الساسة الغربيون غاضبون حتى الغليان من الحكومة المغربية لأنها طردت عشرات معدودة من سماسرة التنصير الذين يستغلون الفئات الضعيفة والفقيرة والجاهلة لسلخ أبنائها عن دينهم!! بل إن الحالة التي فجّرت القضية كلها مؤخراً تعتبر وصمة عار أشد وأقسى من كل ما سبقها في مسلسل التنصير الصليبي المبرمج والممول!! فالضحايا أطفال في عمر الزهور، جرى انتهاك براءتهم وازدراء آدميتهم على أيدي تجار الإنسانية لتنصيرهم بذريعة رعاية الأيتام والتبني المحظور في شريعة الإسلام.
ولكل لبيب أن يتأمل هياج الحكومات الصليبية وسعار الكنائس البائسة، لكي يتبين له شاهد جديد يضاف غلى آلاف الشواهد على براعة الغرب في نفاقه المزمن، والذي كان بعض السذج يتوقعون أن يتقلص قليلاً ليس من باب صحوة ضمير لا وجود له، وإنما بعد أن صار العالم قرية واحدة، وانتهى احتكار الغرب لوسائل الإعلام على تنوعها.
أما رجال الأكليروس فندرك سر امتعاضهم، فهم يائسون من استعادة هيمنتهم على الناس في الغرب سياسياً وفكرياً، ولذلك يرون في نشر سمومهم في العالم الإسلامي تعويضاً وعزاء عن هامشية التدين النصراني في المجتمعات الغربية، وبخاصة أن حصاد التنصير في ربوعنا مهما كان ضئيلاً ينفّس عن ضغائنهم القديمة ضد الإسلام منذ بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم. وأما الساسة أدعياء العلمانية فهم علمانيون فعلاً في دائرتهم الجغرافية سواء أكان ذلك ثمرة اقتناع أم الخوف على مصالح ضيقة أم المداراة لرأي عام لا يبالي بدينه الخرافي إلا في مواجهة الإسلام وحده دون سواه. ففي السياسة الخارجية الموجهة إلينا تلتقي النقائض الغربية كافة:من الكنائس المتناحرة تاريخياً والتي تبادلت التكفير والذبح، إلى الملحدين فعبيد الشهوات ومن أشياع اليمين الرأسمالي المتطرف حتى دعاة الشيوعية الماركسية التي أودعها المتاحف في بلاد المنشأ!!
لكن القوم علموا علم اليقين مدى الوهن الذي تتصف به الأكثرية الساحقة من النظم الحاكمة في البلاد الإسلامية نتيجة التغرب المطلق لدى النخب المستبدة أو بتأثير الخوف من بطش الغرب ما دامت تلك النظم معزولة عن شعوبها بل معادية لها في كثير من الأحيان. ولذلك تعاملوا مع تلك الحكومات بفوقية معلنة واستهتار صلف.
تلكم هي معالم الصورة بعامة، فإذا توقفنا أمام الصراخ الصليبي اليوم ضد الحكومة المغربية، فإننا سوف نجد أمامنا سيلاً من المفارقات العجيبة. فالصليبيون ثائرون بذريعة أن السلطات المغربية تقيّد الحريات الدينية!!وهم يعلمون أن 99% من المغاربة مسلمون-كانوا100% لكن التفريط الساذج جعل لغير المسلمين أن يتسللوا ويصبحوا مواطنين!!-كما يعلم سدنة الصليبية الجديدة أن القلة القليلة من نصارى ويهود يمارسون شعائرهم الدينية بكل حرية وفي بعض الأحوال بشيء من الاستفزاز للأكثرية المطلقة من المواطنين، وهي حرية نرضى نحن المسلمين أن يمنح الغرب الكذاب مواطنيه وضيوفه المسلمين 10% منها!!!
ولو كان الغرب يعاملنا بالحد الأدنى من الاحترام لما تطاول علانية في معرض دفاعه المهين عن نفر من المخربين المفضوحين وإلا فكيف يصدق عاقل أن عشرين منصراً يخدمون عشرين يتيماً؟
ولو كانت الحكومة المغربية جادة في تصرفها لما انتظرت أن تنفجر براكين غضب أهل المنطقة الملاصقة لبؤرة التخريب الصليبي حتى تطردهم بدلاً من أن تقدمهم إلى المحاكمة بحسب ما ينص عليه القانون المغربية صراحةً في مثل هذه الحالات!!
وربما كان السكوت الرسمي الذي يستوجب المساءلة فعلاً هو أحد الأسباب التي تفسر الحدة الكبيرة في ردة فعل الغرب على تصرف ليّن كهذا، ولذلك أبدى سفير هولندا تعجبه من الخطوة المغربية تجاه نشاط يجري منذ عشر سنوات بكل سلاسة!!!!