للقيد معان تترك في النفس شعورا بضعف القدرة , والعجز عن تحقيق الاختيار ,وله آثار تخترق عظم المعصم , وتلتف حول جيد النفس لتخنق ما بها من معنى للحرية , والمعنى الأوحد الذي يكسر قوى النفس ويحني قوامها ويؤلم مبانيها هو معنى الرق , والقيد قرين الرق , وكلاهما يمنعان الانطلاق ..
وكل دعوة , وكل فكرة – تصحيحية نابغة – , لابد أن تجعل التحرر من القيد شعاراً لها , وتجعل البعد عن الرق هدفاً من أهدافها , والمصلحون دوما هم محررو النفوس , وكاسرو قيد الشعوب , وهم أعداء الرق والمجاهدون ضد العبودية للمادة والناس والأهواء .
من أجل ذلك قوم الإسلام الاعوجاج في المفاهيم , وبصر الرؤى في السبل , وعلًم الناس كيف يبنون الحضارات , وعلم أن الحرية حرية القلب , وجعل الإيمان خطوة لتحرر القلب وحدا فاصلا بين الرق والحرية .
والتعاسة في الإسلام لها وجه آخر غير الذي تعنيه للناس إنه وجه الاسترقاق للمادة , وفي الحديث : " تعس عبد الدينار " و" تعس عبد الدرهم " .. وهم تعساء دوما لأنهم إنما قيدهم ذلك عن السعادة .