يكمل العالم سقوطه وافتضاح نفاقه في محرقة حلب السورية المستمرة منذ أسبوع، حيث يصب عليها طيران بوتن وصبيه نيرون المولع بإحراق البلد كله، جام حقدهم الوحشي القادم من ظلمات العصور الوسطى، بينما يتخلى بان كي مون عن قلقه المثير للسخرية، ليدخل مرحلة تلائم انحدار سادته، فها هي الأمم المتحدة بكل ما أوتيت من صفاقة تتهم "جميع أطراف النزاع" بالمسؤولية عن أنهار الدم المتدفقة بين أنقاض مدينة عريقة هي الأكبر في سوريا بعد العاصمة دمشق.
وما يضاعف من مرارة الألم في صدور السوريين، أن جميع الدول تشجب بالكلام ما يجري في عروس الشمال السوري، بمن فيهم الطاغية نفسه الذي اتهم جبهة النصرة بقصف المدنيين هناك، والولايات المتحدة التي ما زال رئيسها الدموي يشتري الوقت لعميله في دمشق، حتى إنه تخلى عن تقيته أخيراً، وصدع بما ظل يخفيه خمس سنوات، فأكد موقفه الفاجر أن إسقاط سفاح الشام خطأ!!
استشاط السوريون غضباً وهم يرون اجتماع أحقاد أمم الكفر عليهم، وغياب أي نصير كانوا يعتبرونه رصيداً في أزمنة القهر العصيبة، فهل سيعتبون على أعدائهم الذين لم يجتمعوا للتضامن مع نزيف حلب، مثلما اجتمعوا في باريس عقب تفجيرات قتلت أقل ممن يلقون حتفهم على يد سفاح العصر في ساعة؟
وكيف يلومون عدوهم وهم يرون أدعياء أخوتهم يستنكفون عن تلوين أبراجهم "الشامخة" بألوان عَلَم ثورة يمقتونها، مثلما فعل هؤلاء مع أعلام بلجيكا وفرنسا؟؟ فهل يستوي ضحايا الأمم الراقية بصرعى شعب مسلم "متخلف" ربما يعكر وجوده مزاج القوم وليالي أنسهم الفاجرة؟
ولذلك سارع بوم خارجيته جون كيري لمواصلة تمثيليته الهمجية، فاتصل بشركائه في نحر السوريين بالكرملين، لتجديد اتفاق فاضح كسابقه لوقف الأعمال العدائية، يستثني حلب، ويشمل المناطق التي يحتاج إليها أجيرهم بشار، ليكمل تشريد من تبقى من المسلمين في الشام، وهم أكثرية أهلها، لتفرغ البلاد منهم، ويطمئن اليهود على مستقبلهم في حماية الخونة من أبناء الأقليات التي تشاطر النصيريين بغضهم للإسلام وأهله، مكافأة لهم على عدلهم وتسامحهم 1400 سنة!
السبب الظاهر للحقد الأمريكي على حلب يكمن في رفض المعارضة السياسية متابعة مهزلة جنيف 3، بعد أن أشبعهم شعبهم شتماً لقبولهم المشاركة في غطاء أممي خسيس لمواصلة تفريغ الشام من أهل التوحيد!! هذا يمنح التيس المستعار بوتن ورقة ضغط إضافية على تركيا التي استنعجت، ويعطي واشنطن وسيلة تأديب ممتازة للأوربيين لكي يلزموا حدودهم معها، ويعودوا إلى بيت الطاعة الذي لم يغادروه، لكنهم باتوا يعلنون تذمرهم من هوانه!!
دموية أوباما التي تجاوزت حدود النفاق المعهود، استفزت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية التي كادت تقول الحقيقة كاملة، لولا أن عقلها الباطن أيقظها من صحوة ضميرها العابرة، لتذكيرها بأن أهل حلب مسلمون!!
قالت الصحيفة: إن قصف المستشفيات والمخابز وأسواق الأغذية يجب ألا يكون مفاجئاً لمروجي "وقف إطلاق النار" فهو مخطط للنظام معلن من قبل ومعلوم لدى كل الأطراف الداخلية والخارجية.
وأضافت أن سياسة واشنطن انحدرت إلى روتين مقزز "وزير الخارجية الأميركي جون كيري يتباحث مع نظيره الروسي حول كيفية وقف أعمال العنف، بينما يصر على أن لأميركا خطة باء إذا فشلت محادثاتهما، وبعد ذلك تقوم روسيا والنظام السوري بقصف المدنيين والمعارضة التي يدعمها الغرب، ثم يعلن كيري إدانته وغضبه وينسى إعلانه عن خطة باء، ويعود للتباحث مع الروس".
