الأثر الأول: أن عقد الاكتتاب في البنك الأهلي عقد غير صحيح، والعقد غير الصحيح هو ما لا يعتبره الشرع ولا يترتب عليه مقصوده، أو هو ما لا يكون مشروعاً وصفاً(1).
الأثر الثاني: أن من اكتتب في البنك الأهلي فإن عقده يكون باطلاً أو فاسداً، وجمهور العلماء عدا الحنفية لا يفرقون بين الفاسد والباطل هنا، قال ابن قدامة: (الباطل: هو الذي لم يثمر، والصحيح الذي أثمر، والفاسد مرادف الباطل فهما اسمان لمسمى واحد)(3).
الأثر الثالث: إذا حرم الاكتتاب في البنك الأهلي لكونه عقداً فاسداً فإن التحريم يستمر حتى ولو عصى المسلم ربه ودخل فيه، ودخوله فيه لا يصيِّره عقداً مباحاً ولا صحيحاً، فلا يحل له الاستمرار والمضي فيه سواء طرأ عليه الفساد أم كان فاسداً من الأصل؛ لأن المضي والاستمرار في الفاسد والمحرم مضادة لله عز وجل؛ بل يجب أن يقطعاه، وأن يعود لكل منهما ماله الذي كان له قبل العقد؛ فالحق سبحانه إنما حرم هذا الشيء وأفسده لئلا يرتكبه الناس، والمضي فيه ارتكاب له، واستثنى بعض العلماء من ذلك الحج والعمرة. ويحرم المضي فيما فسدا إلا بحج واعتمار أبداً(6).
الأثر الرابع: من اكتتب في البنك الأهلي جاهلاً حكم الاكتتاب فيه أو بتأويل أو بناء على فتوى عالم ثم تبين له الصواب في التحريم، ولمَّا يتم قبض الأسهم بعد فإنه لا يجوز له قبضها، وليس له إلا رأس ماله الذي دفعه أثناء الاكتتاب، وهذا قول جمهور العلماء من الحنفية(7)، والشافعية(8)، والحنابلة(9)، وبعض المالكية(10).
الأثر الخامس: من اكتتب في البنك الأهلي عالماً بالتحريم عاصيا لله بفعله ولم يقبض الأسهم بعد فلا خلاف بين العلماء على أنه يجب عليه فسخه، ولا يترتب على الاكتتاب أي حكم شرعي من ملك ونحوه.
الأثر السادس: من اكتتب في البنك الأهلي عالماً بالتحريم وقبض الأسهم لم يثبت للمكتتب ملك شرعي على الأسهم، ولم يثبت للبنك ملك على الثمن، ويجب على المكتتب فسخ العقد واسترداد ثمنه، وهذا قول جمهور الفقهاء من الشافعية(28)، والمالكية(29)والحنابلة في الصحيح من المذهب(30)، والظاهرية(31)، وبعض الحنفية(32).
الأثر السابع: لو نشب خلاف بين المكتتب والبنك وعرض العقد على القضاء وجب على القاضي فسخه من أساسه جبراً عليهما حقاً للشرع، وقد نص على ذلك فقهاء الحنفية(48).
الأثر الثامن: أن الأسهم المقبوضة بالاكتتاب في البنك الأهلي تبقى مقبوضة بعقد فاسد أبداً ولو تطاول عليها الزمان، ولا يثبت فيه الملك بذلك ويجب فسخه، والتخلص من الربا والخروج منها، ولو كان مضى عليها سنين عدداً، وهذا قول الشافعية(49)، والحنابلة(50)، والظاهرية(51).
الأثر التاسع: أن جميع التصرفات الواردة على الأسهم كالتداول بالبيع والشراء والهبة ونحوه باطلة ولا ينفذ، وهذا مذهب الشافعية(56)، والحنابلة(57)، والظاهرية(58)، لأنه إذا لم يثبت له الملك على الصحيح -كما سبق- وهو الأصل- لم يثبت له صحة التصرف -وهو الفرع عن ذلك الأصل-، والعلماء مجمعون على وجوب الفسخ -كما سبق- وتصرفه في الأسهم مضادة لشرع الله ونهيه، واستمرار عليه، والشارع قد أمر برد المقبوض -كما في قصة بلال- وتصحيح التصرف يناقض هذا كله.
الأثر العاشر: إذا لم يمكنه فسخ العقد واسترداد رأس ماله ورد الأسهم إلى البنك بعد اكتتابه فيه، فإن المكتتب ليس أمامه إلا أحد طريقين إما أن يتخلص منها بالبيع ويأخذ منها رأس ماله، ويتصدق بالربح بنية التخلص لا التقرب إن كان هناك أرباح أو يتركها أبداً في محفظته ولا يستثمرها ولا يستفيد منها بشيء، وهذه المسألة إحدى نوازل العصر ويتراودها عدة إشكالات، وذلك أن القول بتركها في البنك هو تقرير للفساد والحرام، ثم ربما يترتب عليه أنه لو مات ورثها من بعده ورثته فقبضوا تلك الأسهم ويستمروا عليها.
DefSemiHidden="true" DefQFormat="false" DefPriority="99"
LatentStyleCount="267">