لم يكن مقطع الفيديو الذي بثه ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي , ويظهر فيه قيام عناصر من قوات حكومة العبادي أو مليشيا الحشد الصفوي بإعدام طفل عراقي بطريقة بشعة ، في منطقة حمام العليل جنوبي الموصل …. هو الأول من نوعه , فهناك الكثير من أمثال هذه الجرائم على يد تلك المليشيات تم توثيقها بطريقة مشابهة منذ أن سلمت واشنطن العراق لملالي قم , دون أن يكون هناك ردود أفعال محلية أو إقليمية أو دولية ترقى لمستوى عشر معشار بشاعة تلك الجرائم و وحشيتها .
لقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتشار فيديو يظهر فيه عناصر من "الحشد الرافضي" أو قوات حكومة العبادي العميلة لطهران وهم يسحلون طفلا سنيًا , ثم يضعونه أمام دبابة قبل أن يقتله أحدهم رميا بالرصاص ، لتقوم الدبابة بعد ذلك بسحق جثة الطفل بالمرور فوقها , في مشهد هز مشاعر كل من لا يزال يحمل شيئا من إنسانيته بين جنبيه , حيث أطلق الناشطون أكثر من وسم للتعليق على هذه الجريمة المروعة كــ #الحشد_يدهس_طفل_بالدبابة و #السحق_بالدبابة .
وعلى الرغم من مستوى الوحشية غير المسبوق الذي ظهر في الفيديو , إلا أنه لم يثر اهتمام كثير من دول العالم التي ما زالت ترفع شعار حماية حقوق الإنسان , ناهيك عن تجاهل معظم وسائل الإعلام الإقليمية والدولية لهذا الحدث المروع , فضلا عن عدم اكتراث فاضح من الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها بجريمة بشعة كهذه , حيث إن الأمين العام للمنظمة لم يعرب حتى عن قلقه المعهود من مستوى الإجرام الذي وصل إليه مرتزقة الرافضة في بلاد الرافدين .
والحقيقة أن سبب هذا التجاهل وتلك اللمبالاة الإقليمية والدولية تجاه جريمة مروعة و فظيعة بكل المقاييس هو أن المجرم والقاتل من الرافضة – أو النصيرية أو البوذية أو … – والضحية من أهل السنة الذين تحالفت وتواطأت على إباتهم وتهجيرهم من ديارهم معظم دول العالم بزعامة وقيادة العم سام .
والسؤال الذي لا أظن أن أحدا من المتابعين لما يجري في المنطقة يجهل الإجابة عليه هو : ماذا لو كان الطفل الذي تم سحقه ودهسه بالدبابة في العراق غير سني ؟! وماذا لو كان القاتل والمجرم يزعم أنه مسلم سني ؟!
إذن لقامت الدنيا ولم تقعد , ولتزاحمت وسائل الإعلام الإقليمية والدولية على تغطية هذا الحدث , ولتم تضخيمه ونشره على جميع وسائل الإعلام ليل نهار , ولعقدت من أجله الندوات والبرامج , ولانهالت تصريحات المسؤولين الغربيين استنكارا وتنديدا في البداية , ومن ثم تهديدا ووعيدا لأهل السنة جميعا , ليصار بعد ذلك إلى تجييش الجيوش وإنشاء التحالفات الدولية لمحاربة الإرهاب الذي ظهر في ذلك المشهد .
أليس هذا ما حدث تماما في جميع المشاهد الإجرامية التي بثها تنظيم ما يسمى "داعش" ؟! والتي تم استخدامها فيما بعد كذريعة لاتهام جميع المسلمين من أهل السنة بالدعشنة , تمهيدا لاستباحة دمائهم وأموالهم وديارهم في كل من سورية والعراق على وجه الخصوص ؟!!
وإذا كان تجاهل الدول الغربية و وسائل إعلامها لجريمة بهذا الحجم من الوحشية والفظاعة قد يكون متوقعا وغير مفاجئ للمتابع العربي , نظرا لخضوع تلك القنوات لأجندة دولها و مموليها الذين ورثوا – في الأعم الغالب – الحقد على دين الله الخاتم أبا عن جد كما يقال دون مبرر , فإن تجاهل بعض القنوات العربية لمثل هذا الحدث , بل ومحاولة تبرئة ساحة القاتل والمجرم بطريقة أو بأخرى … لا يمكن فهمه إلا ضمن سياق الفشل المريع في استثمار وسائل الإعلام المحسوبة على أهل السنة – مكانيا ولغويا وماليا على أقل تقدير – في مواجهة الهجمة الشرسة ضد المكون السني .
فقد نشرت قناة "العربية" الخبر بعد حين بطريقة يظهر فيها جليا محاولة القناة تبرئة ساحة قوات العبادي ومليشياته الصفوية من الجريمة !!
وجاء نص خبر "العربية" كالتالي : "نفت القوات العراقية مسؤولية عناصرها عن دهس شخص بدبابة إثر مقطع منتشر يوثق الحادثة، متهمة عناصر داعش بتنفيذ العملية , وكانت صور مسربة تناقلها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت من قيل إنهم عناصر من الجيش العراقي يعدمون طفلا في الموصل ثم يقومون بدهسه بالدبابة" .
ومع كثرة الردود التي يمكن سردها في هذا المقام لإثبات تورط الحشد الصفوي وقوات العبادي بمثل هذه الجرائم البشعة , إلا أني سأكتفي برد جاء على حساب يحمل اسم "أحرار العراق" على "تويتر" جاء فيه : أول حساب نشر مقطع سحق الطفل بالدبابة هو لشخص يدعى محمد علي , وهو موالي للعصائب ونشره في مجموعة (حوارات بين المذاهب الإسلامية) وقام بحذفه لاحقا .
لا يبدو أن تكرار مشهد دهس الطفل السني على يد مرتزقة إيران سيكون الأخير إذا ما استمر غياب تحالف الدول السنية في المنطقة لمواجهة المشروع الصفوي الذي يحلم باستعادة أمجاد الامبراطورية الفارسية التي أزالتها خيول الصحابة الكرام في عهد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين.