1- الأمر بالصبر مع أهل الإيمان والطاعة:
شبرا فمات إلا مات ميتة جاهلية)، قال النووي (على صفة موتهم من حيث هم فوضى لا إمام لهم).
3- الصبر مع أهل الإيمان والطاعة خلق الأنبياء والمرسلين عليهم السلام:
5- الصبر مع أهل الإيمان والطاعة سلوك اجتماعي رفيع:
قال تعالى { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ } فأهل الإيمان والطاعة ليسوا على منزلة واحدة من الفهم والإدراك، ومن اليقظة والأدب، إذ منهم الذي يدرك الأمور ببداهة وفطنة، ومنهم الأحمق المغلق، كما أن منهم الحليم الرشيد، الذي يعفوا ويصفح، ومنهم الفظ الغليظ القلب يغضب بسرعة وينتقم ممن ظلمه، وكل من أصحاب ته الخصال قد يكون تابعا أو متبوعا، والتعامل مع هذه التركيبة الاجتماعية المعقدة يتطلب لينا في الجانب ورفقا في التعامل، وإلا لما حصل اجتماع ولا تعاون بين الناس.
قال تعالى تمام الآية السابقة { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ } فبعض أهل الإيمان والطاعة قد يقع في خطأ أو في خطيئة، وكثير من الناس لا يملك نفسه حينما يتعامل مع المخطئين أو الخاطئين، أما لشدة طبيعية في نفوسهم أو لعظم الخطأ أو الخطيئة من الجانب الآخر.
وفي تصرف النبي في قضية حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه لما سرب بعض أسرار الدولة
الإسلامية إلى الكفار، وأراد عمر أن يقتله بدعوى أنه من المنافقين فقال له رسوله الله صلى الله عليه وسلم (وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم )، إن في هذا التصرف قدوة وأسوة للقادة والمتبوعين في التعامل مع رعاياهم وأتباعهم الذين لهم من السوابق في الإيمان والطاعة ما يغرق أخطائهم وخطاياهم في بحور حسناتهم.
وقد علق الإمام الطبري على هذه الآية مبينا أهمية الشورى في حياة المسلمين قائلا ( ولأن المؤمنين إذا تشاوروا في أمور دينهم متبعين الحق في ذلك لم يخلهم الله من لطفه وتوفيقه للصواب من الرأي والقول فيه)
وهكذا كان سلوك الصحابة وسيرتهم رضي الله عنهم قال تعالى { نَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ…} .
عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ
} وقال صلى الله عليه وسلم ( ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة أئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم، فإن الدعوة تحيط من ورائهم )قد عاتب الله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم لما عمل باجتهاد منه بما يتناقض مع مبدأ الصبر مع أهل الطاعة والإيمان فقال{ عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ
يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى
} ولا يقدر على الصبر مع عباد الله الصالحين مع فقرهم و عوزهم، أو جهلهم وتقصيرهم، أو غير ذلك من النقائص التي قل من يسلم منها بالكلية، إلا الزهاد في الدنيا وزينتها، المعرضون عن المترفين والظالمين.أما في الإسلام فالناس سواسية كأسنان المشط، ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى.
وكثيرا ما يتذرع الكفار من الملأ المستكبر في إعراضهم عن الحق باتباع الضعفاء له، ويراودون الأنبياء والمرسلون في طردهم أو إبعادهم عن مجالس الشرفاء، كما في قوله
تعالى { قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ } وقوله عز وجل { فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ }.
فأهل السنة هم من تمسك بأصولها العامة وقواعدها الكلية، وإن أخطأ في فهم أو تطبيق بعض المفردات المنهجية.
و أهل البدعة هم من بنى مذهبهم على أصول وقواعد مخالفة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم، وإن وافقهما في فهم أو تطبيق بعض المفردات المنهجية.
تهدف إليها من تحصيل المصالح أو تكثيرها، وتعطيل المفاسد أو تقليلها.
صلى الله عليه وسلم ( يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم) ولن تقوم للمسلمين قائمة إلا بهذين الأصلين، وأي مسلك في التفريط فيهما أو التفريق بينهما يؤدي إلى التناقضات التي لا تؤدي إلا إلى الحيرة والعجز.