يذَّكرني كتاب "حركة التغريب في السعودية…تغريب المرأة أنموذجا" الذي صدر مؤخراً عن المركز العربي للدِّراسات الإنسانية للباحث د.عبد العزيز بن أحمد البداح -أعلى الله منزلته- بكتاب "الحداثة في ميزان الإسلام" الذي ألَّفه الشيخ د. عوض القرني -حفظه الله- قبل ربع قرن تقريبا؛ فقد أحدث كتاب الحداثة ضجَّة مدَّوية حينها، وساعد في قمع الحداثيين سنين عددا، وهكذا يجب أن يكون كتاب التَّغريب خاصَّة أنَّه رسالة علمية محكَّمة.
وقد أجاد الأستاذ الكاتب جلال الشَّايب حين عرض الكتاب عرضاً شاملاً وجذَّاباً، وما سطرَّه الأستاذ الشَّايب منشور في عدد من مواقع الشَّبكة ومنتدياتها، وهو حلقة ثمينة من سلسلة أعمال مقترحة لخدمة الكتاب ونشره والتَّعريف به، خصوصاً أنَّ وزارة الإعلام لم تفسحه حتى الآن-حسب علمي- وهي التي فسحت وأفسحت حتى فسخت عرى كثيرة! وهذا الإجراء يُخوِّل الإدِّعاء ضدَّ الوزارة ومحاسبة أكابرها تحت قبَّة مجلس أو في قاعة عدل.
والكتاب عمل بحثي وتحليلي عميق، فقد تابع الباحث الكريم الصُّحف وما في بعض أعمدتها من غثاء وغثاثة، وشاهد بعض برامج التِّلفاز حتى لا ينقل بالرِّواية، وزار عدداً من المواقع فما راءٍ كمَنْ سمعا، وشارك في ندوات أو مؤتمرات ولقاءات. وهو جهد دؤوب جدير بالشُّكر والتَّقدير مع الدُّعاء لصاحبه الذي عانى ليكون كالنَّذير العريان، وليس عناؤه في مجال البحث فقط؛ بل قد يمتدُّ لعداء رموز التَّغريب وأدواته وهم قوم نافذون لايرقبون فينا إلاَّ ولا ذمة، وربَّما يخالفه المداهنون وتتجافى عنه بعض الدَّوائر، فاللهم نضِّر وجه عبدك في الدُّنيا والآخرة، وسخِّر له، وادرأ عنه كيد الشَّياطين والأبالسة، واذخر له جهده أجراً ومنازل عالية مع الطُّمأنينة والسَّعادة.
وإذا كان المؤلف قد أدّى ما عليه بالبحث والدِّراسة والنَّشر، فإنَّ علينا واجباً كبيراً تجاه الكتاب الذي يقوم على مبدأ خدمة المجتمع وحفظ كيانه وأمنه ونسيجه، ويفيض بالتَّوقير لولاة أمرنا، ويقدِّم النَّظرة الشَّرعية المتوازنة عن المرأة وما يحاك لها بشعارات برَّاقة خادعة. وكتاب هذا شأنه حقيقٌ بالاحتفاء من وزارة الإعلام إذا كانت مصلحة الدَّولة أولى أولوياتها؛ وأما إن طغت على الوزارة أهداف أخرى فلا ننتظر منها غير المنع والإقصاء مع ترديد العبارات الجميلة عن الوطنية وحرية إبداء الرَّأي.
· تفريغ المؤلف للبحث والكتابة، فأبحاثه غير مسبوقة بذات الجهد والحجم، وله تجربة فذَّة في رسالة الماجستير عن "المدارس الأجنبية في الخليج: واقعها وآثارها، دراسة ميدانية تحليلية". ويروى أنَّ الأمير عبد الله بن طاهر لما اطَّلع على كتاب الأموال أو غريب الحديث لأبي عبيد قال: إنَّ عقلاً كتب هذا لحقيق ألاَّ يموج في طلب المعاش أو كلمة نحوها.