بعد تضارب وتخبط في البيانات والتصريحات حول المسؤول عن قتل القيادي في الحزب وزعيم عصابة نصر اللات في سورية مصطفى بدر الدين , خرج بيان الحزب اليوم ليلقي المسؤولية على فصائل الثورة السورية المسلحة .
وخرج بيان الحزب المقتضب ليقول صباح اليوم : إن الانفجار الذي أدى إلى مقتل القيادي بالحزب مصطفى بدر الدين ناجم عن قصف مدفعي "للجماعات التكفيرية" – حسب وصف البيان – بعد أن وعد نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم بالأمس أثناء تشييع "بدر الدين" جمهور الحزب "بإعلان سبب الانفجار ومن هي الجهة المسؤولة خلال ساعات .
وكانت الأنباء قد تضاربت منذ الإعلان عن مقتل أحد أبرز قادة مليشيا حزب اللات في سورية "بدر الدين" حول الجهة المسؤولة عن قتله , فبينما سارعت قناة الميادين الموالية للحزب إلى إعلان وقوف "إسرائيل" وراء اغتياله ، وقالت في خبر عاجل على شاشتها : إنه قتل إثر غارة "إسرائيلية" على مقر إقامته قرب مطار دمشق الدولي …. نفى الحزب في بيان أولي خبر "الميادين" قائلا : إن بدر الدين قتل ليل الثلاثاء في انفجار كبير "استهدف أحد مراكزنا قرب مطار دمشق الدولي"، لكن البيان لم يحدد طبيعة الانفجار .
وتبقى الحقيقة الساطعة التي يحاول الحزب وأسياده في طهران طمسها هي أنهم لا يكتفون بالكذب على العالم فحسب , بل ويكذبون على أتباعهم الذين أصبحوا وقودا للنار التي أوقدوها – ويوقدوها – في أكثر من بقعة من ديار المسلمين من أهل السنة , فكلما انتهى دور أحد هؤلاء الأتباع أو احترقت ورقته , تمت تصفيته بدم بارد وبظروف غامضة , وألصقت تهمة اغتياله وقتله بجهة ما تخدم مصالح المشروع الصفوي , وتضمن استمرار الحرب التي أشعلها زبانية هذا المشروع في المنطقة .
لم يعد مهما في نظر الحزب وأسياده في طهران أن يكون كذبهم مدروسا ويمكن تصديقه أم لا , ولكن المهم أن تبقى أكذوبة المقاومة والممانعة وأسطورة الدفاع عن أماكنهم وأضرحتهم ومزاراتهم المقدسة …ذات فاعلية وتأثير على أتباعهم , فهؤلاء الأتباع هم أولا وأخيرا وقود المشروع الصفوي في المنطقة , ومطية ملالي قم للوصول إلى أهداهم الخبيثة .
ومن هنا لم يكترث نصر اللات بفجاجة كذبه حين زعم أن الطريق إلى بيت المقدس يمر عبر استباحة مدن وبلدات ريف دمشق والقلمون وغيرها من مدن وقرى سورية , كما لم يجد غضاضة في الاستمرار بأضحوكة مقاومتهم للمشروع الأمريكي في سورية في الوقت الذي يعقد أسياده في طهران الصفقة تلو الأخرى مع "الشيطان الأكبر" !!
لقد وجد الحزب أن الرواية الأكثر خدمة لمشروع أسياده في المنطقة بشأن الجهة المسؤولة عن قتل زعيم عصابتهم في سورية "مصطفى بدر الدين" هي تحميل فصائل الثورة السورية المسلحة المسؤولية , علها تساهم في حشد المزيد من أتباعه في المحرقة السورية التي بدأ الكثير منهم يشكك في جدواها على المدى العاجل والآجل .
