أحدث شعوذات اللبرالية: اشتراط الإجماع المستحيل!!
لسنا هنا في وارد مناقشة فكرية عميقة تكشف مدى التهافت في الفكر اللبرالي وتناقضاته المثير للسخرية، لكن المقطوع به عند أدعياء اللبرالية عداوتهم الشديدة لمبدأ الإجماع في كل شأن وفي كل زمان ومكان، حتى لو كانت له ضرورات عقلية ثابتة، ولو كان في نطاق القضايا الكبرى التي تحظى عادة باتفاق واسع.
وعليه، فكم كان بائساً اللبرالي أحمد أبو مطر في برنامج الاتجاه المعاكس بقناة الجزيرة في الأسبوع قبل الماضي، عندما خرج على الناس بشرط تعجيزي ليؤيد مبدأ المقاومة بعامة وفي فلسطين بخاصة، ألا وهو أن تنال المقاومة إجماعاً شعبياً كاملاً!! ونسي هذا الفلسطيني المتخلي عن قضيته مجاناً، أن الإجماع الذي يصطدم باللبرالية جملة وتفصيلاً، شرط غير واقعي بل يكاد يكون مستحيلاً من الوجهتين النظرية والعملية. وما من مقاومة في التاريخ الإنساني كله، حظيت بإجماع شعبي!! فهل كانت المقاومة الفرنسية للاحتلال النازي لفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية موضع قبول الفرنسيين كافة؟ ألم تكن حكومة فيشي العميلة تمثل نسبة غير قليلة من الفرنسيين الخانعين الذين برروا إذعانهم للغزاة؟
وفي الجزائر بلد المليون ونصف مليون شهيد، ألم يكن للاستعمار الفرنسي الاستيطاني الاستئصالي، عملاء جزائريون خانوا أمتهم وانحازوا إلى عدوهم، وهو ما اضطرهم إلى الفرار في قعر سفن الجيش الفرنسي الذي غادر الجزائر صاغراً في عام1962م؟ثم عاش هؤلاء العملاء-ويسمون: الحركيين أو ذوي الأقدام السوداء-عاشوا منبوذين في فرنسا بالرغم من عمالتهم المطلقة لها.
وقل مثل ذلك عن البوسنة وأفغانستان وفيتنام بل والثورة الفرنسية وحرب الاستقلال الأمريكية…. فلماذا هذا الشرط التعجيزي الباهت على المقاومة الإسلامية وحدها من دون خلق الله جميعاً؟ وهلا سأل أبو مطر وأشباهه أنفسهم: كم نسبة المؤيدين لخيار الاستسلام لليهود من أزلام اتفاق أوسلو وأذيال الرباعية الدولية وخريطة الطريق؟
ولا ينقضي العجب من خزعبلات أبو مطر، فهو إذ يشترط الإجماع في وجه المقاومة الإسلامية في فلسطين والعراق تحديداً، استثنى حزب الله اللبناني من شرطه المريب من دون أن يبين لمستمعيه السر وراء هذا الاستثناء غير المنطقي!! بل إن الأمر في الحالة الأخيرة –بحسب مقاييس أبو مطر ذاتها-أشد وأجدر بموقف متسائل على الأقل. فحزب نصر الله لا يحظى بإجماع شيعي فما بالك في أنه يفرض خططاً خارجية على شعب ذي تكوين فسيفسائي من النواحي الدينية والعرقية؟
أليس ذلكم مجتمعاً دليلاً إضافياً على أن اللبرالية في بلاد المسلمين ليست خياراً فكرياً مهما بلغ من الانحراف والسقوط، وإنما هي عمالة لأعداء الأمة تحاول التستر وراء قشرة زائفة من الفكر وقناع مصطنع من الثقافة المزعومة؟
***
تقرير إعلامي مميز..
انفردت العربية يوم السبت 2ربيع الآخر1430 ببث تقرير مثير وهام وقد كان تقريراً ميدانياً مصورا، يقدم بالدليل القاطع على جانب من جوانب التخريب الكثيرة والكبيرة التي تقوم بها إيران في العراق.
هذا الجانب الذي كان معتماً عليه، هو تحويل مجرى نهر قارون من جانب واحد، الأمر الذي أنتج حالة عطش قاتلة لأهالي الفاو العراقية، وأدى إلى تغيير خطير في تركيب مياه شط العرب.وإذا كان سكوت حكومة المالكي عن الجريمة مفهوماً بحكم تبعيتها المزدوجة للاحتلال الصليبي والتغلغل الصفوي، فإن صمت سائر وسائل الإعلام العربية عن ذلك يضع ألف علامة استفهام عن مهنيتها وموضوعيتها!!
لكن مثل هذا التقرير الذي يخدم القضية العربية والإسلامية بلا شك لا يكفي لمحو حاضر القناة وماضيها السيئين إلا إذا تخلت عنهما وسارت على نهج مهني نزيه وحينئذ ينسى الناس لها ما اقترفت من قبل على اعتبار أن التوبة تجبّ ما قبلها.