نشأت في أسرة ملتزمة والحمد لله، ويحرص والدي على منع أي تصرف غير شرعي أو ينم عن أخلاق سيئة، ومما منعه التدخين.
إلا أن أخي الكبير كان يدخن من دون علم والدي، وعندما علم ذات مرة بالأمر، ضربه ضرباً مبرحاً أمام جميع الأسرة، ليعتبر الصغير قبل الكبير.
ولكن رغم ذلك، ظل أخي يدخن بالخفاء، ورويداً رويداً علمني التدخين. كما أن لي أصدقاء يدخنون أيضاً، ورغبني ذلك بالتدخين معهم.
وبعد هذه الأحداث التي وقعت عندما كنت في السابعة عشر من عمري، بدأت أدخن بشكل شبه يومي، ثم بشكل يومي، ثم بت أحمل علبة سجائر معي دائماً.
والدي الذي حرص على عدم تدخيننا لم يعد يتدخل في شؤونا كما في السابق، وبات يغض البصر عن بعض الأشياء بحكم أننا تخطينا العشرين، وبحكم عدم مقدرته -على حد كلامه- إيقافنا عن التدخين، فشكى أمره لله.
ظل والدي ينصحنا بشكل مباشر، وأحياناً بشكل غير مباشر، ومرضت ذات مرة مرضاً في الصدر، فدعا لي والدي بالصحة، رغم أنه يعرف السبب.
وللأسف، بائت جميع جهود والدي في منعنا من التدخين، ولم يترك وسيلة إلا وعالجنا بها، إلا أننا كنا نتوب ثم نعود بعد وقت قصير.
وكانت توبتنا تأتي رغبة منا في ترك التدخين، لأنه بات يؤثر على سمعتنا، وعلى صحتنا، وكنا نخاف أن يحدث مكروه لأحدنا بسببه. إلا أن عادتنا باتت متأصلة فينا، وصار من الصعب العدول عنها.
وفي مرة جلب لنا والدي مطوية صغيرة، كانت تتحدث عن التوبة إلى الله، وأن التوبة لا تحدث إلا إذا كانت خالصة لوجه الله تعالى.
أكثر ما لفت نظري في كلام المطوية أن الإنسان قد يطلب التوبة خوفاً من أمر ما، (كإضرارنا بصحتنا) أو طمعاً بشيء ما (كأن تصبح سمعتنا في بين الناس أفضل) أو من أجل شخص ما (كرغبتنا في إطاعة والدنا).
ولكن المطوية تحدثت أن التوبة يجب أن تكون لله وحده، وأن يكون صاحب التوبة طالباً للأجر من الله تعالى، بغض النظر عن أي أمر آخر. وبالتالي تصبح علاقة التائب مع الله تعالى، ويصبح العهد مع الله أصعب من أن يقطعه أي شيء.
وبعد أن قرأت المطوية، توجهت بالدعاء إلى الله أن تكون توبتي لوجهه الكريم، وأن تكون خالصة لله دون غيره من الأسباب، ودعوت أن يثبتني على هذه النعمة.
والحمد لله، منذ نحو 3 سنوات وأنا لم أدخن مرة أخرى. وقد منّ الله علي بالسمعة الحسنة والرضا من والدي وبالصحة الجيدة. وأقول دائماً أن هذا كله بسبب إخلاصي النية في التوبة لله وحده.