أثار سقوط بغداد عدة إشكاليات أدت إلى خلط الأوراق واضطراب المفاهيم وانهيار منظومة من الثوابت المتعلقة بالنظام العربي العام منذ ما يقرب من عقدين ، لعل أولى هذه الإشكاليات يتمثل في أن سقوط بغداد كان سقوطاً لنظام ديكتاتوري قمعي متورط بل ضالع في صياغة خطاب سياسي زائف مراوغ ملتبس في ظاهره يتغنىّ بالأماني القومية التي رفعها حزب البعث في بداياته الأولى حين تبنى مقولة ” أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ” حيث تحولت الرسالة إلى إدّعاء أجوف والوحدة إلى إقليمية مكرّسة عبر الممارسة الحقيقية ، وأصبحت مصلحة هذا النظام فوق القانون والشعب والأمة ، وتحولت إلى وسيلة أفرغت الخطاب السياسي من مضمونه وشحنته بمقولات ميكافيلية تسلطية لا ترعى في الله إلاًّ ولا ذمة.
وسقوط بغداد من ناحية أخرى أدى إلى احتلال بغيض وفوضى مقيتة وضياع للنظام والأمن والاستقرار فأصبحت العراق في مهب الريح بعد أن تراخت قبضة السلطة وأنفلت زمام الأمن واضطربت الأمور ، وتفككت اللحمة التي تربط مختلف الأعراق والطوائف في هذا البلد العربي الفسيفسائي التكوين المجتمعي ، وقد أدى السقوط السريع إلى تأكيد سطوة المحتل ، وأطلق يده في مقدرات المنطقة فاتخذته ذريعة للتهديد والوعيد ، وجعلت من مشهد سقوط تمثال صدام حسين رمزاً لسقوط هيبة السلطة القومية أو الإقليمية في العالم العربي ككل ، فأخذت أمريكا تلوح بعصا التدخل لكل من يقف في وجهها ويخالف توجهاتها ، ورأينا أنظمة صامدة تحاول أن تجمع شتات أمرها مع شقيقاتها وتزيد التلاحم بينها وبين شعوبها وأخرى تهرول مذعورة إلى البيت الأبيض تقسم يمين الولاء والطاعة ، وأخرى تفتح أبوابها على مصراعيها متنازلة عن كل تحفظاتها السابقة ولست في معرض ذكر أسماء هذه الأقطار والدول ، ولكن النزوع إلى المرونة وتقديم بعض التنازلات وسمت المرحلة التي تلت سقوط بغداد .
أما الإشكالية الثانية فهي إشكالية الديمقراطية التي أشهرتها أمريكا سلاحاً في وجه الأنظمة العربية ، والمرّوع في الأمر أن مسألة الديمقراطية ترفع كشعار للابتزاز ، فهي فارغة المضمون لأنها بلا محتوى يتسق مع خصوصية العالم العربي ، فضلاً عن أنه سلاح مقصود به إرهاب الأنظمة وخدمة إسرائيل التي تقدم كنموذج للديمقراطية في الوقت الذي تمارس فيه أبشع أنواع إرهاب الدولة .
من هنا نرى النظام العربي برمته أمام تحدٍ ملتبس مزدوج ، إذ عليه أن يقارع الإرهاب في كافة أشكاله ، وهناك منه ما هو حقيقي يرتكز على مفاهيم خاطئة تحول أن تطوع النصوص الدينية لصالحها ، وربما كانت في بعض حالاتها مخترقة من قبل جهات استخباراتية توظفها لمصالحها ، وعليها أن تواجه الإرهاب الأمريكي نفسه إذ وقعت بين مطرقة إرهاب الداخل وتسلط الدولة العظمى في العالم ، وهو تحدٍ يتفرع منه تحدٍ آخر متعلق بالهوية العقدية والوطنية ، لذا فإن العالم العربي الآن في منعطف طرق عليه أن يواجه ألواناً من القهر والتحديات .
