إنها وباختصار تلك الكلمة النورانية التي تلفظ بها الحسن البصري فخرجت من فمه كالدر بل هي أغلى وأثمن , أوردها يوما واصفا حال العصاة المقصرين …قال :" هانُوا على الله فعصَوه , ولوا عزُوا عليه لعَصَمهم " وتعال معي لنقف مع هذه العبارة وقفة يسيرة.
وعلى النقيض من هذا , فإذا أبصرت أو سمعت يوماً ما عن موفق مسارع في طاعة ربه , عفيف القلب واليد واللسان عن محارم الله , بعيدا عن مواطن الفتنة والريبة والسوء , وربما قيل عنه مغفل , محروم , لم يستمتع بحياته, ولم يذق طعم ملذاته ,وأضاع شبابه وقوته , وكبت نفسه وهواه فذكّر نفسك أنه هو العزيز حقا ,و هو المكرم فعلا , وأنه لولا معزته ورفيع درجته عند ربه لما عصمه , ولتركه غافلا ساهيا لاهيا كما تُرك كثيرون "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين".
عندها تبكي حسرة و ندامة , عندما تقصر في طاعةٍ , وتفوتك عبادة ,وتحرم علما ,أو فضيلة من الفضائل , ويسبقك إليها من عز على رب العالمين , وارتفعت منزلته , وعلت مكانته من الموفقين المسددين , جعلنا الله منهم …
ثم تأمل معي في هذا الصدد وصف كتاب الله تعالى لموقف الطهر والعفاف الذي بدر من الطاهر الكريم نبي الله يوسف –عليه السلام- حين تعرض للفتنة وتيسرت له أسبابها ,وفتح له الطريق دونها , بل وأكره عليها
إكراها , و هُدد بالسجن إن امتنع وأعرض , وهي – في نظر من هانوا على الله – فرصة لا تُعوض , ومنحة لا تُفوت , لكن نبي الله الطاهر العفيف اعتصم بسيده ومولاه , والتجأ إليه ليصرف عنه السوء
والفحشاء , ولخص الله لنا الموقف بقوله " كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء "
ذكّر نفسك بهذا عندما تتكاسل عن طاعة أو تضعف همتك إليها , وسلّّها بأنه لا يوفق لها إلا أحباب الله وخاصته , بهذا تنفض عنك غبار الغفلة والركود لتسارع إلى الطاعة وتنشط إليها .