المتابع لتصريحات إيران بشأن الحج منذ سنوات طويلة لن يفاجأ بموقفها الأخير الذي أدى إلى إعلانها منع مواطنيها من الحج هذا العام؛ فإيران الشيعية الإثنى عشرية ترى أن هناك مزارات عندها أهم من مكة, والحج إليها أفضل من الحج إلى الكعبة..
وكانت طهران تسعى طوال الوقت لاستخدام الحج لأغراض سياسية رغم علمها بحساسية الكثير من الأمور التي تثيرها في هذا الشأن…
حاولت إيران استغلال بعض الحوادث التي وقعت خلال مواسم الحج أو العمرة من أجل مهاجمة السعودية والطعن في كفاءتها لاستقبال هذا العدد من الحجاج رغم أن هذه الحوادث وأكثر منها تقع في أماكن أخرى ومنها طهران رغم عدم وجود هذا العدد الكبير في أماكن محددة وهو أمر وارد في كل بلاد العالم مهما كانت درجة حرصها وتقدمها…إيران تعودت ان تضغط وتستخدم كل الأوراق من أجل تحقيق أغراضها التي تتبلور في فرض السيطرة والظهور في مظهر القوي الذي يستطيع إملاء إرادته على الآخرين وتحديدا في المنطقة التي تعيش فيها…
فهي تقدم نفسها منذ فترة للعالم على أنها الرجل القوي للمنطقة وأن على الغرب أن يعتمدها في هذا المنصب وما تدخلاتها في العراق واليمن ولبنان وغيرها إلا محاولة لتصدير هذه الرؤية حتى تستطيع فيما بعد التعامل على أساسها وجني ثمارها ..والحقيقة أن الغرب بدأ يبلع هذا الطعم واختلفت طريقة تعامله مع إيران في الآونة الأخيرة بناءً على مفاهيم جديدة نجحت طهران في توصيلها للخارج وبما أن هذا الخارج نفعي ولا يريد إلا مصلحته فهو يتعامل دائما مع الطرف الذي يظنه الأقوى أو يمتلك مفاتيح المعادلات الصعبة..
المهم أن قضية الحج ليست إلا مناورة إيرانية وحسب فهذه ليست أول سنة تعرف فيها إيران الشروط التي تضعها المملكة وتطبقها على كل دول العالم حتى تقول أنها فوجئت بكذا وكذا أو أنها لا ترضى بكذا هذه لعبة صبيانية سخيفة لا تخيل على أحد والدليل ان الوفد الإيراني الذي توجه إلى الرياض لحل نقاط الخلاف مع السعودية اتفق على مبادئ معينة ثم نكص عنها وغادر البلاد بعد أن كان قد وعد بالعودة للتوقيع ثم أعلن بعد ذلك ما كان قد أعلنه في وقت سابق بأنه لا حج لمواطنيه هذا العام!..
طهران تريد ايضا من وراء هذه اللعبة محاولة تصدير فكرة أن السعودية تضطهد الإيرانيين لأنهم شيعة وأنها طائفية وغير ذلك من المزاعم التي قد تروج عند بعض البلدان الغربية والإسلامية وتستغل ذلك في توجيه اتهامات للرياض بعدم منح الشيعة حقوقهم وغير ذلك من الترهات رغم أن ما يجري لأهل السنة في إيران يكشف عن حقيقة دامغة بشأن الاضطهاد الطائفي؛ فالاتهامات الأصح في هذا الملف على العكس تماما مما تسعى طهران للترويج له..
النقطة الهامة في هذه القضية أن إيران بدأت تفقد أرضا تلو أخرى حيث بدأت تظهر على حقيقتها لدى العديد من الدول الإسلامية التي كانت تجهل ما تقوم به طهران وتظن أنها نصيرة للمستضعفين من المسلمين وتُخدع بشعاراتها المعادية لأمريكا و"إسرائيل" ثم تبين كم هي حليفة لهما في السر بل هي حليفة لكل من يريد قتل أهل السنة كما يجري الآن في الفلوجة وسوريا.