يعيش المدنيون في العراق وسوريا منذ سنوات تحت ظروف مأساوية ويحاصرون في بعض المناطق بين النيران المتبادلة من هنا وهناك في وضع أشبه ما يكون بوضع الرهائن..
الأزمة تتزايد بشدة مع تدخل جهات خارجية من أجل محاربة “داعش” في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في سوريا والعراق وهي مناطق مأهولة بالسكان الذين علقوا وسط المعارك وسقط عدد كبير منهم بين قتيل وجريح وأصبحوا ضحية لجميع الأطراف الموجودة على الأرض..أمريكا التي تتزعم التحالف الدولي في العراق وسوريا اعترفت بمقتل العشرات من المدنيين على أيدي قواتها وذلك بعد انتشار تقارير عن انتهاكات واسعة ضد المدنيين في الحرب التي يشنها التحالف ولكن عدد من المنظمات الحقوقية أكدت أن حجم الجرائم المرتكبة ضد المدنيين أضعاف المعلن عنه حتى الآن…
مؤخرا أبدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية قلقها من استخدام التحالف الدولي بقيادة واشنطن الفسفور الأبيض خلال العمليات العسكرية في سوريا والعراق…
وجاء ذلك بعد أيام على تقارير تحدثت عن قصف التحالف الدولي لمدينة الرقة، بالفسفور الأبيض…وقالت “هيومن رايتس ووتش” إن “استخدام الفسفور الأبيض بالضربات المدفعية من قبَل التحالف بقيادة الولايات المتحدة (…) يثير أسئلة خطيرة حول حماية المدنيين”…وأكدت أن “القوات الأمريكية تستخدم الفسفور الأبيض في الموصل في العراق، وفي الرقة معقل داعش في سوريا. لكن سبب استخدام قوات التحالف غير واضح”…
وأشارت المنظمة إلى شريط فيديو من الموصل في الثالث من الشهر الحالي يظهر “استخدام قذائف أرضية تحتوي على الفسفور الأبيض”….ونشرت حملة “الرقة تذبح بصمت”، في الثامن من يونيو شريط فيديو قالت إنه يشير إلى قصف مدينة الرقة بالفسفور الأبيض. وتظهر في الفيديو الذخائر وهي تنفجر في الهواء قبل أن تتساقط على شكل كتل من النار…
وأوضح ستيف غوس، مدير قسم الأسلحة في “هيومن رايتس ووتش” أن “الفسفور الأبيض، يشكل خطرا وضررا مرعبا وطويل الأمد في المدن المأهولة مثل الرقة والموصل، أو أي منطقة أخرى مكتظة بالسكان”…
في نفس الوقت يقول محققون في جرائم الحرب، تابعون للأمم المتحدة، إن زيادة الغارات الجوية التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في سوريا على الرقة السورية تسبب “خسارة فادحة في أرواح المدنيين”…
وأكد محققو جرائم الحرب أنهم وثقوا مقتل 300 مدني بقصف التحالف الدولي “المفرط” على محافظة الرقة شمال سوريا..وقالت كارين أبو زيد، مفوضة لجنة التحقيق حول سوريا التابعة للأمم المتحدة للصحفيين: “وثقنا الوفيات الناجمة عن الغارات الجوية للتحالف فقط.. لدينا حوالي 300 قتيل، منهم 200 في مكان واحد وهو قرية المنصورة” غرب الرقة…من جهته قال باولو بينيرو رئيس اللجنة : “نلفت على وجه الخصوص الانتباه إلى أن تكثيف الضربات الجوية التي مهدت الطريق لتقدم “قوات سوريا الديمقراطية” في الرقة لم يسفر سوى عن خسائر مذهلة في أرواح المدنيين كما تسبب في فرار 160 ألف مدني من منازلهم ونزوحهم داخليا”…
وأضاف بينيرو “يجب ألا تأتي حتمية مكافحة الإرهاب على حساب المدنيين الذين يجدون أنفسهم يعيشون رغم إرادتهم في مناطق يوجد فيها “داعش”…
المدنيون في العراق وسوريا والمحاصرون بين النيران يعانون الأمرين وينظر لهم بريبة من جميع الأطراف ويتعرضون للانتهاكات والقتل وأذا نجوا من الموت وقعوا ضحية الاختطاف والاعتقال والتعذيب تحت ذرائع واهية, ولم تعد استغاثاتهم أو استغاثات المنظمات الحقوقية تجد آذانا صاغية وسط صخب المعارك ومع مرور الأيام تزداد أوضاعهم تدهورا دون أن يظهر في الأفق حل قريب لأزمتهم.