هناك بعض الأمور التي تحدث في بعض مسالخ الماشية، ألتمس من فضيلتكم توضيحها لي وتنبيه ذوي الشأن عليها إن كان فيها خطأ، وهي:
1 – كثيرًا ما يتم ذبح الذبيحة والثانية تشاهد، بل ربما كان هناك أكثر من واحدة تنتظر دورها، والذبح يتم أمامها . فما حكم ذلك؟
2 – يقوم بعض العمال عند ذبح الذبيحة بقطع الودجين، ويوصلون القطع إلى النخاع في العمود الفقري ، مما يفقد الحيوان الحركة مباشرة، وذلك استعجالاً منهم في إنهاء العمل. فما حكم ذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأولاً: تحريم الميتة وإباحة المذكاة:
قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْـزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ) ، والميتة: ما مات بغير ذكاة شرعية، فالميتة حرام بنص الآية إلا ما استثناه النبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله: أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالسمك والجراد، وأما الدمان: فالكبد والطحال .
والمنخنقة هي: التي تموت بالخنق؛ إما قصدًا أو اتفاقًا بأن تتخبل في وثاقها فتموت به، فهي حرام.
والموقوذة هي: الحيوان الذي يموت بالضرب بالعصا أو غير ذلك مما يقتل بثقله.
والمتردية: الحيوان الذي يموت بسبب سقوطه من مكانٍ عالٍ أو وقع في حفرة ونحوها فمات.
والنطيحة: الحيوان الذي مات بسبب تناطحه مع حيوان آخر.
وما أكل السبع: الحيوان الذي يموت بسبب افتراس السبع له.
وما أهل لغير الله به: هو الحيوان الذي يذبح ويذكر عليه غير اسم الله؛ كأسماء الأصنام والطواغيت أو ذبح للجن لاتقاء شرهم، أو للقبور تقربًا إلى الأموات.
ثانيًا: شروط الذكاة التي تحل بها الذبيحة:
والذكاة الشرعية التي تحل بها الذبيحة يشترط لها شروط:
1 – أن تكون الذكاة بآلة حادة من أي شيء، ما عدا السن والظفر؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر، فإن كانت تقتل بثقلها لا بحدها لم تحل الذبيحة .
2 – أهلية المذكي، بأن يكون عاقلاً ولو مميزًا، مسلمًا أو كتابيًّا؛ لقول الله تعالى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ) ، وطعامهم: ذبائحهم، كما ثبت ذلك عن ابن عباس – رضي الله عنهما -.
3 – قطع المريء وهو: مجرى الطعام، والحلقوم وهو: مجرى النفس، والودجين وهما: عرقان بجانبي الرقبة يجري منهما الدم؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ومحل قطع ما ذكر: الحلق – بالنسبة لغير الإبل – واللبة بالنسبة للإبل، وهما: النحر.
4 – التسمية بأن يقول: بسم الله، عند حركة يده بالذبح؛ لقول الله تعالى: (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إلى قوله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) فإن ترك التسمية متعمدًا لم تحل ذبيحته؛ لاختلال الشرط، فإن تركها نسيانًا فإنها تحل؛ لقول النبي – صلى الله عليه سلم -: ذبيحة المسلم حلال وإن لم يسم إذا لم يتعمد ، رواه سعيد بن منصور في (سننه) .
ثالثًا: سنن الذكاة:
1 – حد الشفرة وإراحة الذبيحة؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته .
2 – أن يحمل على الآلة بقوة؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: وليرح ذبيحته .
3 – أن لا يحدها والحيوان يبصر؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمر أن تحد الشفار وأن توارى عن البهائم.
4 – أن توارى الذبيحة وقت الذبح عن البهائم؛ لئلا تتعذب البهائم بذلك.
5 – توجيه الذبيحة إلى القبلة؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – ما ذبح ذبيحة ولا نحر هديًا إلا وجهه إلى القبلة، وتكون الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى ؛ لقوله تعالى: ( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ )، وتكون البقر والغنم مضجعة على جنبها الأيسر.
6 – تأخير كسر عنقه وسلخه حتى يبرد، أي: بعد خروج روحه؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: بعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق يصيح في فجاج منى بكلمات منها: ألا ولا تعجلوا الأنفس أن تزهق رواه الدارقطني .
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.