ألقاها : المهندس عبدالعزيز الخريجي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابني العزيز… الأم والأب بابان من أبواب الجنة .. والجنة تحت أقدام الأمهات.. ورضا الرب في رضا الوالدين " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيراً " وقرن الربُّ حقَ الوالدين بحقه؛ وكما تدين تدان؛ والديان لا يموت – والحياة دول والدنيا دوّارة؛ وإن أردت أن تستشرف المستقبل وتعرف ماذا سيصنع بك ابنُك فانظر لصنيعك معي؛ وعليك الإنتظار لتحصد مازرعت؛ وتجني ما عملت ولن تذوق الشهد في غير موطنه.
ابني الغالي .. بفضل من الله ومنة..تعيش في كنف والديك..في إلفٍ.. واستقرارٍ..ورقي في التعامل ..إن ذُكِر والداك لا يذكران إلاّ بخير ..فاحمد الله على هذه النعمة.. وإنَّ إنسجامَك معنا في المنزل سيديمُ هذا الإستقرارَ إن لم ينمِّه.
ابني الغالي… " إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها " يخونُني التعبيرُ ولا تسعني الفرحةُ ولا أملك دمعةَ عيني حين أراك في مواطن الشرف والعزة والرفعة؛ إن حضرت مجلساً أصغي إليك؛ وإن غبت افتقدك الناس؛ إن ذُكِرت ذُكِرت بأعمال البرِ والإحسانِ والصلة وحسن الخلق؛ إنك بُني لا تمثِّل نفسَك في هذا الموقف؛ بل تعكِس وجودي وتظهِرُ مجهودي.
بني… " خير الناس أنفعهُم للناس " إقض حاجة المحتاج؛ ولازم الملزوم؛ وفرج كربة المكروب؛ واعمل الخير وابذُِل المعروفَ ما استطعت؛ واحمد الله أن جعلك تعطي ولا تأخذ.. وجعل حاجة الناس عندك لا حاجتَكَ عند الناس.. فإنك لا تدري فربَّ دعوةٍ توافقُ باب إجابة تسَعدُ ونَسعَدُ معك في الدارين " الناس للناس مادام الحياء بهم والسعد لاشك تارات وهبات
" وصنائع المعروف تقي مصارع السوء".
وأني والله يا بني لأدخرك للآخرة " يُبعث الرجلُ وإذا جبالُ من الحسناتِ فيقول يارب من أين لي هذا؟ فيقال ابنُك الصالح يدعو لك " .
فَلِذة كَبِدي… إنني أسعى وأجتهدُ واضربُ في الأرض من أجل بنائك بناءً دينياً وثقافياً وإجتماعياً وصحياً وإقتصادياً ؛ فإن وفقِّتُ في ذلك فمن الله؛ وإن كان غير ذلك فهو ما قسمه الله لنا " ارض بما قسم الله لك تكن أسعدَ الناس" ؛ وليس للإنسان إلاّ ما كُتِب له.
مقلة عيني… المخرجات عادةً هي نتاج المدخلات والمرجو منك أكثرَ من غيرك؛ فربما اجتهدتُ وقسوتُ عليك أحياناً؛ حرصاً وشفقةً وحباً لك:
قسى ليزدجر ومن يك راحماً فليقس أحياناً على من يرحمِ
بهجة الفؤاد…
إياك وجليسُ السوء ورفيقه..فإنه ضرر يلحق بك لا محالة..ولو لم يأت منه إلاّ إضاعةُ الوقت.. وإقترانُ اسمِك باسمه..لكان موجبَ البعد عنه..كيف وهو سوءٌ كلّه..في علاقته مع ربه..ومع والديه وأقاربه وجيرانه..لاتأمَنٌ لؤمَه وغدره..سيتخلى عنك في الشدائدِ والملمات " وقال الشيطان لماقضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وماكان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم".
ابني العزيز… لماذا تقِّدم آراء زملائك على رأيي؟ وإن شُرت عليك بأمرٍ خالفته لرأي صديقك؟
أتظنُ بأن صديقَك أحرصَ عليك مني؟ أم هو أغيَر على مصلحتك؟.
تعال نتحاور؛ أقنعني بما تراه وإلاّ فالزم بركةَ الطاعةِ للوالد.
ابني الغالي… لماذا إذا طلبتَ مني طلباً ولم أنفِّذه تذمرت وظننت أنني أستفزك وأحطمك؟
تذكر أنه لا أحد يهمه أمرك أكثرَ مني؟ وأني أدرى بمصلحتك.
بني… لأنَّ أمرك يعنيني جئتُ أنا وانت لهذا الملتقى وهذه الندوة التي يشارك بها متخصصون من أهل العلم والرأي والتربية لنستمع وننافش ومن ثم ستصدر التوصيات؛ أمّا أنا فأعدك أن أعمل بها؛ فهل تعدني أنت كذلك؟.
ابنتي الحبيبة شمعة الدار… إنني أؤمن بمتغيرات الزمن وتقادم العقود؛ وليس القرون؛ بفضل طفرةٍ وبحبوحةٍ من العيش نعيشها اليوم ولله الحمد؛ والمسلّم به أن الكماليات في زماننا هذا أصبحت مستلزماتٍ أساسيةً؛ كما أن العبث بالمال والوقت لايقبل به عاقل؛ لا يمكنني أن أقبل إقتناءك فستاناً يكلف من الوقت أياماً وتردداً على المشاغل والقمَّاشين ناهيك عن اكسسوارته ويصرف عليه مئات الريالات بل ألوفها ولا يُلبس إلاّ مرّةً واحدةً ويصبح قديماً؟!! بحجة أنهم رأوه عليَّ وأستحي من لبسه مرة أخرى؟!! فهذا الإسراف بعينه؛ والله حذرنا من الحسرتين " ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً.
بنيتي..إن الحياء زينة المرأة.. كوني واثقة النفس.مليئة العين..تجملي بالأخلاق وحسن التعامل مع الآخرين..وابتعدي عن النقد اللاذع..وفضول الكلام..ستكونين أجمل البنات وقمرَهن في الحفلات " من التمس رضى الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس".
أيها الأباء.. شنفوا آذانكم واعيروني أسماعكم فإني والله لكم ناصحٌ؛ ماتريدون رؤيته في أبنائكم من الأخلاق والطباع ازرعوه في الأمهات وستكفيك المؤنة بإذن الله؛ فإن أردت ابنك صادقاً؛ فازرع الصدق في أمه؛ وإن أردته واثق النفس فعليك ببناء الثقة في أمه؛ وإن أردته ثرثاراً هِرطاقاً؛ لفيفاً كذاباً؛ فعليك بأمه؛ وستحصد ما زرعتَه؛ وإنك لن تجني من الشوك والعنب.
معالي الشيخ/صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ – وزير الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد –
فضيلة الأستاذ الدكتور/ناصر بن سليمان العمر – المشرف العام على موقع ديوان المسلم-.
أصحاب الفضيلة والسعادة باسمكم جميعاً نشكر موقع المسلم على تنظيم هذه الندوة والغير مستغربة عليهم كما أشكركم على حسن الإستماع.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛
المهندس/عبدالعزيز بن إبراهيم الخريجي