ولعل هذا ما يثير الريبة والشكوك يوما بعد يوم حول ممارسات ما يسمى “تنظيم الدولة الإسلامية” الذي تبنى هذين التفجيرين في بيان له على مواقع التواصل , حيث يمنح الحوثيين شرعية استكمال السيطرة على باقي محافظات اليمن باسم ” محاربة الإرهاب” , ناهيك عن الزخم الرافضي الذي يحتاجه الحوثيون في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى , والذي تحصلوا عليه من الظهور بمظهر المظلوم والمستهدف من المكون السني .
إن من يراقب ويتابع ممارسات هذا “التنظيم” في كثير من الدول الإسلامية , يلاحظ بوضوح أنها لا تصب – وأمثالها في كل من سورية والعراق وليبيا وتونس – إلا في مصلحة أعداء الإسلام والمسلمين , وإلا فلماذا يتبنى التنظيم العملية بعد أن نفى تنظيم أنصار الشريعة – فرع تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب والمعني بالمواجهة مع الحوثيين وأمريكا – مسؤوليته عن الهجوم ، وتأكيده الالتزام بوصية عدم استهداف المساجد والأسواق والأماكن المكتظة بالمدنيين ؟
لقد ظهرت فورا نتائج هذه العملية التي تبدو الأصابع الرافضية فيها بادية وظاهرة , فها هي جماعة الحوثي تستكمل استعداداتها العسكرية لدخول المحافظات الجنوبية بالتحالف مع القوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح .
وقد أكدت مصادر أمنية أن الحوثيين يواصلون تعزيز وجودهم العسكري في تعز التي سيطروا على عدة أجزاء منها منذ يوم السبت الماضي ، وقد وصل إلى مطار تعز مساء أمس الأحد 218 حوثيا يرتدون زي قوات الأمن الخاصة .
كما أن عشرات الدبابات وناقلات الجند ومصفحات تواكبها طائرات مروحية قد شوهدت تمر من ذمار ويريم وسط اليمن ، متجهة إلى الضالع وتعز في وقت سابق الأحد ، في حين سيطرت قوات من الحوثيين فجر اليوم على مطار مدينة تعز بقسميه العسكري والمدني .
وإذا أضفنا إلى هذه التطورات العسكرية الخطيرة القرار الذي أعلنته ما تسمى “اللجنة الثورية” التابعة للحوثيين حول التعبئة العامة لمواجهة ما تسميه “قوى الشر والإرهاب” في محافظات الجنوب , وتأييد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في كلمة متلفزة الأحد مساء هذا الإعلان ، داعيا لرفد المعسكرات بالمقاتلين وحشد الدعم المادي والإعلامي , فإن نوايا الحوثيين باستكمال السيطرة على ما تبقى من اليمن تبدو واضحة لا تحتاج إلى أي دليل أكثر مما يجري على أرض الواقع .
وإذا أضفنا إلى كل ما سبق سحب الولايات المتحدة الأمريكية لجنودها المتمركزين في قاعدة “العند” الجوية بمحافظة لحج جنوب اليمن , والتي كانوا يديرون منها غرفة تحكم بالطائرات بدون طيار لاستهداف عناصر ومواقع القاعدة , والذي يشير بوضوح إلى تواطؤ أمريكا مع المشروع الإيراني في اليمن , والسماح للحوثيين بتنفيذ مخططاتهم , بل والتعاون معهم في مواجهة عناصر القاعدة ومسلحي القبائل من خلال هجمات الطائرات بدون طيار …..فإن الخطر الحوثي على الدول السنة – وخصوصا الخليجية منها – يزداد يوما بعد يوم , ويتجاوز الخط الأحمر بمراحل عديدة , الأمر الذي لا ينبغي السكوت عنه بأي حال من الأحوال .
لقد أحسنت دول الخليج حين تدخلت في البحرين – بعد طلب رسمي من السلطات البحرينية – في منتصف شهر مارس من عام 2011م , وأنقذت هذا البلد من بوادر مشروع رافضي إيراني كان قد بُدأ في تنفيذه باسم “المظاهرات” وركوب موجة ما يسمى “الربيع العربي” .
وعلى الرغم من الاختلاف بين البحرين واليمن في كثير من الجوانب , إلا أن ذلك لا ينفي خطورة الوضع في اليمن الآن , وضرورة التدخل العاجل والسريع قبل فوات الأوان , خصوصا بعد دعوة اليمن رسميا دول مجلس التعاون الخليجي، للتدخل بقوات درع الجزيرة في اليمن ، وذلك بهدف وقف التمدد الحوثي المسنود من إيران .
فقد قال الدكتور رياض ياسين وزير الخارجية اليمني الجديد : “إنه جرى مخاطبة كل من مجلس التعاون الخليجي ، والأمم المتحدة ، وكذلك المجتمع الدولي ، بأن يكون هناك منطقة طيران محظورة ، وأن يمنع استخدام الطائرات العسكرية في المطارات التي يسيطر عليها الحوثيون” وأضاف ” نطالب بأن تتدخل قوات درع الجزيرة لوقف هذا التمدد الحوثي بمساندة إيرانية” . مشيرا إلى أن ما حصل في مدينة تعز أمس ، سيسهل على الحوثيين الاستيلاء على مطارات أخرى وبنفس التكتيك ، وصولا إلى عدن .
لقد تأخر أوان تدخل الدول السنية – وعلى رأسها دول الخليج – في الأزمة اليمنية , وكان كل تأخير في هذا التدخل يزيد من جراح المسلمين من أهل السنة , ويعزز من قبضة الحوثيين والرافضة .
فهل سيتدخل درع الجزيرة لإنقاذ ما تبقى من نفوذ لأهل السنة فيها بعد طلب السلطات الرسمية في اليمن التدخل بشكل صريح ؟ّ!