أما الإشكالية الثالثة فهي إشكالية اليمين في إسرائيل وأمريكا على حد سواء ، إذ يتحالف هذا اليمين المتطرف على نحو فريد غير مسبوق وهو ليس تحالفاً سياسياً فحسب ، بل هو تحالف عقدي بين الكنيسة الأنجلوكانية التي تؤمن بشعب الله المختار ، والأفكار الليكودية العنصرية التي تريد أن تحقق حلم إسرائيل الكبرى ، والعالم العربي مطالب أن يواجه هذين الخصمين اللدودين مجتمعين ومتساندين ، إذ يجد نفسه أمام مسؤولية عربية ودينية وأخلاقية ، أما المسؤولية العربية فتتمثل في ضرورة مساندته لأشقائه الفلسطينيين مما يضعه أمام مواجهة القوى العظمى التي تلوح له بسلاح المحاسبة والمقاطعة وأما المسؤولية الدينية فتتمثل في ضرورة الذب عن حياض المقدسات الإسلامية التي تتعرض للاستباحة ، أما المسؤولية الأخلاقية فتتمثل في عمل ما يجب عمله إزاء هذا الطغيان السافر حيث يطبق قانون الغاب ، وحيث يكون الحق دائماً مع القوي.
لقد أدى سقوط بغداد إلى تعقيد الأمور وتوتيرها وتأزمها في العالم العربي ، لقد أصبح سؤال النهضة بعد بدايتها الافتراضية بأكثر من قرنين مطروحاً من جديد . وأصبحت المطالبة بإعادة التقويم لمسيرة الأمة ضرورة خصوصاً في ظل الدعوة إلى العولمة والخطر الذي يهدد الهوية العقدية والوطنية . ما زال العالم العربي بعد مرور عام على سقوط مدينة الرشيد مذهولاً لم يستفق بعد على هول الفاجعة ، وما زالت الحقائق تائهة في ضباب دخان القنابل والصواريخ الذي يلف سماء بغداد ، حيث الدماء المراقة تلطخ وجه هذا القطر العربي العريق ، وما زال الجدل حول حقائق أساسية في دائرته البعثية حتى الآن : هل وجود قوى التحالف يمثل جيش تحرير أم جيش احتلال ؟ وهل ما يدور من قتال وهجمات ضد هذا الجيش إرهاب أم مقاومة ؟ وكأن الشمس يمكن أن تغطي بغربال . وحسبنا الله ونعم الوكيل .
وسقوط بغداد من ناحية أخرى أدى إلى احتلال بغيض وفوضى مقيتة وضياع للنظام والأمن والاستقرار فأصبحت العراق في مهب الريح بعد أن تراخت قبضة السلطة وأنفلت زمام الأمن واضطربت الأمور ، وتفككت اللحمة التي تربط مختلف الأعراق والطوائف في هذا البلد العربي الفسيفسائي التكوين المجتمعي ، وقد أدى السقوط السريع إلى تأكيد سطوة المحتل ، وأطلق يده في مقدرات المنطقة فاتخذته ذريعة للتهديد والوعيد ، وجعلت من مشهد سقوط تمثال صدام حسين رمزاً لسقوط هيبة السلطة القومية أو الإقليمية في العالم العربي ككل ، فأخذت أمريكا تلوح بعصا التدخل لكل من يقف في وجهها ويخالف توجهاتها ، ورأينا أنظمة صامدة تحاول أن تجمع شتات أمرها مع شقيقاتها وتزيد التلاحم بينها وبين شعوبها وأخرى تهرول مذعورة إلى البيت الأبيض تقسم يمين الولاء والطاعة ، وأخرى تفتح أبوابها على مصراعيها متنازلة عن كل تحفظاتها السابقة ولست في معرض ذكر أسماء هذه الأقطار والدول ، ولكن النزوع إلى المرونة وتقديم بعض التنازلات وسمت المرحلة التي تلت سقوط بغداد .
