تشن الكنيسة القبطية في مصر-منذ نحو شهر- حملة إعلامية شرسة ضد المفكر المصري المعروف الدكتور محمد سليم العوا، وتستعدي عليه السلطات العليا وبخاصة الرئيس حسني مبارك.فهم يزعمون أن العوا يثير فتنة طائفية ويهدد الوحدة الوطنية-إلى آخر معزوفاتهم النمطية المكرورة إزاء كل من لا يذعن لمآربهم الماكرة-. كما اتهموه بالتطاول على الصليب والأنبا بيشوي، وتحريض العامة على استهداف الكنائس والمسيحيين…ووصفوه بأنه غير شريف ورجل مريض فكرياً….
هذا مع العلم أن الدكتور العوا اشتهر بعلاقاته الوطيدة مع القبط من رجال دين وغيرهم، وله نشاط واسع ومستمر في ملاطفتهم، فهو لا يصفهم إلا بوصف "الإخوة"، بل إنه يفاخر بأنه انحاز إليهم بوجه أهله المسلمين في وقائع حساسة ومحطات شائكة مثل قضية الكشح قبل سنوات….
فما السر وراء الانقلاب المفاجئ بين الطرفين بعد صلات ود وتناغم عمرها بضعة عقود من السنين؟
السبب الفعلي وراء الهجمة الصليبية الضارية على العوا، يرجع إلى ظهوره في برنامج (بلا حدود) الذي تبثه قناة الجزيرة القطرية، حيث انتقد-وهو رجل قانون متمرس-انتقد احتجاز الكنيسة مواطنين نصارى خارج نطاق الدستور والقانون بل بالضد منهما.ودعا الدولة المصرية إلى إخضاع الكنائس والأديرة القبطية إلى رقابة الأجهزة الحكومية المختصة على غرار رقابتها المُحْكَمة على المساجد وخطبائها وأئمتها!!ولا سيما بعد أن ضبطت الشرطةُ ابنَ أحد كبار القسس متلبساً بتهريب أسلحة سرية من الكيان الصهيوني!!!
وكان العوا-في البرنامج الذي يعده ويقدمه أحمد منصور- قد سدد نقداً لاذعاً إلى الرجل الثاني في كنيسة شنودة الذي شتم –صباح اليوم ذاته-الأكثرية الساحقة من المصريين ونعتهم بأنهم ضيوف على الأقلية القبطية.
المهم أن الإعلام الخاص المأجور شارك شنودة في حملته القذرة ضد العوا لترهيبه ودفعه إلى التراجع عن مواقفه، لكن الرجل تمسك بكل كلمة قالها، وقرر نشر مقال من عدة حلقات يبين فيها الأمر للمجتمع المصري.ونشرت له صحيفة المصري اليوم الحلقة الأولى ثم امتنعت عن نشر الحلقات الأخرى!!وهي صحيفة يملكها رجل أعمال قبطي متعصب.
وقد سعى القبط المهووسون إلى إسكات العوا بكل السبل المتاحة، فنسبوا إليه تراجعه عما قال، وأنه ادعى أن الصحافة حرّفت بعض مقولاته….لكن العوا بادر إلى فضح الأكاذيب بسرعة فاضطرت الشروق إلى نشر نفيه لتلك الأباطيل ….وأخيراً أصدر العوا بياناً حاد اللهجة جاء فيه قوله: ( نشرت صحيفة «المصرى اليوم» الأربعاء 13 من شوال 1431هـ ــ 22/9/2010م كلاما منسوبا إلى نيافة الأنبا موسى أسقف الشباب بالكنسية القبطية الأرثوذكسية، جاء فيه أن: «أزمة الكنيسة القبطية مع الدكتور العوا انتهت، بعد عدوله عن تصريحاته الأولى التى اتهم فيها الكنيسة بأنها تحوى مخازن للأسلحة، وتأكيده أنه لم يقصد المعنى الذى تم فهمه من حديثه».
ويؤكد الدكتور محمد سليم العوا أنه لم ينف، ولم يكذب، ولم يتراجع عن حرف مما قاله فى برنامج بلا حدود الذى أذيع يوم الأربعاء الموافق 6 من شوال 1431هــ ــ 15/9/2010م، وأنه أرسل تصحيحات إلى الصحف التى نشرت مثل هذا الكلام، والصحف التى نسبت إليه ما لم يقله، ونشرتها هذه الصحف بصيغ لا يخفى على القارئ ما فيها ).
أما الفضيحة الكبرى لشنودة وعصابته، فتتمثل في نكوصهم عن مواجهة الدكتور العوا على الهواء في قناة الجزيرة مباشر، بعد أن أبلغوا القناة بموافقتهم الأولية على اللقاء!!وجاء هروبهم من المواجهة في الساعات الأخيرة التي سبقت الموعد المتفق عليه!!
إن اصطدام الكنيسة المتعصبة بشخص في مواصفات الدكتور محمد سليم العوا، يؤكد المدى الذي أوصلها إليه شنودة خلال ثلاثين عاماً من نشر الفتنة وتأجيج الطائفية والتطاول على الإسلام والافتئات على هيبة الدولة.فهل بقي من عقلاء قبط يوقفون شنودة عند حده قبل أن يلقي بهم إلى التهلكة؟