"نعمل في أمكان عدة، قريبة وبعيدة، وننفذ ضربات جوية بأسلوب يعزز من قوى ردعنا."، هكذا أقر رئيس الحكومة الصهيونية السابق، إيهود أولمرت بتنفيذ الغارة الدموية على شرق السودان والتي أسفرت عن مقتل عدد غير محدد من الضحايا سواء أكانوا من السودانيين أو المهاجرين، قدره السودان بنحو 800 قتيل، وقدرته مصادر صحفية بنحو 39 قتيلاً.
تدخل الكيان الصهيوني في نوايا أصحاب القافلة فأدرك أنهم سيعبرون الجبال وسهولها ويقامرون بحياتهم في بورصة الصحراء، وبانكشافهم إن عبر الأقمار الصناعية أو نقاط التفتيش الحدودية وغير الحدودية في مصر ـ أو هكذا حاول أن يصور للعالم ـ، ولذا عاجلهم قبل تنفيذ ما يعتمل في نفوسهم!! وأبلغ الولايات المتحدة بأنه سينفذ الغارة،؛ فأقلعت على الفور "طائرات إف 16 لتنفذ جولتين من القصف على القافلة وأجرت دورة حول الموقع مخافة انطلاق أية طائرة من الخرطوم أو من دولة مجاورة، وبعد الجولة الأولى مرت طائرات استطلاع مزودة بكاميرات عالية الجودة فوق الموقع وأظهرت الصور أن القافلة دمرت جزئياً عندها تمت جولة ثانية، وتزودت الطائرات بالوقود في الجو فوق البحر الأحمر، وحركت إسرائيل سفناً ومروحيات إلى البحر الأحمر في حال سقوط أي طيار."، مثلما قال مصدران لمجلة تايم الأمريكية الأسبوع الماضي.
هو اعتداء على مدنيين بالتأكيد، حتى تثبت "إسرائيل" عكس ذلك بأدلة موثوقة، تنقل غارتها من حيز جريمة الحرب إلى مخالفة شنها دون إعلان بخلاف شروط القانون الدولي، وكلاهما لا قيمة له من الناحية النظرية، إذ الجريمة بالفعل قد وقعت، وامتحلت لها "إسرائيل" أعذاراً واهية، سرعان ما صدقها "المجتمع الدولي"!!
كيف لـ"المهربين" أن يسيروا كل هذه المسافة دون أن ينكشف أمرهم؟ كيف جال بخاطرهم هذا؟! "إسرائيل" وحدها هي من تصدق ذلك وتفترضه، وتلقمه لنا رغماً عنا، وهي التي تدرك أنها سوف لن يبقى ثمة دليل على صدق ما فعلته، ومع ذلك تعجلت أمرها لتضرب داخل السودان!!
وتطوعت تايم الأمريكية الصهيونية لتقول بدلاً عنها "الهجوم كان تحذيراً لإيران وأعداء آخرين ولإثبات قدرة الاستخبارات الإسرائيلية واستعدادها للقيام بعمليات بعيدة عن حدودها من أجل الدفاع عن نفسها من التهديدات المتجمعة"، وهكذا يتمادون في بهتانهم ليضفوا بطولة إضافية على إيران، ويضربوا عدوهم الجديد/السودان، علماً بأن "إسرائيل" لم تقدم أبداً على ضرب أي شحنة أسلحة تمر من سوريا إلى "حزب الله" اللبناني في طريق مأهولة ومألوفة لـ"المهربين"، ومعروفة لكل من يملك راداراً أو لا يملكه في العالم.
لقد أثبت الغارة عدة أمور، نرجو ألا تفوت على ساستنا العرب، وهي أن أجواءنا وبلادنا مستباحة للأعداء، وأن ما تقوله "إسرائيل" هو ما ينبغي على الإعلام الغربي أن يروجه، وأن ضرب إيران لا يتم إلا في السودان.. أو في أي بلد سني آخر!! وأن "إسرائيل" تخشى من صواريخ إيرانية ـ على افتراض صحة الرواية الصهيونية ـ يصل مداها إلى 70 كيلو متراً أن تقع في أيدي حماس، ولا تخشى من صواريخ يصل مداها 3000 كيلومتراً، لا لشيء إلا لأنها لم تزل في جعبة الملالي!!