كانت جرأته اللافتة محل عجب وإعجاب المتابعين للشأن العراقي، عجب لكونه يناطح نظامين كبيرين في المنطقة، وهما النظام الإيراني الصاعد، والعراقي التابع لتحالف إيراني/أمريكي من دون أن يكون مستنداً إلى قوة أرضية، إلا التفاف أبناء دائرته معه، بعد الله سبحانه وتعالى.. وإعجاب لشجاعته وإقدامه اللافتين، وتحمله مصاعب جمة في سبيل لم يألفه العرب كثيراً كنموذج للسياسي الفدائي..
نعم هناك نماذج كثيرة للفدائيين في المقاومات المختلفة، لكن القليل كان يتحدث بحقوق المضطهدين بكل هذا الاندفاع في عقر دار الصفوية؛ فكان بحث صاحب كلمة حق عند سلطان جائر.
ربما أحداً لم يقترب من الدايني ليعرف عنه الكثير، لكن المعلوم عنه أنه مقاتل عنيد وصخرة تكسرت عندها مساعي إيران لوضع مساحيق الزيف على وجوه أتباعها، والوقت لم يعد يحتمل بطبيعة الحال الحديث عن سيرة الرجل، بل السعي للضغط بكل قوة من الشعوب المسلمة لاستنقاذ هذا الرجل الذي طالما دافع عن الشعب العراقي وحقوقه الإنسانية المنتهكة من قبل الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له..
الحديث يدور اليوم عن الرجل وأنه إما مخطوف، وهو الراجح عند كثير من الوطنيين الشرفاء في العراق، وقد وثقت منظمة الكرامة لحقوق الإنسان ذلك عبر شهادة نقلتها عن أربعة من نواب البرلمان العراقي وهم ميسون الدملوجي، وأحمد راضي، وعلي السجري، وأسعد العيساوي كانوا برفقته لدى محاولته السفر إلى الأردن قبيل صدور قرار من البرلمان برفع الحصانة عنه يوم 25 فبراير الماضي، حيث "تعرضت الطائرة التي كان على متنها السيد الدايني، في سفره إلى عمان، الأردن، إلى تحويل اتجاهها وإعادتها من حيث أتت، بعد 30 دقيقة من إقلاعها، علما أنه كان وقتئذ رفقة وفد برلماني. فقامت قوات حكومية خاصة بمداهمة الطائرة واعتقلت السيد الدايني من وسط ركاب آخرين، من بينهم الوفد البرلماني. وقد كان شهود على عملية الاعتقال هذه أعضاء البرلمان الأربعة (..) ووفقا لشهود عيان، يستحيل أن يكون السيد الدايني، قد أطلق سراحه من المطار، إذ اقتيد من داخل الطائرة، في حضور ركاب آخرين، وبعد ذلك نُقِل في موكب من سيارات تابعة للقوات الأمنية (..) وإلى يومنا هذا، لا يزال مكان وظروف اعتقال السيد الدايني، مجهولة، مع الإشارة أنه شوهد للمرة الأخيرة من قبل أربعة شهود (أعضاء البرلمان)، محاطا بعناصر من قوات الأمن العراقية وهم ينقلونه من الطائرة والمطار."
وإما مختفٍ عن أنظار السلطات الموالية لإيران، لكن هذا الاحتمال يبدو ضعيفاً جداً في ظل غياب أية أدلة عليه سوى الإشاعات والأكاذيب الحكومية العراقية والإعلام الموالي عراقياً، والمتواطئ أمريكياً، لاسيما مع تلك الرواية التي أوردها د.عادل البياتي في صحيفة الراية القطرية من أن " الدور الإيراني في عملية ملاحقة الدايني كشفه أكثر من مصدر، فقد كان الدايني دائما مصدر إزعاج لطهران حتى قيل إن مستشار الأمن القومي موفق الربيعي تلقى عند سفره لإيران قبل أيام أوامر من قاسم سليماني قائد فيلق القدس تتضمن عدداً من المهمات لتصفية ملفات عالقة من بينها ملف الدايني من دون إثارة الشبهة الإيرانية عن تصفيته.
وأشار مصدر إلى أن اعتقال الدايني تم بأوامر من مكتب المالكي ونقل فورا إلى أحد أقبية التعذيب المرتبطة بالمكتب وحضر التحقيقات الأولية موفق الربيعي وضابط إيراني كان بصحبته ويرتدي الملابس المدنية ويرافقه حارسان."
الدايني مخطوف الآن ـ على الأرجح (ومما يؤسف له أن وسائل إعلام عربياً تشارك بغباء في مؤامرة التعتيم على اختطاف الدايني) ـ لأنه فضح الميليشيات وأعلن في جنيف منذ شهور عن أن هناك 420 سجنا سريا وتحت الأرض في العراق، وقال في إحدى مؤتمراته الصحفية: "أسوق بعض الأمثلة عن الاختراق الإيراني للمؤسسات العراقية الرسمية، فمثلا الإيراني جمال جعفر الإبراهيمي، عضو البرلمان العراقي، هرب قبل خمسة أشهر من ملاحقة أمريكية بعد اكتشاف مسؤوليته عن تفجير السفارتين الأمريكية والفرنسية في الكويت عام 1983 وهو واحد من 11 إيرانيا منتخبون في البرلمان. وهم ضمن الائتلاف الشيعي."، وقال مضيفاً: "لدينا وثائق تؤكد وجود 70 ألف جندي من الجيش الإيراني في العراق، وأخرى تضع أسماء الضباط الإيرانيين الكبار في الحكومة (..) هؤلاء هم قادة فرق الموت، ورؤساء الميليشيات التي تقوم بعمليات التفجير بالسيارات المفخخة، وقتل كل أعضاء الجيش العراقي السابق، ورؤساء العشائر، والعلماء والطيارين. وظهر دورهم البارز في عملية ”الزرقا ” في محافظة النجف عندما قتلوا وجرحوا الآلاف من أبناء الشيعة، متهمين إياهم بأنهم من منظمة إرهابية تدعى (جند السماء)."
النائب الذي فضح الاحتلال الأخطر في العراق (على حد وصفه) وهو الاحتلال الإيراني، وقام بزيارة جريئة لسجون عراقية مجهولة، ورفع قضية في الولايات المتحدة على المجرم رونالد رامسفيلد في يد الإيرانيين الآن وأشياعهم في العراق الآن وفقاً لأكثر المعلومات اقتراباً من الحقيقة، وقبل أن يثقب جسده بـ"الدريل"، آلة التعذيب المفضلة في أدوات جلاوزة التعذيب العراقيين التابعين لطهران ـ لا قدر الله ـ يجب أن يعلم الجميع أن هذا الرجل الشجاع في وضع خطر الآن وربما لقي مصيراً شبيهاً بمئات الآلاف الذي هب للدفاع عنهم، وأن الأحرار في العالم كله عليهم مسؤولية الضغط للحفاظ على حياته.