الاول: تقدم ما فعلته على سبب وجوبه وهو ممنوع، فالفدية سببها الفطر ولم يقع، وزكاة الفطر سببها الطهرة لما وقع في الصيام ومواساة الفقراء ليلة العيد ولم يأت وقت ذلك، فإخراج الزكاة حينها تقديم لها عن سبب وجوبها كصلاة الفريضة قبل وقتها لا تجزئ عن المكتوبة، وكذلك لا تجزئ عن فدية الصيام بل لا تجزئ عن الأيام التي أفطرتها قبل إخراجها، وذلك لكونك لم تتحقق من إعطاء كل مسكين نصف صاع أو حتى مداً أو مقدار ما يشبعه، وكذلك للأمر الآتي ذكره، وهو:
الثاني: إخراجها لغير مستحقيها، أو من جهلت استحقاقه لها، فزكاة الفطر وفدية الصوم تعطى الفقراء والمساكين، والذين يرتادون المخابز يكثر فيهم من ليسوا بفقراء ولا محتاجين، بل ولا مسلمين، فلا تبرأ ذمتك وأنت لم تعلم بحال من أخذ صدقتك، إذ وجوب الإخراج ثابت في الذمة، ووفاؤك به غير معلوم الثبوت.
ثم اعلم وفقك الله أن في إخراج الخبز عن زكاة الفطر خلاف قوي فبعض أهل العلم على أنه لا يجزئ؛ لكونه لا يكال ولا يدخر، فلا يُقَدَّر صاعه، ولا تكمل المنفعة به؛ وذلك لكون الناس إذا أخرجت الخبز فقد يتراكم عند الفقير خبز يتلف عليه ولا يستفيد منه، والزكاة طهرة للباذل ومن غرضها انتفاع الفقير بها في يوم العيد على سبيل الأولى وكذلك بعده.
وعليه فالذي نراه لك إن كنت ذا سعة أن تعيد إخراج فدية الصيام وكذلك زكاة الفطر، وما سلف لن يضيع عند الله ولن تعدم فيه أجراً إن شاء الله، ففي الحديث المتفق عليه: (في كل كبد رطبة أجر)، وأما إن كانت بك خصاصة أو حاجة فلعلك تعذر بعدم علمك وحسن قصدك، والله يغفر لنا ولك، والحمد لله رب العالمين.