فإن الملائكة خلق من خلق الله ، لا تُعرف تفاصيل خلقهم ، ولا يجوز أن نصفهم بصفة لم ترد ؛ لعدم معرفتنا بتلك التفاصيل ؛ فعليه لا يوصفون بذكورة ولا أنوثة ، أما الأنوثة ، فلأن الله تعالى استنكر على المشركين وصفهم بذلك فقال تعالى : “وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ” ، وقال جل شأنه : “أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ” .
وقد كان المشركون يصفونهم بذلك إنقاصا من شأنهم .
وأما لماذا أُنِّث الفعل في قوله تعالى : “وَإِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ” فليس لأنهم إناث ، وإنما لأن كلمة “الملائكة” جمع تكسير ؛ أي أن صيغة المفرد تكسرت في الجمع ، والعرب في “جمع التكسير” تؤنث الفعل وتذكره ؛ فتقول : جاءت التلاميذ ، وجاء التلاميذ ؛ فالتأنيث على تضمين معنى “الجماعة” والتذكير على تضمين معنى “الجمع” ، ونظير ذلك قوله تعالى : “وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم” الآية .
وكذلك لا يوصفون بالذكورة ؛ لعدم وروده .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد .