ثلاث قضايا تمس دولاً إسلامية لها مكاناتها وتاريخها ووضعها الجيوستراتيجي شغلت الرأي العام الإسلامي في أسبوع واحد، مست فيها يد الغدر الغربية بأكثر من أي وقت مضى تلك البلدان الإسلامية دفعة واحدة عبر تحريك عناصرها لإثارة الفتن داخل المجتمعات المسلمة.
كانت الأزمة في الصومال ووادي سوات الباكستاني هذا الأسبوع تمثل إجهاضاً لحلم راود كثيرين في استقرار هذا البلد الفقير، وهذا الإقليم الواعد، بما أفرزته الأزمتان من تداعيات كبيرة على الصعيد العسكري، والذي أسفرت فيه معاركهما عن مئات من القتلى والجرحى من المسلمين، وعلى الصعيد الإنساني كذلك، حيث أجبر السكان الآمنون في مقديشو ووادي سوات على مغادرة منازلهم في المدينة بعشرات الآلاف، وفي الوادي بمئات الآلاف، علاوة على ما يستتبعه ذلك من مشقة اللجوء والجوع والضياع.
واليوم تتصاعد الدعوات الانفصالية المغلفة بأهداف نبيلة تتلخص في تحقيق العدالة في اليمن، وهي كعادتها خطوات في الطريق الخاطئ تأخذ بناصية البلاد باتجاه المجهول، برغم تفهمنا للحاجة إلى تصويب المسيرة اليمنية وتحقيق العدل في ربوع اليمن، شماله وجنوبه.
في شرق اليمن وجنوبه تتعالى أصوات ما يُسمى بـ"الحراك الجنوبي" التي بدأت تتعزز بانضمام أطراف له لم يكن انخراطها فيه متوقعاً، لاسيما بعد انضمام من يتحدث باسم منظمات مسلحة تحت لافتات دينية إلى هذه المعارضة التي يخشى أن تخرج عما يريده حتى المخلصون فيها، أو لنقل من لا يودون أن تصل معارضتهم إلى حد انفصال الجنوب.
بين أيدينا أنموذج مماثل لمعارضة بدأت في حدها الأول عفوية، وهي تلك الموجودة في إقليم دارفور السوداني والتي تتعلق أيضاً في بعض مفرداتها بمسائل تتعلق بتوزيع الثروة ـ اصطلاحاً ـ أو للدقة، عدم تدخل الدولة في خصومات أساسها مناطق الرعي، أو حتى انحيازها إلى طرف دون آخر، بما ينجم عن ذلك من مظالم وحقوق ضائعة نجحت القوى الغربية في استثمارها لصالح مخطط تقسيم السودان أو أقله الضغط على حكومته لابتزازها في ملفات النفط واليورانيوم وغيرها.
وأخشى ما يخشاه أهل اليمن أن يتكرر المشهد وتتحول مطالب قد تكون حياتية بسيطة أو اقتصادية اجتماعية إلى أزمة سياسية تفسح المجال للتدخل الأجنبي، لاسيما أن الداعين الآن للانفصال أو لحقوق خاصة للجنوبيين قد ضموا عناصر ليس بينها جامع، إذ تتلاقى دعوات من أقصى "اليمين الديني" إلى أقصى اليسار في تأجيج هذه المطالب، وبرزت دعوات علنية تدعو صراحة إلى الانفصال وتدعو للنضال من أجله ولا تعترف إلا بعلي سالم البيض الرئيس السابق لليمن الجنوبي قبل الوحدة كرئيس لها، وأخرى تنسحب من البرلمان اليمني مشددة بذلك على عدم اعترافها بسلطة الرئيس اليمني على عبد الله صالح، وهو الذي بدأ يشعر بصعوبة القادم حين حذر من "الصوملة" و"العرقنة" وقتال الناس من بيت إلى بيت ومن شارع إلى شارع!!
إنها إحدى البلايا التي بدا أن الغرب قد أضمرها للمسلمين، وجماع حلها في العدل والإنصاف وتقدير حقوق المسلمين، والتي تكبح بدورها كل نار يوقدها المغرضون للفتنة؛ فهل ينتبه الحكام والمصلحون وأولو النهى قبل فوات الأوان؟!