وهذا القيد والإيمان به لا يأتي إلا بتنمية التعرف على الله شيئاً فشيئاً، ومن خلال هذه ( المعرفة) ينتج التذكر والاستحضار لكل ما يدور في هذا اليوم الذي هو ملك لله الديان، وأن الأعمال لا بد أن تكون خالصة له جل جلاله، ومن خلالها كذلك تنمو في نفوسنا البشرية اعتقادات راسخة يقينية جازمة بأننا مجزيون على كل ما نعمل عندما نقف بين يدي الله تعالى، ومن هنا كخطوة ثالثة تأتي هذه الحرية، وهي حرية المبادرة المنطلقة من معرفتنا بكل أحوال اليوم الآخر الذي سيأتي حتماً.
– من ثمرات هذه الحرية الأخروية أن كل إنسان ـ أياً كان موقعه ـ تجده يصبح ويمسي وليس همه إلا الآخرة ورضى ربه، وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:" علامة صحة الإرادة أن يكون هم المريد رضى ربه، واستعداده للقائه، وحزنه على وقت مر في غير مرضاته، والأنس بقربه، وجماع ذلك أن يصبح ويمسي وليس له هم غيره".