لم يكن ما كشفت عنه مصادر لوكالة (آكي) الإيطالية من أن نظام الأسد يقوم بتصفية النفط الخام القادم من مناطق سيطرة تنظيم “داعش” ضمن عملية معقدة تمكن النظام من اقتطاع نسبة متفق عليها من هذا النفط الخام، قبل أن يعيد تسليم الكميات المُعالجة المصفّاة إلى التنظيم….إلا تأكيدا جديدا على حقيقة العلاقة التي تجمع بين “داعش” ونظام الأسد و تثبتها الوقائع والوثائق .
الوكالة الإيطالية نقلت عن خبير اقتصادي سوري مقرب من نظام الأسد تأكيده أن المصافي التي تسيطر عليها “حكومة الطاغية” تقوم بتصفية نفط يرد عبر وسطاء من تنظيم (داعش) من الشرق , ويقتطع النظام نسبة متفق عليها من هذا النفط الخام، ويعيد تسليم الكميات المُعالجة المصفّاة إلى التنظيم من جديد، في عملية مستمرة منذ نحو عام.
وأشارت الوكالة إلى الصلة بين تنظيم (داعش) والنظام السوري فيما يخص “تسويق وتصفية النفط” حيث يقوم التنظيم بتوريد النفط إلى مصافي نظام الأسد ، لتقوم الأخيرة باقتطاع جزء من النفط الوارد مقابل عملية التصفية، وإعادة المكرر إلى الوسطاء لتمريره للتنظيم من جديد، والذي يقوم بتسويقه للتصدير عبر العراق عبر ميناء البصرة .
وكشف الخبير الاقتصادي أن النظام السوري مازال حتى اليوم مسؤول عن عمليات الصيانة، وتزويد آبار الإنتاج، في كلا المنطقتين التي تسيطر عليهما الوحدات الكردية وتنظيم داعش، بمهندسي الصيانة والمعدات وقطع الغيار، كما أشار إلى أن النظام يقتطع نسبة من النفط الخام تُقدّر بين 50 و75% من الكميات الواردة، مقابل الصيانة ومقابل عملية التكرير، بينما تتحمل “داعش” تكاليف النقل.
كثيرة هي الوثائق والتقارير التي صدرت من قبل وكشفت عن العلاقة التي تربط نظام الأسد بــ “داعش” , منها مجموعة من الوثائق السرية كشفت عنها جامعة هارفارد تثبت أن رأس النظام السوري بشار الاسد هو من صـَنع تنظيم داعش بالتعاون مع ايران .
ومنها ما نقلته صحيفة (ديلي صباح) التركية عن مصدر في الاستخبارات الوطنية التركية قوله : إن اتفاقا تم بين ما يسمى “تنظيم الدولة” ونظام الأسد للقضاء على الجيش السوري الحر في شمال البلاد ، ولمواصلة شرائه النفط من التنظيم , بالإضافة إلى مناقشة محاولة اغتيال زهران علوش، والانسحاب من تدمر والسخنة .
وتقول الصحيفة إنه بحسب المصدر، فقد اجتمعت مجموعة من تنظيم الدولة وقادة عسكريين في النظام في محطة إنتاج الغاز الطبيعي في منطقة الشدادي قرب الحسكة في 28 أيار/ مايو من عام 2015م للتركيز على العدو المشترك بينهما “الجيش الحر وفصائل الثورة السورية” بحسب الصحيفة .
ويبرز التقرير أن المصدر كشف عن أن الاتفاق بين النظام و”تنظيم الدولة” تضمن حينها التعاون في عدد من المجالات، خاصة في المناطق التي يواجه فيها النظام مشكلات مع فصائل الثورة السورية في شمال حلب , مشيرا إلى أنه في الوقت الذي سيركز فيه النظام غاراته على الجيش الحر، سيقوم تنظيم الدولة بتكثيف الهجمات عليه.
من جهة أخرى رصدت وحدات التنصت في الاستخبارات التركية مكالمات هاتفية لقوات الأسد تؤكد وجود تعاون بين نظام الأسد و”داعش”، من أجل تخطي المشاكل التي يواجهونها في مجال التعاون في الموارد النفطية، وقد أثبتت هذه المكالمات وجود لقاءات واتصالات بين نظام الأسد وقادة “داعش” وأنها تتباحث في مستجدات الأمور بينهم .
كما أن قيام وزارة الخزانة الأمريكية في نهاية عام 2015م بتصنيف أربعة أشخاص بينهم روس، و6 شركات ضمن قائمتها السوداء، لاتهامهم بلعب دور الوسيط بين نظام الأسد و “داعش” في صفقات النفط ….يشير بشكل أو بآخر إلى تلك العلاقة .
هذا غيض من فيض التقارير والوثائق التي كشفت عن وجود تنسيق وتعاون بين نظام الأسد و”داعش” الذي يسيطر على حقول دير الزور التي تُنتج له ما يقرب من 15 ألف برميل يوميا ، وهي حقول كانت تُنتج ما يُعادل 100 ألف برميل يوميا قبل عام 2011م .
والحقيقة أن الأحداث التي جرت على أرض واقع الثورة السورية بعد فترة من انطلاقتها وتحقيقها لنتائج مذهلة في فترة زمنية قصيرة , وظهور ما يسمى “داعش” فجأة على مسرح الأحداث , وتنامي قوته وهيمنته في فترة وجيزة على مساحات واسعة على حساب الثوار وفصائل الثورة المسلحة , من خلال تركيزه على مهاجمة الثوار وابتلاع أراضيهم المحررة بدلا من محاربة النظام النصيري الذي يزعم أنه عدوه , ناهيك عن انسحاباته المتكررة من كثير من المناطق التي اغتصبها من الثوار ليعيدها فيما بعد على طبق من ذهب إلى طاغية الشام …..يؤكد أن “داعش” كان الوسيلة الأخبث لإجهاض ثورة أهل الشام ومحاولة إفشالها من داخلها بذريعة محاربة “إرهاب” تنظيم صُنع على عين النظام النصيري والصفوي والغربي .
يكفي نموذجا على ما سبق ما حدث بمحافظة الرقة السورية التي تعتبر أول مدينة سورية تم تحريرها على يد فصائل الثورة السورية في أوائل إبريل من عام 2013م , قبل أن يغتصبها ويهيمن عليها “داعش” مستغلا انشغال فصائل الثورة السورية باستكمال معارك “التحرير” على حدود المحافظة .
وعلى الرغم من ثبوت هذه العلاقة الموثقة , ومع الكم الهائل من الإرهاب الذي أظهره النظام النصيري بحق الشام وأهلها قتلا وتعذيبا وتهجيرا وتدميرا….ما زال المجتمع الدولي يصر على التركيز على “إرهاب” ما يسمى “داعش” , والتغافل المقصود عن “إرهاب” صانع “داعش” والمستفيد الأول منه .