مع كثرة الجهات التي أعلن الرئيس الأمريكي الجديد “دونالد ترامب” عنصريته تجاهها – النساء والسود والمهاجرين و ….. – من خلال تصريحاته الفاشية خلال حملته الانتخابية , والتي قال البعض إنه لن يستطيع تنفيذها بعد أن يصبح رئيسا للبلاد …. إلا أن ساكن “البيت الأبيض” الجديد أراد أن يؤكد للجميع خلال خطاب تنصيبه أمس الجمعة أن عنصريته وعداءه للإسلام والمسلمين لا يمكن التشكيك بجديته أبدا , فهو الثابت الأول من ثوابت سياسة الرئيس الـ 45 للولايات المتحدة الأمريكية .
نعم….. لقد تعامى ترامب وتعمد عدم التطرق للتطرف والإرهاب الصليبي والصهيوني والبوذي والنصيري والرافضي و……ضد المسلمين في شتى أنحاء العالم في خطاب التنصيب الذي يعتبر بمثابة الخطوط العريضة لسياسة العم سام خلال السنوات الاربع القادمة , بينما صرح عزم بلاده على مواجهة ما سماه “التطرف الإسلامي” , والإصرار على استئصاله وتخليص العالم منه حسب وصفه !!!
ليست الازدواجية الأمريكية حكرا على ترامب وحده , ولكن الأخير شديد الفجاجة والوقاحة في استخدامها , وهو ما أثار حفيظة المسلمين في كل أنحاء العالم واستهجانهم المشروع , فقد تساءل الداعية السعودي الشهير “محمد العريفي” باستهجان في تغريدة له، عن سبب التركيز على “التطرف الإسلامي”، وإغفال الديانات الأخرى، قائلا : “كل الأديان والمذاهب فيها معتدلون ومتطرفون، فلماذا يركزون على من يُسمّونهم متطرفين إسلاميين، ويصمتون عن متطرفي البوذية واليهودية والنصرانية!”.
كما أشار الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور علي القره داغي إلى الازدواجية الأمريكية بالقول : “حفل تنصيب ترامب بدأ بقراءة الإنجيل واستشهد به عدة مرات …….. دولة علمانية” !!
وعندما كان مرسي يستشهد بآيات من القرآن الكريم في خطاباته اتهمه مسؤولون أمريكيون بأنه يريد تحويل مصر إلى دولة دينية ….أين هم من خطاب ترامب !!!
لم يكن المفكر “محمد الأحمري” وحده الذي ألمح إلى الوجود اللافت لرجال الدين في حفل تنصيب ترامب ؛ فقد لاحظ ذلك كل متابع ومهتم , وهو ما يؤكد تلك الازدواجية الأمريكية البغيضة في التعامل مع المسلمين حكاما وشعوبا .
كما أن مجريات الأحداث لم تنتظر تأكيد ترامب عداءه للإسلام وإصراره على تنفيذ تصريحاته العنصرية تجاه المسلمين على وجه الخصوص في حفل التنصيب , فالإحصائيات تؤكد ارتفاع معدلات الجرائم ضد المصالح الإسلامية في الولايات المتحدة بدافع الكراهية والإسلاموفوبيا منذ فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية , وكان آخر فصولها حرق جامع في مدينة سياتل الأمريكية الأسبوع الماضي .
لم يكن المسلمون وحدهم من أدرك حجم العنصرية والفاشية في خطابات الرئيس الأمريكي الجديد “ترامب” قبل وبعد فوزه بالانتخابات , فقد توجس من ذلك الأمريكيون أنفسهم وشعوب القارة العجوز منذ فوز ترامب وحتى بعد وصوله إلى البيت الأبيض أول أمس الجمعة , فالمظاهرات المناهضة لتنصيب الأخير والمستمرة حتى الآن لم تقتصر على العاصمة الأمريكية وبعض الولايات الأخرى فحسب , بل عمت المظاهرات عواصم دول أوروبية وآسيوية عديدة أهمها : برلين وباريس و روما وفيينا وجنيف وأمستردام وبروكسل ……
لا يمكن قصر خطاب العنصرية والعداء للإسلام على الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها الجديد فحسب , فهناك الكثير من الدلائل التي تؤكد انتشار ظاهرة ازدياد ظاهرة عنصرية الغرب تجاه المسلمين وعدائه للإسلام عموم القارة العجوز , فبخلاف خطاب تنصيب ترامب كشفت نسخة مسربة من خطاب رسمي تلقته عناصر الشرطة الفرنسية يهاجم المسلمين ويحرض على ممارسة العنف والتمييز العنصري ضدهم ….. حجم اتساع نطاق الظاهرة جغرافيا .
فقد نقلت وسائل الإعلام خبر تسريب شرطي فرنسي في شرطة الحدود نسخة من ذلك الخطاب جاء فيه : “الإسلام سرطان أصاب أوروبا ، والمسلمون هم الأورام”. كما ورد فيه أيضا : “لم تكن فرنسا مريضة بسببهم إلى هذا الحد قبل الآن”.
وحرض نص الخطاب عناصر شرطة الحدود الفرنسية إلى التصدي للمسلمين بكل الوسائل المتاحة ، تحت دعوى أن ذلك حق لكل إنسان حر !!!
وأظهرت صور أخرى كشف عنها الشرطي، ممارسات عنصرية ارتكبها بعض رجال شرطة الحدود ضد معتقلين أجانب ….
وإذا أضفنا إلى ما سبق تقرير منظمة العفو الدولية الصادر الثلاثاء الماضي والذي أكدت فيه أن مجموعة كبيرة من القوانين الجديدة لمكافحة “الإرهاب” في أنحاء أوروبا تنطوي على تمييز ضد المسلمين واللاجئين ؛ ما يتسبب في نشر الخوف والشعور بالغربة ….فإن جريمة عداء الغرب للإسلام وتفاقم العنصرية في دول أمريكا ودول القارة العجوز التي ترفع شعارات المساواة و حماية حقوق الإنسان تبدو أوضح من أن تحتاج إلى دليل أو برهان جديد .
المواجهة الأنجع لهذه العنصرية والفاشية الغربية تجاه الإسلام والمسلمين يتمثل في : عودة المسلمين إلى التمسك بصحيح دينهم الوسطي البعيد كل البعد عن الإفراط أو التفريط , وبناء حلف إسلامي قوي سياسيا واقتصاديا وإعلاميا يكشف زيف وكذب مصطلحات الغرب المسيئة للإسلام والمسلمين .