العارفون بالشأن البرلماني الكويتي يدركون جيداً مقدار التأثير الذي يحدثه وجود شخصية مثل د.وليد الطبطبائي على الحراك السياسي والاجتماعي في الكويت، والذي أدى إلى إنعاش الساحة الخليجية عموماً والكويتية خصوصاً بالعديد من الملفات الساخنة التي طرحها أو تصدى لها في البرلمان الكويتي.
د. وليد مساعد السيد إبراهيم الطبطبائي، البالغ من العمر 44 عاماً، وزملاؤه من أطياف الحركة الإسلامية المختلفة تمكنوا من التأثير بشكل فاعل على مجمل القوانين والإجراءات التي ترنو إلى تغريب الكويت، وإن لم ينجحوا تماماً في ذلك؛ فقد أمكنهم فرملة العديد من الوسائل المفضية إلى أمركة الكويت.. وفي المقابل فقد أسهم الطبطبائي في سن قوانين تتعلق بـ"اسقاط فوائد ديون عن المتقاعدين، تنظيم العمل الإعلامي للبث المرئي والمسموع، قانون الرعاية الاجتماعية للمسنين، الزكاة ومساهمة الشركات المساهمة والمقفلة في ميزانية الدولة، وتنظيم الاحتكار، والبنوك الإسلامية، وتحسين ظروف العمل" وغيرها من القوانين.
وقد أظهر الطبطبائي تصلباً لافتاً هذا الأسبوع إلى جوار نائبين آخرين هما محمد هايف وعبدالله البرغش عندما طالبوا باستجواب الحكومة الكويتية على خلفية دخول عالم شيعي إيراني مسيء للإسلام إلى الكويت برغم صدور قرار بمنعه من الدخول، وقال النواب في هذا الصدد: " إن رئيس الوزراء هو المسؤول الحقيقي عن خرق الحظر الأمني على دخول الشيعي محمد باقر الفالي إلى البلاد رغم اتهامه بالتعالي على الذات الإلاهية وتأجيج الفتنة الطائفية وسب الصحابة وأمهات المؤمنين فضلاً عن استخفافه بالأنبياء والملائكة. وتقوم محكمة كويتية بالنظر في قضية مرفوعة ضد الفالي يتهم فيها بإثارة الفتنة الطائفية".
وبرغم شن حملة صحفية وإعلامية على الطبطبائي (وهو شيخ أزهري علاوة على كونه نائباً يتمتع بالحصانة البرلمانية) وزملائه إلا أنه أصر على المضي قدماً في الاستجواب قائلاً: "على رئيس الوزراء صعود المنصة أو الاستقالة".
وأمام الإصرار على تقديم الاستجواب أو المسائلة التي قال عنها النواب الثلاثة أنها "تأتي في إطار المحافظة على الثوابت الدينية والأمنية والوحدة الوطنية ونزع فتيل الأزمة"، لم تجد الحكومة بداً من تقديم استقالتها.
وإزاء حملة برلمانية مضادة اشتملت على تسول التوقيعات من النواب الآخرين للحؤول دون تفاقم هذه الأزمة التي أفرزها مخالفة صريحة للقانون والدستور بسبب الضغوط الشيعية التي تمارس هذه الأيام في الكويت، كان لغة الطبطبائي المتحفظة على إخراج الاستجواب من حيز الطائفية إلى متفق القانون كأرضية جامعة حيث قال: ""كثير من علماء الشيعة دخلوا البلاد ولم نعترض عليهم، لأنهم لم يخالفوا القانون، ولم يثيروا الفتنة، أما من يثير الفتنة سواء من الشيعة أو السنة فسنقف ضدهم".
وإذ استقالت الحكومة ـ وإن لم تُقبل استقالتها بعد ـ وتهدد البرلمان بالحل بسبب موقف الطبطبائي وزملائه؛ فإنه يبرهن من جديد على أنه رقم لا يمكن تجاوزه في البرلمان الكويتي.