تشتكين من شدة غيرة أخت زوجك منك , وتصفين درجات مختلفة من غيرتها , وأنك لاتطيقين ذلك وقد ضاق صدرك وسول لك الشيطان أمورا , وأحاول معك أن ننظر لشكواك من زوايا مختلفة لنصل لرؤية أخرى لشكواك ومشكلتك لعل الله أن يهونها عليك ويفرجها عنك .
أولا : أذكرك ابتداء بما قد يهون عليك وعلينا جميعا أي نوع من المشكلات التي قد تمر بنا , فإن الدنيا سريعة الانقضاء , فاليوم يجري وراء اليوم , وما نلبث ونرى الشيب يغزو مفارقنا والمرض يدق أبوابنا كنذير للموت والرحيل , ولن ينفعنا عندها سوى الصالحات , قال الله سبحانه ” والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا ” , فنحن جميعا في غفلة ايتها الأخت الحبيبة , فالأمس كانت سنة ماضية من حياتنا والغد سنة مقبلة سرعان ما تنتهي , عن ابن عمر قال رسول الله (صلى الله علية وسلم ) ” كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل ” وكان ابن عمر يقول ” إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك ” رواه البخاري , فتدبري في هذا الحديث الشريف لتعلمي كم هي قليلة وزائلة .
ثانيا : مثل هذة الأمور التي تتحدثين عنها من غيرة أخت زوجك منك ومثالها , عليك أن تفرحي لها لا تحزني منها , إنها بنظري دليل على أن فعلك جميل وسلوكك حسن مرغوب فيه أن يقوم الناس بتقليده والتشبه به , فإن تفكيرك وتصرفاتك وأفعالك مع زوجك قد لفتت نظرها فأرادت تقليدها , فدعيها تقلدك وتأخذ منك كل عمل تعمليه واسعدي من قلبك انك تحصلي ثوابين معا .
إنها إن أفادت منك بشيء ينفعها فسوف تجدي اثر كل عمل تقلدك فيه يوم القيامة كقدر من حسنات , فقط يبقى منك أن تصلحي نيتك وتجعلي أجر ذلك عند ربك الرحيم العظيم
ثالثا : صححي نيتك وطهري قلبك من هذه التداخلات الشيطانية , حتى على فرض كونها تريد استفزازك فعلا , إن الإسلام العظيم قد أمرنا بكظم الغيظ عند الغضب , كما أمرنا بالعفو والصفح ” فقال سبحانه :” والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين “, فاتركيها وشأنها وعامليها بما يرضي الله , واسألي ربك , وأفسحي صدرك لاحتواء المواقف لا الغضب منها , فالشيطان يكبر الصغير في عينيك ليدعوك للتصارع والنزاع , ولن ينتهي بك إلا إذا أفسد عليك بيتك وأسرتك .
رابعا : أختي الحبيبة : انتبهي أن هذه التي تتحدثين عنها هي أخت زوجك , وليست إنسانة غريبة عنه , إنها شقيقته وقريبته , فدمها من دمه وروحها من روحه , فلا تضعي نفسك أمامها في ميزان فقد تضعين نفسك في مأزق قد لا تظنينه ولا تتحملينه , خذيها بالحسنى , وتقربي إليها بكلمة طيبة أو هدية من مالك الخاص , وقولي لها عندما تقدميها : لقد ادخرت هذا المبلغ كي أقدم لك هذه الهدية لعلك تقبليها مني , يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ” تهادوا تحابوا”
أختي الفاضلة ..
لقد زرت احدي مستشفيات زرع الكلى , فوجدت أن أكثر من يتبرع هن أخوات يتبرعن لإخوانهن , رأيت مريضا وكان له أختان, وكانتا تتعاركان ايتهما تتبرع له بكليتها , حتى تمت الموافقة للأخت صاحبة الأولاد الأقل عددا حتى أصبح في أحسن حال , هذه هي أخته انظري كيف تضحي الأخت لأخيها ! فاستغلي حبها له في تحسين علاقتك معها , وتحدثي عنها في غيبتها ومن أمامها بأحسن الألفاظ والمعاني , وكما قلت لك احتضنيها واعملي لله فابتسامتك في وجهها صدقة , زيارة لها مع زوجك ببعض ما تحب صلة رحم , كلمة طيبة , سؤال بالتليفون , دعاء لها بظاهر الغيب ان يصلح بينكما .
اختي ان كنت تريدين ان تفوزي برضا الله ورضا زوجك أحسني لأمه ولأخته ولأبيه ولإخوانه جميعا وافعلي كل ما في وسعك لإرضائهم ولو على حساب سعادتك , فإن الله لا يضيع عملك ولكن يحفظه لك يوم لقائه , يقول الله-تعالى- ” وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا ” المزمل 20