فوجئت الأوساط الإعلامية والسياسية والشعبية بالرئيس الفلسطيني الذي أوشكت أن تنتهي ولايته يمارس خطاباً تكفيرياً يقترب حثيثاًُ من خطاب جماعات التكفير والهجرة عندما قال في تعليق على أزمة الحجاج الفلسطينيين: " حركة حماس انضمت إلى كفار قريش والقرامطة بحرمانها الحجاج الفلسطينيين من أداء فريضة الحج لتحقيق مكاسب سياسية رخيصة وإقامة دولتها الظلامية الصغيرة في قطاع غزة"
وأردف عباس: "حماس منعت المصلين من الصلاة بالعراء عندما أقفلت حماس الجوامع، خرج المصلون للصلاة بالعراء فوقفت حماس وكأنها أيضاً تمنع ركناً من أركان الإسلام مرة تمنع الصلاة ومرة تمنع الحجاج"، وبذلك تصبح حركة حماس في عرف الرئيس الفلسطيني الذي تنتهي ولايته بعد أقل من شهر جماعة كافرة تمنع الناس من الصلاة والحج وتأتي بـ"الكفر البواح" الذي لم تأت به الأنظمة الاستبدادية على تجبرها وقهرها لشعوبها المسلمة!!
وينتظر أن يزيد القيادي الفتحاوي في لهجته التصعيدية كلما اقترب أكثر من فقدان الشرعية القانونية في ترؤس السلطة الفلسطينية بعدما أن فقد المشروعية والشرعية من قبل بعدما وضع يديه كلتيهما في يد الصهاينة وأدار ظهره لشعبه ومقاومته الباسلة التي وصف عملياتها من قبل بالحقيرة والعبثية والمجرمة إرضاء أولمرت وباراك وليفني، وربما اتهم لاحقاً حركة حماس بتعطيل الزكاة والصيام والشهادتين في الأسابيع القليلة القادمة!!
والواقع أن حياة أبي مازن تخلو من أي حدث يمكن له أن يفخر به على المستوى الوطني برغم شغله لعدة مناصب رفيعة جدا في منظمة التحرير الفلسطينية؛ فالرجل الذي أثرى كثيراً أثناء عمله بالمنظمة ولم يشارك في أي عمل عسكري وظل لفترة طويلة بالخليج بعيداً عن النضال العسكري الذي كانت تمارسه فتح قبل إنشاء حركة حماس قبل عشرين عاماً
ويتمتع أبو مازن (74 عاماً) بثقافة عالية وفرتها له دراسته للقانون في مصر واجتيازه لدرجة الدكتوراة في إحدى جامعات روسيا ووجوده في موقع متقدم دائماً في حركة فتح, وقد نفي إلى قطر وفيها ساهم ـ وهو بعد لم يجاوز الخامسة والعشرين ـ في تجنيد شخصيات مثيرة للجدل أصبحت فيما بعد من الشخصيات النافذة في منظمة التحرير الفلسطينية.
ويسعى محمود عباس رضا كثيراً إلى تبرئة نفسه من الشائعات التي تحيط به وتردد أنه بهائي الديانة وليس مسلماً سنياً كما يقول، ومنذ نجحت حركة حماس في الانتخابات أدى العمرة والحج وفي الأولى عاد فنقض اتفاق مكة وأثناء الثانية عقد مقارنة بين حركة حماس التي تقود النضال ضد الغزاة في فلسطين والقرامطة الذين سرقوا الحجر الأسود قبل ألف عام، وكفار قريش الذين منعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من العمرة في العام السادس الهجري.
والرئيس المعروف لدي بعض الفلسطينيين باسم محمود عباس رضا ميرزا والذي يقال بأن أسرته تنحدر من جذور إيرانية، يخلو ملفه لدى الصهاينة من أي اتهام بأي عمل تحرري أو نضالي يمكن أن يدينه لديهم، وقد كان دوماً موضع ترحيب من الصهاينة باعتباره شريكاً "نزيهاً" في عملية السلام، ومن ذلك ما قاله يوسي بيلين وزير "العدل" الصهيوني الأسبق في مقال نشرته له صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية بتاريخ 12/3 /2003 من أن" تعيينه يخلق فرصة، ربما أخيرة، للتوصل إلى اتفاق تاريخي مع المجموعة الوطنية العلمانية في القيادة الفلسطينية. وتفويت هذه الفرصة بالذرائع التي طرحت لتبرير عدم العودة إلى طاولة المفاوضات منذ صعود شارون لسدة الحكم سيضع إسرائيل في مواجهة المجموعة الإسلامية المتعصبة على شاكلة حماس والجهاد الإسلامي وفي ظروف ومعطيات ديمجرافية أصعب بالنسبة لنا".
شريك تل أبيب، خصم غزة، رئيس السلطة ومناوئ المقاومة يستعد لجولة حربية جديدة مع شعبه بعد أن قربت نهاية مدته الرئاسية، وتهاوت أحلامه مع استخفاف الشريك الصهيوني والأمريكي به لضعفه ووهنه الشديد.