[email protected]
تحتاج القلوب – كما تحتاج الأفكار – إلى وضع خطط لتصل إلى أهدافها وآمالها , كما تحتاج إلى ترتيب أحوالها ووضع وسائل وصولها لما ترجو وترنو ..
والقلب الهائم بلا خطة محكمة لآدائه غالبا ما يستشعر الألم والحزن ويأخذ صاحبه إلى متاهات غير معلومة من الكآبة والضيق والاستشعار بالفشل المحيط ..
إننا نخطىء كثيرا عندما ننسى خطط القلوب في زحمة خطط الأفكار والأعمال , فإذا بنا نرتب لأنفسنا كل شىء غافلين عن أهم الآلات وأقوى الدوافع للنجاح وهو القلب ..
إنه المحرك الأكبر الذي يمد الجوارح بالدافعية الذاتية , وهو الحكيم الناصح لكل حركة وسلوك , وهو المستشعر الحساس لصحة أي قرار ..
قلوبنا هي ذواتنا الفعلية إذا نحن تجردنا عن المظاهر والأشكال , وهي حقيقتنا إذا نحن خلعنا أقنعة الأجساد , وهي مقياس فعاليتنا ومحور دوران نفوسنا في كل لحظة تمر بها الحياة ..
وخطط القلوب ليست كخطط الأفكار والأعمال في طبيعتها , إذ إن لها طبيعة أخرى ونسقا مختلفا , ومعنى غير معتاد …
خطط القلوب دوما هي خطط سرية مخبوءة , لا يكاد يعرفها أحد غير صاحبها , وقد يحاول صاحبها أن يبدو بها بغير حقيقتها في أحيان , إلا أنها تبدو عليه في لفظات لسانه وقد تبدو في المواقف الصعبة والشدائد ..
كلنا يمر بذلك .. وكثير منا يفاجأ بمواقف لم يكن يتوقعها من أناس يراهم ليل نهار , مواقف في التضحية والعطاء , ومواقف في الشجاعة والبذل , ومواقف في الرقة والعاطفية , ومواقف في المحبة والتفاني ….
وآخرين نفاجأ بمدى سوء طويتهم في الشدائد , فتفاجئنا قسوة قلوبهم , ويفاجئنا بخلهم , وحرصهم , وربما – في بعض الأحيان – تفاجئنا حتى خيانتهم !!
إن كلا من هؤلاء قد أعد خطته واختار سبيله ..فالأول أبيض مثل الصفا والآخر أسود بدرجاته !!
وخطط القلوب إما علوية وإما سفلية , والقلوب بين الصفتين تتدرج , فالقلب صاحب الخطة العلوية يتدرج بين النظافة والطهارة والصدق والإخلاص , فتراه يقترب – كلما نجحت خطته – من الشفافية والنقاء والنورانية , والآخر هو يقترب دوما من الظلمة , ويتدرج بين المكر والكذب والظلم ..
ومن القلوب من لا يعرف لنفسه مخططا ولا يدري لنفسه منهجا , هو يحب الخير ولكنه يضع نفسه مكان السوء , ويتمنى الصدق وهو ممارس دائم للكذب , ويريد النور وهو ساكن في بيت من ظلام .
ومن القلوب من يتردد بين سبيلين , فساعة في خير وأخرى في سوء, ولحظة في هدى ولحظات في غي , وهذا القلب قد بنى خطته على ما يهواه لا على ما يصلحه , والواقع أن خطته غالبا ما تفشل وأن الغي والسوء يجرانه نحو هلكته.
وقلب آخر قد بنى لنفسه خطة محكمة وقعد قواعدها وحبك مبانيها على أساس حسن ثم ابتدأ في تطبيقها وبينما هو سائر إذ عاقته العوائق وتنافسته المغريات , فإن هو استرسل معها فقد جهده وإن هو أعرض عنها قفز من نجاح إلى نجاح ..فيا ترى أين نلقاه في نهاية السبق ؟!
إن شيئا معلوما هو الواجب على كل قلب يريد وضع خطة ناجحة لحياته أن ينطلق من قاعدة ثابتة قوية , ويرتكن على سند راسخ , ويتحصن في حصن منيع مغلق , حيث يستطيع صد غزوات أعدائه ويستطيع قهر عوائق طريقه ويستطيع التغلب على شهوات هواه ويستطيع التمييز بين سبل الحياة , إن هذا الشىء الأوحد هو الإيمان ..نعم إنه الإيمان
فالإيمان هو موئل القلب الحائر ومستقر القلب الغريب وحافظ القلب المستهدف وراع القلب الوحيد ..
