تتعلق بركن من أركان الإسلام .
من هنا يمكن قراءة خبر تعنت إيران وإصرارها على محاولة تدويل الحج وتسييسه , حيث وردت أنباء عن قرار صادر عن السلطات الإيرانية بمنع حجاجها هذا العام أيضا من أداء فريضة الحج ، بعد أن وضعت شروطا تعتبرها السلطات السعودية خطوطا حمراء .
المعلومات أكدت وضع إيران سبعة شروط من أجل السماح للحجاج القادمين من بلادها بأداء الفريضة هذا العام ؛ أحد أهمها بالنسبة لنظام الولي الفقيه : “الحفاظ على سياسات ما يسمى “قائد الثورة الإسلامية في مجال الحج”، الأمر الذي رفضته الرياض بالتأكيد مكررة تأكيدها استحالة تسييس فريضة الحج .
التعنت الصفوي من خلال شروطها السبعة جاء بعد أن دعت المملكة العربية السعودية إيران للمشاركة في مناسك الحج لعام 2017م , وعلى لسان وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي “رضا صالحي أميري” الذي قال منذ أيام : إن لإيران 7 شروط يتعين على الجانب السعودي قبولها لإيفاد حجاجنا إلى الديار المقدسة” , مضيفا : “”لو قبل السعوديون بهذه الشروط فسنقوم بتفويج الحجاج للديار المقدسة، ودون ذلك سننتظر رأي الجهات العليا بهذه القضية” …وهو ما يعني أنه في حال رفض المملكة للشروط – وقد رفضت بالطبع – فإن إيران ستمنع مواطنيها مجددا من أداء الفريضة لهذا العام .
ليس جديدا هوس الرافضة بمسألة العبث بمواسم الحج ومحاولة بث الفوضى وإحداث القلاقل والاضطرابات…. فتاريخهم الأسود – الحديث فضلا عن القديم – في هذا الإطار معروف ومشهور , فمنذ أحداث شغب مكة عام 1987م , والتي كانت أبرزها وأكثرها خطورة , وحتى حادثة تدافع منى عام 2015م , والتي تورط بها دبلوماسيون وضباط في استخبارات الحرس الثوري الإيراني، اندسوا بين الحجاج الإيرانيين بجوازات سفر عادية …والأيام تثبت أنهم أكثر الناس كرها لبيت الله الحرام , وأشدهم مكرا له .
وكيف لا يكون الأمر كذلك وفي عقيدة الرافضة الباطلة ما يشير إلى هذا الكره وذلك الكيد , فمهديهم الخرافة المزعوم سيقوم عند ظهوره – حسب اعتقادهم الباطل – بهدم الكعبة و نقل الحجر الاسود الي الكوفة , جاء في بعض مراجعهم “الغيبة للطوسي” : “إذا قام المهدي هدم المسجد الحرام” , كما روى الفيض الكاشاني في الوافي : ” يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عز وجل بما لم يحب أحد من فضل، مصلاكم بيت آدم وبيت نوح وبيت إدريس ومصلى إبراهيم .. ولا تذهب الأيام حتى ينصب الحجر الأسود فيه ” .
فمسألة الكيد لبيت الله الحرام وموضوع الإصرار على العبث بمواسم الحج قضية نابعة من عقيدة باطلة عند الرافضة كما هو واضح , ومن هنا يمكن فهم الحزم السعودي في مواجهة هذا التعنت الصفوي تجاه مسألة تتعلق بالمساس بالركن الخامس من أركان الإسلام .