أما الإشكالية الثانية فهي إشكالية الديمقراطية التي أشهرتها أمريكا سلاحاً في وجه الأنظمة العربية ، والمرّوع في الأمر أن مسألة الديمقراطية ترفع كشعار للابتزاز ، فهي فارغة المضمون لأنها بلا محتوى يتسق مع خصوصية العالم العربي ، فضلاً عن أنه سلاح مقصود به إرهاب الأنظمة وخدمة إسرائيل التي تقدم كنموذج للديمقراطية في الوقت الذي تمارس فيه أبشع أنواع إرهاب الدولة .
من هنا نرى النظام العربي برمته أمام تحدٍ ملتبس مزدوج ، إذ عليه أن يقارع الإرهاب في كافة أشكاله ، وهناك منه ما هو حقيقي يرتكز على مفاهيم خاطئة تحول أن تطوع النصوص الدينية لصالحها ، وربما كانت في بعض حالاتها مخترقة من قبل جهات استخباراتية توظفها لمصالحها ، وعليها أن تواجه الإرهاب الأمريكي نفسه إذ وقعت بين مطرقة إرهاب الداخل وتسلط الدولة العظمى في العالم ، وهو تحدٍ يتفرع منه تحدٍ آخر متعلق بالهوية العقدية والوطنية ، لذا فإن العالم العربي الآن في منعطف طرق عليه أن يواجه ألواناً من القهر والتحديات .
أما الإشكالية الثالثة فهي إشكالية اليمين في إسرائيل وأمريكا على حد سواء ، إذ يتحالف هذا اليمين المتطرف على نحو فريد غير مسبوق وهو ليس تحالفاً سياسياً فحسب ، بل هو تحالف عقدي بين الكنيسة الأنجلوكانية التي تؤمن بشعب الله المختار ، والأفكار الليكودية العنصرية التي تريد أن تحقق حلم إسرائيل الكبرى ، والعالم العربي مطالب أن يواجه هذين الخصمين اللدودين مجتمعين ومتساندين ، إذ يجد نفسه أمام مسؤولية عربية ودينية وأخلاقية ، أما المسؤولية العربية فتتمثل في ضرورة مساندته لأشقائه الفلسطينيين مما يضعه أمام مواجهة القوى العظمى التي تلوح له بسلاح المحاسبة والمقاطعة وأما المسؤولية الدينية فتتمثل في ضرورة الذب عن حياض المقدسات الإسلامية التي تتعرض للاستباحة ، أما المسؤولية الأخلاقية فتتمثل في عمل ما يجب عمله إزاء هذا الطغيان السافر حيث يطبق قانون الغاب ، وحيث يكون الحق دائماً مع القوي.
لقد أدى سقوط بغداد إلى تعقيد الأمور وتوتيرها وتأزمها في العالم العربي ، لقد أصبح سؤال النهضة بعد بدايتها الافتراضية بأكثر من قرنين مطروحاً من جديد . وأصبحت المطالبة بإعادة التقويم لمسيرة الأمة ضرورة خصوصاً في ظل الدعوة إلى العولمة والخطر الذي يهدد الهوية العقدية والوطنية . ما زال العالم العربي بعد مرور عام على سقوط مدينة الرشيد مذهولاً لم يستفق بعد على هول الفاجعة ، وما زالت الحقائق تائهة في ضباب دخان القنابل والصواريخ الذي يلف سماء بغداد ، حيث الدماء المراقة تلطخ وجه هذا القطر العربي العريق ، وما زال الجدل حول حقائق أساسية في دائرته البعثية حتى الآن : هل وجود قوى التحالف يمثل جيش تحرير أم جيش احتلال ؟ وهل ما يدور من قتال وهجمات ضد هذا الجيش إرهاب أم مقاومة ؟ وكأن الشمس يمكن أن تغطي بغربال . وحسبنا الله ونعم الوكيل .
Hijri Date Correction:
1