وكل خطة قلبية بغير إيمان فهي فارغة المحتوى ناكصة المنتهى , مركوسة السبيل ..
ومهما حاولت القلوب التخطيط لحياتها بعيدا عن الإيمان فهي تسقط إلى هاوية متردية , ومستنقع آسن …
لقد تتبعت كثيرا من المذاهب الإنسانية , والمناحي الفكرية , فما وجدت فيها مثل الإسلام فهما لحقيقة القلوب , ولا مثل رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم واصفا لأدوية القلوب , ولا مثل كتاب الإسلام الأعظم ( القرآن الكريم ) منهاجا للقلوب , يقول الله تعالى ناصحا أهل الإيمان : ” ياأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون “
إن الإسلام يحيل القلب إلى مصباح منير لصاحبه يهديه حيث اشتد الظلام ويحيله إلى ناصح حكيم إذا اشتبهت عليه الأمور , وإلى واعظ كريم إذا زلفت به الخطا , وإلى داعم ثابت إذا ألمت به الخطوب ..
إن نظرة متفحصة إلى آية واحدة من كتاب الله تتحدث عن القلوب لتنقل لنا تلك المعاني كلها دفقة واحدة , فما بالك بآيات وآيات …
يقول الله تعالى عن الذين استجابوا لمعنى من معاني الخير : ” أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم ”
ويصف سبحانه علامة من علامات الطريق لأهل الإيمان : ” الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب “
ويقول تعالى للذين هم في حالة الاختبار : ” وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص مافي قلوبكم والله عليم بذات الصدور ”
وبعد ابتلاء واختبار يليه ابتلاء واختبار لذلك القلب المؤمن , فيخبت لربه وينيب , ويعلم أن الملجأ والمنجى إليه وحده , وأنه لا سبيل له في غير توحيده وعبوديته , وأن لا هداية إلا هداية رسوله , يؤذن الله لذلك القلب بالسلامه ويؤذن لخطته بالنجاح والفلاح والوصول إلى شاطىء آمن , يقول سبحانه : ” ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم “
……………………. (يتبع )……………………
تحتاج القلوب – كما تحتاج الأفكار – إلى وضع خطط لتصل إلى أهدافها وآمالها , كما تحتاج إلى ترتيب أحوالها ووضع وسائل وصولها لما ترجو وترنو ..
والقلب الهائم بلا خطة محكمة لآدائه غالبا ما يستشعر الألم والحزن ويأخذ صاحبه إلى متاهات غير معلومة من الكآبة والضيق والاستشعار بالفشل المحيط ..
إننا نخطىء كثيرا عندما ننسى خطط القلوب في زحمة خطط الأفكار والأعمال , فإذا بنا نرتب لأنفسنا كل شىء غافلين عن أهم الآلات وأقوى الدوافع للنجاح وهو القلب ..
إنه المحرك الأكبر الذي يمد الجوارح بالدافعية الذاتية , وهو الحكيم الناصح لكل حركة وسلوك , وهو المستشعر الحساس لصحة أي قرار ..
قلوبنا هي ذواتنا الفعلية إذا نحن تجردنا عن المظاهر والأشكال , وهي حقيقتنا إذا نحن خلعنا أقنعة الأجساد , وهي مقياس فعاليتنا ومحور دوران نفوسنا في كل لحظة تمر بها الحياة ..
وخطط القلوب ليست كخطط الأفكار والأعمال في طبيعتها , إذ إن لها طبيعة أخرى ونسقا مختلفا , ومعنى غير معتاد …
خطط القلوب دوما هي خطط سرية مخبوءة , لا يكاد يعرفها أحد غير صاحبها , وقد يحاول صاحبها أن يبدو بها بغير حقيقتها في أحيان , إلا أنها تبدو عليه في لفظات لسانه وقد تبدو في المواقف الصعبة والشدائد ..
كلنا يمر بذلك .. وكثير منا يفاجأ بمواقف لم يكن يتوقعها من أناس يراهم ليل نهار , مواقف في التضحية والعطاء , ومواقف في الشجاعة والبذل , ومواقف في الرقة والعاطفية , ومواقف في المحبة والتفاني ….
وآخرين نفاجأ بمدى سوء طويتهم في الشدائد , فتفاجئنا قسوة قلوبهم , ويفاجئنا بخلهم , وحرصهم , وربما – في بعض الأحيان – تفاجئنا حتى خيانتهم !!
