أثار الصعود الواسع للمرشح عن الحزب الجمهوري للرئاسة في أمريكا دونالد ترامب, خوفا واسعا من عودة نهج الزعيم الألماني النازي هتلر للسياسة من جديد وتأثير ذلك على الأوضاع العالمية التي تشهد اضطرابات كبيرة وعنفا متزايدا…
الخوف هذه المرة لا يسيطر فقط على الدول الأقل قوة والاضعف ولكنه يسيطر على الجميع حتى داخل الولايات المتحدة نفسها في وقت بدأ يقترب دونالد ترامب من مقعد الرئاسة…
دونالد ترامب يتصدر مرشحي الحزب الجمهوري وهو الأوفر حظا في الفوز بترشيح الحزب للانتخابات الرئاسية كما أن كثيرا من الاستطلاعات ترجح كفته على وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون الأوفر حظا لنيل ترشيح الحزب الديمقراطي الذي ينتسب إليه الرئيس الحالي باراك أوباما…
الرئيس الحالي أوباما وجه انتقادات لاذعة لترامب ولنهجه الاستئصالي العنصري وأكد أنه لا يمكن أن يجلس على مقعد الرئيس بهذه الأفكار ولكن ترامب لم يأبه بهذه الانتقادات وواصل حملته مستغلا ظاهرة "الإسلاموفوبيا" وجميع الظواهر المرضية التي استفحلت في المجتمعات الغربية في الفترة الأخيرة..
ترامب ركز في حملته على أنانية الرجل الأبيض وعدم اكتراثه بما يجري حوله في العالم إلا إذا أضره أوأثر على رفاهيته ووجه هجومه على المسلمين منتهزا حالة الحرب العالمية ضد تنظيم داعش والتفجيرات الأخيرة في عدد من العواصم الغربية والهجرة الواسعة التي تشهدها عدد من الدول العربية والإسلامية في اتجاه الغرب…
كما شن هجوما على السود في أمريكا مستغلا الصراع التاريخي الذي لم يخمد بعد بين البيض والسود في البلاد والذي كان من تداعياته المظاهرات التي شهدتها عدة ولايات ضد تعسف الشرطة ضد السود وقتل عدد منهم دون محاكمة وما أثارته من انقسام في المجتمع..ولم يكتف بذلك بل صب جام غضبه على الأمريكيين المنحدرين من أصول لاتينية ودعا إلى عزل قاض من منصبه لأنه لاتيني واستخدم إحدى عبارات الزعين الإيطالي موسوليني وهي "أن تعيش يوما واحدا كأسد أفضل من أن تعيش 100 سنة كحمل"…
وكان موسوليني رفيق درب هتلر في الحرب العالمية الثانية التي أدخلت العالم في كارثة غير مسبوقة استمرت لأربعة أعوام…
لقد وصل هتلر لحكم ألمانيا بعبارات ونهج مشابه لترامب وكانت ألمانيا وقتها في حالة من القوة والصعود وتمكن من غزو عدة بلدان في أوروبا ونفذ العديد من المذابح شملت جميع الأجناس غير النقية على حسب وصفه وكان يريد السيطرة على العالم عن طريق استخدام القوة وهو نفس نهج الزعيم الجديد القادم إلى البيت الأبيض…
لقد شهدت أمريكا في السنوات الأخيرة تجربة تمهيدية للحكم النازي على أيدي المحافظين الجدد ومثلهم وقتها جورج بوش الذي أطلق الحرب على ما أسماه وقتها "الإرهاب" وصاح قائلا "من ليس معنا فهو علينا" ولا يزال العالم يعاني حتى اللحظة من مغامراته في العراق وأفغانستان واليوم تعود إلى أمريكا التجربة أكثر توحشا ووضوحا..
الهلع الذي يمثله ترامب جعل عدد من الصحف الأمريكية تدعو اليوم إلى إسقاطه فيما يسمى بالثلاثاء الكبير حيث سيتم تحديد بشكل كبير المرشح الفائز عن كل حزب…
لقد قالت واشنطن بوست: إن الجمهوريين يواجهون اليوم تحديا أخلاقيا بشأن ما إذا كانوا سيعارضون دونالد ترامب "المتعصب والعنصري والذي يبث الكراهية ويعادي النساء والمسلمين واللاتينيين ويتحالف مع المنظمات الإرهابية مثل كو كلوكس كلان". ونقلت الصحيفة عن أحد قادة الجمهوريين قوله إن تأييد ترامب أو عدم تأييده لم يعد خيارا سياسيا "إنه خيار أخلاقي. هذا الرجل شرير، أن تؤيد ترامب يعني أنك تؤيد العنصرية وكراهية الآخر". وأضاف القيادي الجمهوري أنه من الأفضل للحزب الجمهوري أن يخسر الانتخابات من أن يخسر المبادئ الإنسانية "لأن بإمكاننا كسب انتخابات قادمة، لكن من المؤكد أننا لن نستعيد مبادئنا وأخلاقنا".
ودعت واشنطن بوست في افتتاحيتها الناخبين إلى عدم مكافأة ترامب على هجومه على الديمقراطية اليوم. وشرحت لمن يقولون إن ترامب لم يخالف الديمقراطية لأنه سيأتي إلى الرئاسة عن طريق صندوق الانتخابات، أنهم ليسوا بحاجة للعودة للتاريخ ليعرفوا أن بالإمكان تقويض الديمقراطية بصندوق الانتخابات كما فعل أدولف هتلر، بل أن ينظروا إلى ما يجري في عالم اليوم في بعض البلدان وصعود ديكتاتوريين بالطرق الديمقراطية إلى سدة الحكم. وقالت إن ترامب أكد بما لا يدع مجالا لأي شكوك أنه لن يتقيد بالقيود التي ينص عليها الدستور على السلطة التنفيذية ,واضافت, أنه سيوسع أعمال التعذيب، وسيستخدم سلطاته للانتقام من معارضيه، وسيطرد ملايين المهاجرين، ويحط من قدر النساء، والمكسيكيين، والمسلمين، ويقرّب إليه المنظمات الإرهابية البيضاء.