ونقض اتفاقها مع تركيا ولا يمكن أن نتصور أن تكون واشنطن رجعت فجأة عن دعمها العملية لأنها اكتشفت أن العملية خلاف مصالحها لأن المصلحة الأمريكية مع تركيا وأكراد العراق لم تتغير قبل العملية وفي أثنائها ولكن العامل في التغيير هو “حزب العمال الكردستاني” فقد كشف موقع “البعد الإستراتيجي” التركي النقاب عن قضية هامة تتعلق
باللقاء الذي عقدته القوات الأمريكية مع قيادات عراقية كردية في مدينة اميدية بشمال العراق وخرج بعد اللقاء المتحدث باسم البيشمركة جبار الياور ليقول أن العملية البرية انتهت ولعله فطن إلى خطأ استعجاله إفشاء نتيجة الاجتماع فعاد ليصحح الخطأ ويقول إن العمليات توقفت في واد “الزاب” فقط ولعل هذا السيناريو هو تفسير إعلان وزير الخارجية العراقي الكردي هوشيار زيباري انتهاء العملية البرية قبل أن تعرف حكومة إردوغان.
أهداف العملية
ما زال قرار الانسحاب التركي المفاجئ من شمال العراق غامضا على الرغم من تصريحات كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين الأتراك بأنهم اتخذوا القرار بمحض إرادتهم لكن يمكن القول بأن العملية العسكرية البرية في شمال العراق حققت عدة أهداف كانت تركيا بحاجة ماسة إليها وهي:كسرت المقولة القائمة منذ الاحتلال الأمريكي للعراق 2003 أن تركيا لن تتوغل في شمال العراق بريا حتى وإن حصلت على ضوء أخضر أمريكي،كانت تركيا (حكومة وجيشا) بحاجة إلى نصر معنوي خصوصا بعد الهجمات التي تعرض لها الجيش التركي في أكتوبر الماضي وأسفرت عن مقتل عدد من جنودها وأسر ثمانية آخرين،العملية جاءت في وقت الشتاء البارد مباغتة لمقاتلي حزب العمال الكردستاني أكسبت الجيش التركي خبرة في فن القتال في ظل الظروف الجوية القاسية في درجة حرارة تحت الصفر والأهم أنها أرسلت إشارة واضحة للمتمردين الأكراد أن منطقة شمال العراق لن تكون آمنة له في جميع الظروف.
خفايا قرار الانسحاب
انكشف المستور مع الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس إلى أنقرة وفيها تحدث عن أمور واضحة مطلوبة من تركيا ألا وهي:
-إنهاء العمل العسكري في أقرب وقت ممكن”… طبعا، السبب واضح ففي حال استمرار العمليات العسكرية البرية، فإن ذلك يهدد بالقضاء الكامل على المتمردين الأكراد وخروج المنظمة عن السيطرة الأمريكية.. وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة التي ستحتاج دوما إلى هذه المنظمة لكي تبقي تركيا تحت سيطرتها أيضا.
-“حلول سياسية للمسألة الكردية”.. تريد الولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك حل المشكلة الكردية بالطرق السياسية.”
-إرسال قوات عسكرية تركية إلى أفغانستان”… الكل بات يعلم أن الولايات المتحدة غرقت في مستنقع أفغانستان، وتكبدت أضرارا كبيرة على أيدي حركة طالبان، وهي عاجزة حاليا عن السيطرة على الوضع هناك. وفي حال استمرار هذا الوضع، فإن خططها بالشرق الأوسط مهددة بالانهيار، وبالتالي هي بحاجة إلى قوى مسلحة جديدة إلى جانبها.. وطبعا، هي تحاول تأمين ذلك من تركيا..
-“المطلوب سياسة تركية أقسى مع إيران”.. وهي تريد تحقيق هدفها عبر تركيا..
وأخيرا… يطرح السؤال نفسه من جديد هل أسباب الانسحاب التركي الحقيقية من شمال العراق هل هي رغبة تركية بالتجاوب مع الضغوط الأميركية أملا باستمرار التعاون الاستخباراتي مع واشنطن حول مسلحي حزب العمال الكردستاني؟ أم أن أنقرة رفضت الضغوط الأمريكية بشأن أفغانستان أو الاعتراف بالسلطة الكردية في شمال العراق أم أنها رفضت أي تعاون ضد إيران أم رفضت توسيع استخدام أراضيها من قبل القوات الأميركية الموجودة في شمال العراق؟.كل هذه الأمور ستتضح خلال الأيام القليلة القادمة.