إن كلا من هؤلاء قد أعد خطته واختار سبيله ..فالأول أبيض مثل الصفا والآخر أسود بدرجاته !!
وخطط القلوب إما علوية وإما سفلية , والقلوب بين الصفتين تتدرج , فالقلب صاحب الخطة العلوية يتدرج بين النظافة والطهارة والصدق والإخلاص , فتراه يقترب – كلما نجحت خطته – من الشفافية والنقاء والنورانية , والآخر هو يقترب دوما من الظلمة , ويتدرج بين المكر والكذب والظلم ..
ومن القلوب من لا يعرف لنفسه مخططا ولا يدري لنفسه منهجا , هو يحب الخير ولكنه يضع نفسه مكان السوء , ويتمنى الصدق وهو ممارس دائم للكذب , ويريد النور وهو ساكن في بيت من ظلام .
ومن القلوب من يتردد بين سبيلين , فساعة في خير وأخرى في سوء, ولحظة في هدى ولحظات في غي , وهذا القلب قد بنى خطته على ما يهواه لا على ما يصلحه , والواقع أن خطته غالبا ما تفشل وأن الغي والسوء يجرانه نحو هلكته.
وقلب آخر قد بنى لنفسه خطة محكمة وقعد قواعدها وحبك مبانيها على أساس حسن ثم ابتدأ في تطبيقها وبينما هو سائر إذ عاقته العوائق وتنافسته المغريات , فإن هو استرسل معها فقد جهده وإن هو أعرض عنها قفز من نجاح إلى نجاح ..فيا ترى أين نلقاه في نهاية السبق ؟!
إن شيئا معلوما هو الواجب على كل قلب يريد وضع خطة ناجحة لحياته أن ينطلق من قاعدة ثابتة قوية , ويرتكن على سند راسخ , ويتحصن في حصن منيع مغلق , حيث يستطيع صد غزوات أعدائه ويستطيع قهر عوائق طريقه ويستطيع التغلب على شهوات هواه ويستطيع التمييز بين سبل الحياة , إن هذا الشىء الأوحد هو الإيمان ..نعم إنه الإيمان
فالإيمان هو موئل القلب الحائر ومستقر القلب الغريب وحافظ القلب المستهدف وراع القلب الوحيد ..
وكل خطة قلبية بغير إيمان فهي فارغة المحتوى ناكصة المنتهى , مركوسة السبيل ..
ومهما حاولت القلوب التخطيط لحياتها بعيدا عن الإيمان فهي تسقط إلى هاوية متردية , ومستنقع آسن …
لقد تتبعت كثيرا من المذاهب الإنسانية , والمناحي الفكرية , فما وجدت فيها مثل الإسلام فهما لحقيقة القلوب , ولا مثل رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم واصفا لأدوية القلوب , ولا مثل كتاب الإسلام الأعظم ( القرآن الكريم ) منهاجا للقلوب , يقول الله تعالى ناصحا أهل الإيمان : ” ياأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون “
إن الإسلام يحيل القلب إلى مصباح منير لصاحبه يهديه حيث اشتد الظلام ويحيله إلى ناصح حكيم إذا اشتبهت عليه الأمور , وإلى واعظ كريم إذا زلفت به الخطا , وإلى داعم ثابت إذا ألمت به الخطوب ..
إن نظرة متفحصة إلى آية واحدة من كتاب الله تتحدث عن القلوب لتنقل لنا تلك المعاني كلها دفقة واحدة , فما بالك بآيات وآيات …
يقول الله تعالى عن الذين استجابوا لمعنى من معاني الخير : ” أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم ”
ويصف سبحانه علامة من علامات الطريق لأهل الإيمان : ” الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب “
ويقول تعالى للذين هم في حالة الاختبار : ” وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص مافي قلوبكم والله عليم بذات الصدور ”
وبعد ابتلاء واختبار يليه ابتلاء واختبار لذلك القلب المؤمن , فيخبت لربه وينيب , ويعلم أن الملجأ والمنجى إليه وحده , وأنه لا سبيل له في غير توحيده وعبوديته , وأن لا هداية إلا هداية رسوله , يؤذن الله لذلك القلب بالسلامه ويؤذن لخطته بالنجاح والفلاح والوصول إلى شاطىء آمن , يقول سبحانه : ” ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم “
……………………. (يتبع )……………………