كثيرة هي التحليلات التي تناولت الجهة التي يمكن أن تكون مسؤولة عن مقتل "بدر الدين" :
1- فمن جهته ذكر حساب المغرد اللبناني الشهير "منشق عن حزب الله" أن مقتل "بدر الدين" كان في معارك في قرية خان طومان جنوب مدينة حلب ، وليس بغارة "إسرائيلية" – أو بقصف مدفعي من المعارضة – كما يزعم نصر الله ليخفي عن بيئته الحاضنة خيبته وفشله في سوريا……. مضيفا : أصبحت خان طومان اسمها خان لطمان بسبب كثرة خسائر إيران".
2- بينما توجه تقرير معهد واشنطن للدراسات الذي أعده ماثيو ليفيت مدير برنامج "ستاين" للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن والباحث نداف بولاك : بأصابع الاتهام بتصفية "بدر الدين" إلى حزب الله نفسه ؛ وذلك نظرا للشائعات حول الأداء الضعيف للأخير وإهماله، وعدم استقراره، وتهوره في السنوات الأخيرة . والحقيقة أن هذا التوجه دعمه موقع "ديبكا" الصهيوني الذي أشار إلى احتمال أن تكون خلافات المقتول وتنافسه مع مسؤوليين سوريين وإيرانيين كبار، وأبرزهم قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني هو السبب وراء مقتله .
3- لم تستبعد وسائل إعلام لبنانية احتمالية تورط النظام السوري في عملية اغتيال بدر الدين لإخفاء آخر خيوط اغتيال الرئيس رفيق الحريري , خاصة وأن المحكمة الدوليّة الخاصة بلبنان قد وجهت اتهامات لبدر الدين بالمشاركة بعملية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في شباط/ فبراير 2005.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار تساقط قائمة المتهمين باغتيال الحريري ومن تدور الشكوك حول اشتراكهم في القضية تباعا عبر عمليات اغتيال في ظروف غامضة فإن وجاهة هذا الاحتمال تبدو ظاهرة .
لقد تمت تصفية القائد العام لأركان حزب الله عماد مغنية – زوج شقيقة مصطفى بدر الدين – في عام 2008 بتفجير عبوة ناسفة زرعت أسفل سيارته في حي كفر سوسة بدمشق، وتم اتهام "إسرائيل" بالوقوف وراء الاغتيال وسط صمت صهيوني , ليلحق به "حسان هولو اللقيس" الذي قتل أمام منزله بعد إطلاق الرصاص عليه عام 2013 ثم انسحاب المنفذين الذين ظلوا مجهولين حتى يومنا هذا.
واستمر مسلسل تصفية قائمة المتهمين باغتيال الحريري بحسب مراقبين حتى وصل الدور على اللواء "رستم غزالة" الذي قتل في ظروف غامضة عام 2015 في دمشق , وهو أحد الصناديق السوداء لقضية اغتيال الحريري بسبب شغله منصب مدير المخابرات السورية في لبنان في الفترة التي اغتيل فيها رفيق الحريري.
4- ويبقى هناك احتمال كرته المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري التي قالت : إنها تدرس خبر الإعلان عن اغتيال بدر الدين بحذر، خوفا من أن يكون إعلانا يهدف إلى إخفائه ومن ثم تبديل أوراقه الثبوتية، أو ربما تغيير ملامحه المعروفة بشكل عام.
وتؤكد مصادر المحكمة أن محاكمة بدر الدين ستستمر غيابيا حتى يتسنى للمحكمة التثبت من أنه لقي حتفه فعلا وفق الأصول القضائية ، ومن أهمها فحص الحمض النووي بدقة.
أيا كان المسؤول عن قتل "بدر الدين" وأيا كانت دوافعه , فإن اللافت في الأمر هو استمرار كذب الحزب وأسياده على أتباعه والناس أجمعين بشأن الفاعل , حيث يبدو أنه يتغير ويتبدل حسب مصلحة المشروع الصفوي , فقد أصبح اتهام فصائل الثوار في سورية أكثر تحقيقا لمصلحة الرافضة من اتهام الكيان الصهيوني….. وهو ما يؤكد أن كذب الحزب وملالي قم ليس له حدود .