وفي تقرير للغارديان البريطانية تحدثت عن استمرار القصف وازدياد عدد الضحايا، في الوقت الذي تصاعد فيه غضب المنظمات الدولية ومنظمات الإغاثة وحقوق الإنسان مما يجري، ونقلت تصريحات لمسؤولين عن هذه المنظمات تندد بتقاعس الحكومات والأمم المتحدة أمام مأساة حلب.
في المقابل، فضحت روسيا مستوى انحطاطها، مؤكدة أن مشاركتها الوحشية في قتل السوريين لا تشفي غليل صليبيتها الخبيثة، ولذلك حاولت تزوير الحقائق بصورة فجة، فكشف الناشط الإعلامي الثوري هادي العبد الله رخصها.وكانت قناة روسيا اليوم قد بثت مقاطع ادعت أنها من نتائج قصف الثوار لمناطق مدنية يسيطر عليها الطاغية في حلب!! (تزوير روسيا اليومِ
الحقيقة بتصوير هادي العبد الله
)
وشاركت فضائية بي بيس ي عربية التشبيحية بفضيحة أخرى
فقد تجاهلت القناة وسم #حلب _تحترق الذي دشنه النشطاء للتضامن مع المدينة المنكوبة وحقق رقماً قياسياً عالمياً(700 ألف تغريدة)، فيما أقدمت على نشر هاشتاجات تم استخدامها من قبل نظام الأسد المجرم، وروجت روايته التي تتهم الثوار بالوقوف وراء القصف.
وزادت المحطة من سقوطها سقطة مدوية، وثّقها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أوردت نبأً في مستهل إحدى نشراتها الإخبارية، تبنت فيه أكاذيب العصابة الأسدية، وأرفقت به مقطعاً على أنه تم تصويره في مناطق سيطرة النظام، ثم تبين بالدليل القاطع أنه من مآسي النظام التي تسبب بها قصفه الوحشي لمناطق مدنية يسيطر عليها الجيش الحر.
وقد شن الناشطون السوريون حملة لمقاطعة بي بي سي التي تمارس العداء للشعب السوري منذ انطلاق ثورته قبل أكثر من خمس سنوات، لكن تشبيحها أصبح علنياً وفي مستوى هابط ينافس قناة الدنيا الأسدية وقناة حزب اللات وأشباههما من أبواق الطاغية وشركائه في إبادة السوريين.
كما انطلقت من مصر حملة تضامن شبابية مع حلب الجريحة، تدعو لمقاطعة موقعَيْ فيسبوك وتويتر لتعطيل حسابات نشطاء المواقع، مدة 24 ساعة ، بسبب ما اعتبروه تحيزاً في سياساتهما التضامنية.
وقرر أكثر من 32 ألف شخص الالتزام بالدعوة "events؛ من أجل تعطيل حساب فيسبوك الليلة دعماً لحلب المنكوبة، بالإضافة إلى اهتمام 17 ألف شخص آخرين بالقضية.
وجاء هدف الحملة التي تبدأ الساعة 23:59 بالتوقيت المحلي لبلد كل مستخدم، إلى الضغط على الفيسبوك وإجباره على عدم التحيز باستخدام "خصائصه التضامنية".
ومن تلك الخصائص ميزة "التحقق من السلامة" Safety Check، والتي تظهر على الصفحة الرئيسية للمستخدمين في حال حدثت كارثة أو تفجير إرهابي، وتهدف إلى طمأنة المستخدمين الموجودين في منطقة الخطر لأحبائهم بأنهم بخير.
كما تطالب الحملة بتفعيل صبغ الصور الشخصية باللون الأحمر تضامناً مع حلب، ضمن خاصية الصورة الشخصية المؤقتة، التي أتاحها فيسبوك مؤخراً خاصة لحملات التضامن وتشجيع الأندية الرياضية وإبداء الاهتمام بالقضايا المجتمعية.
ومن ناحية آخرى فقد أكد عدد من نشطاء موقع التدوين المصغر تويتر، أن الأخير حذف وسم (هاشتاغ) الحملة السورية التي حظيت بكم هائل من التعاطف والتفاعل #حلب_تحترق من الوسوم الأكثر تفاعلاً.
وظهرت صفحة الوسم فارغة لدى زوارها، في حين كان الوسم قد حظي بنحو مليون تغريدة خلال اليومين الماضيين، واحتل خلال ساعات طوال صدارة الوسوم الأكثر تداولاً على المنصة.
على أن تويتر أعاد إظهار تغريدات الوسم #حلب_تحترق بسبب الزخم الإضافي والتفاعل الإعلامي الواسع الذي ظل يرافقه، حيث اهتمت كبريات وسائل الإعلام العربية مثل الجزيرة وتلفزيون العربي بوضع الوسم على الشاشة طوال فترة البث.