في حربها على كل ما هو "إسلامي" شنت وسائل الإعلام المصرية حربا ضروسا على حركة المقاومة الإسلامية حماس..
ولم يقتصر الهجوم على وسائل الإعلام المستقلة التي يمولها عدد من رجال أعمال نظام مبارك المخلوع والذين يقاتلون من أجل عودة أيامه التي كانت أيام عز ورخاء لهم, بل تعدى ذلك لوسائل إعلام حكومية تناصب العداء حتى هذه اللحظة للتيار الإسلامي بما فيه النظام الحاكم في البلاد وهو أمر فريد من نوعه حيث كانت تنبطح للنظام البائد رغم عدم تعبيره عن إرادة الشعب وتزويره لها, وعندما جاء نظام بإرادة شعبية حقيقية تعمل ضده بدعوى "حرية الرأي" و"الشجاعة في اتخاذ المواقف" فيالها من شجاعة!…
بدأت الحرب عندما نشرت مجلة الأهرام العربي المملوكة للشعب المصري, اتهامات لحركة حماس بأنها وراء اغتيال 16 عسكريا مصريا في رمضان الفائت خلال هجوم مسلح في سيناء وقد نفت الحركة الاتهامات جملة وتفصيلا وأكدت أنها ستقاضي المجلة وتزامن هذا مع شن الجيش المصري هجوما على الأنفاق التي تمثل رئة الحياة للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لجريمة لم يشهدها التاريخ المعاصر حيث يفرض عليه الاحتلال حصارا مشددا يمنع فيه دخول ضروريات الحياة.. وانتقدت الحركة هذا الهجوم في ظل عدم تفعيل الحركة في المعابر بشكل طبيعي تتيح تدفق السلع الضرورية على غزة..فحماس بمنتهى الوضوح لا يهمها الأنفاق في حد ذاتها ولكن تريد فك الحصار اللاإنساني عن طريق فتح المعابر بشكل قانوني ومع ذلك خرجت أجهزة الإعلام لكي تهاجم حماس وتشيع وجود خلافات بين النظام الرسمي والجيش في مصر بسبب حماس وللحقيقة أن هناك ارتباكا في ممارسات الحكومة والرئاسة نتيجة لأمور كثيرة بعضها يرجع لضعف أدائهما والبعض الآخر يرجع لتشابك المشهد السياسي الداخلي ومحاولات المعارضة المستمرة لإشعال الأوضاع؛ مما أدى إلى عدم حسم قضية المعابر…
وعندما اتخذ الجيش قرار هدم المعابر لاعتبارات أمنية حقيقية ترجع لاستخدامها من قبل عناصر مخربة تابعة لمنظمات تهدف لإضعاف الأمن القومي المصري وإفساد العلاقة مع المقاومة الفلسطينية ظهر أن هناك خلافا بين مؤسسة الرئاسة والجيش بشأن حماس وقد حاولت المعارضة استخدام هذه الشائعات لضرب النظام الحاكم وحركة حماس معا وأشاعت أن النظام لا يهتم بأمن البلاد ويجامل حماس رغم أن القضية إنسانية في المقام الأول وتعاطف مع أهل غزة ناشطون من غير دين الإسلام جاءوا من أقاصي الأرض لنصرتهم ودعمهم..
لقد أصبح الدفاع عن حماس الآن وحقها في رفع الحصار والمقاومة المشروعة عن أرضها المغتصبة نوعا من "الإرهاب" ولم يشر أحد منهم لأصابع العميل الصهيوني محمد دحلان والذي أكد العديد من المحللين أن العناصر التابعة له ترتبط بعناصر مسلحة في سيناء منذ عهد مبارك الذي كان يفتح ذراعيه لهذا العمبل هو وأجهزة إعلامه الفاسدة التي طالما أثنت عليه وأفسحت له الساعات والصفحات لكي يكيل الاتهامات للمقاومة ضد الاحتلال ..دحلان الذي أكدت منظمته التي ينتمي إليها ـ منظمة فتح ـ أنه متورط في أعمال إجرامية وفساد واسعة كان ولا يزال يلقى الترحيب من الإعلام المصري الذي يشن حملة تشويه واسعة بالباطل ودون أسانيد على حركة حماس لالشيء سوى أنها ترفع راية "المقاومة الإسلامية" وترتبط بعلاقات وطيدة مع النظام الحاكم حاليا في مصر…
لقد تطور الوضع إلى محاولة الهجوم على مقر جماعة الإخوان في القاهرة بدعوى وجود لقاء سري مع قيادات من حماس ولا أدري كيف يكون اللقاء سريا ويقام في المقر الرسمي للجماعة؟!ثم ما الخطأ في عقد لقاء مثل هذا؟! لقد تصاعدت الأحداث وأعمال العنف بحجة أن شباب الإخوان هاجموا المتظاهرين السلميين وبعضهم من الصحفيين وأنا حتى الأن لم أرى أي تظاهر سلمي امام مقرات جماعة الإخوان فلقد تم حرق أكثر من 30 مقرا بمباركة القوى السياسية "السلمية" ولم نشهد عُشر الإدانات التي خرجت بعد الهجوم الجزئي على مقر واحد لحزب الوفد العلماني..العبث ما زال يسيطر على القوى السياسية المصرية المعارضة ومن ورائها أجهزة إعلام تفتقد لأبسط القواعد المهنية وتسعى للتخريب وإشعال الفوضى بشكل منقطع النظير وتستبيح في ذلك واحدة من أهم القضايا العربية وهي القضية الفلسطينية مما يدل على مدى التدهور الأخلاقي الذي أصاب هذه النخبة التي تؤكد يوما بعد يوم سوء نيتها وتخبطها وانتهازيتها ومحاولة الصعود ليس فقط على جثث الأبرياء والضعفاء من أبناء وطنها بل على جثث الأرامل والأطفال الذيم يعانون الأمرين في غزة.