هناك طرفة تداولها العراقيون بعد تسلم بيان جبر صولاغ لوزارة المالية – حيث كان له دوراً كبيراً في اعتقال وخطف وقتل الآلاف من العراقيين وهو من ابتكر الدريل ” المثقب الكهربائي في تعذيب وقتل العراقيين – النكتة تقول انه وبعد تسلم صولاغ للمالية قيل للطالباني رئيس العراق لماذا صولاغ ألا يكفي جرائمه في الداخلية وتاريخه الأسود؟ : فقال بالمال ولا بالعيال – أي الأبناء – ؟؟!
هذه المقدمة لها علاقة بموضوعنا الذي سنتطرق له اليوم حيث حيث كشفت صحيفة الواشنطن بوست الأميركية عن تقرير أميركي للمفتش العام لإعادة إعمار العراق يؤكد فيه الفساد الإداري الواضح والكبير في العراق .
وأكد التقرير أن ما قيمته 38 مليون دولار من الجهود الأميركية لوضع نظام محاسبة يعتمد على الكومبيوتر ذهبت أدراج الرياح، لأن وزارة المالية العراقية ما تزال تستخدم النظام الورقي في المحاسبة.
المفتش العام ستيوارت بوين أكد في تقريره الذي صدر من مكتبه قبل اسبوع تقريباً أن أحدا ما في وزارة المالية العراقية – التي يديرها بيان جبر صولاغ وزير الداخلية السابق في حكومة الجعفري ووزير المالية حالياً في حكومة المالكي – لم يلاحظ أن البرنامج الإلكتروني لم يعمل منذ شهر، مشددا على أن لا أحد في هذه الوزارة يـُعتمد عليه في إصدار التقارير عبر استخدام الحاسبات الإلكترونية.
وهل الأمريكان لايعرفون جهل هؤلاء بالعلوم الحديثة ولا يعرفون إلا آخر التطورات في عالم الجريمة الذي صار من ضمن الأجندات الثابتة لهم ولا يمر يوم من الأيام إلا ونسمع عن جريمة هنا وهناك يقودها رجال الداخلية والدفاع والمالية التي هي في حقيقة الأمر بؤرة للقتل وللتدمير والاختطاف .
تقرير بوين يأتي بعد أن أفصح مكتب المحاسبة الأميركي في مستهل هذا الشهر عن أن ثمانية ملايين دولار أنفقت على تدريب نحو 500 موظف حكومي عراقي في مختلف الوزارات لاستخدام النظام الإلكتروني، غير أن وزارة المالية رفضت التخلي عن نظامها الورقي.
نعم ثمانية ملايين دولار والنتيجة إن النظام الورقي هو المستمر في الوزارة ، فأين ذهبت هذه الملايين ؟؟؟
أم أنها ذهبت إلى المعتقلات السرية التي يعرفها صولاغ جيداً حينما كان وزيراً مسئولاً عن السلام والأمن والتي أصبحت منذ أيامه الأولى والى اليوم الحلم الذي لايظن أهل العراق انه سيتحقق قريباً .
بوين أكد أيضاً أنه على الرغم من الاستثمار في هذا البرنامج، فإن السفارة الأميركية لدى بغداد لا تملك خطة ما أو إستراتيجية للخطوات القادمة التي ينبغي اتخاذها في تطوير هذا النظام الذي أعرضت عنه وزارة المالية.
وتبرز الصحيفة تأكيد مكتب المحاسبة الأميركي في تقريره الأخير بأن هذا الإعراض من وزارة المالية تجربة ليست فريدة من نوعها، إذ أن هذا المكتب سبق أن أنفق في السنتين الماضيتين 300 مليون دولار لتطوير قدرات الوزارات العراقية، فضلا عن تخصيص 255 مليون دولار للسنة القادمة، لكن التقدم على الرغم من هذا الإنفاق توقف ليس فقط بسبب ضعف الأمن وإنما أيضا بسبب استشراء الفساد وندرة الموظفين الأكفاء، واستفحال التعيين الوظيفي على أساس سياسي وطائفي.
ووفقا للتقرير، فإن ما يقرب من نصف الموظفين الحكوميين لا يلتحقون بأعمالهم يوميا، وكثير منهم لا يعملون أكثر من ساعتين أو ثلاثة كل يوم. وتشير واشنطن بوست في هذا الاتجاه إلى أن تقييم السفارة الأميركية وجد أن ثلث الوزارات المدنية العراقية تعاني من مشكلة “الموظفين الأشباح” وهم الأشخاص الذين تدفع لهم المرتبات لكنهم لا يأتون مطلقا إلى العمل.
نعم هكذا أسمتهم الصحيفة أو التقرير الموظفون الأشباح، فأي فساد إداري ومالي هذا الذي تعاني منه حكومة المالكي؟ وهنا بعض صور الفساد وعلى لسان أعضاء أو موظفين في الحكومة ؛ حيث كان الأولى والأجدر بالمالكي الذي يتبجح بان حكومته استطاعت أن تنجز ما لم ينجزه غيره من المسئولين العراقيين بعد الاحتلال؛ أن يعمل على الحفاظ على جزء من ثروة العراق التي يقول انه حريص عليها ، وهنا سنستشهد بكلام راضي الراضي رئيس هيئة النزاهة في العراق الذي اتهم كلا من رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب الشيخ صباح الساعدي وشقيقه خزعل الساعدي بالفساد وتهريب النفط والتزوير وتلفيق التهم.
إن لجنته اكتشفت اختفاء 18 مليار دولار من أموال الحكومة العراقية وجمعت أدلة عن ثلاثة آلاف حالة فساد.
وقال القاضي حمزة الراضي -الذي عينته الولايات المتحدة عام 2004 رئيساً لهيئة النزاهة العامة- إن هيئته بدأت عملها في مكافحة الفساد في يونيو 2004 وكشفت النقاب عن عمليات فساد واسعة النطاق في دوائر الحكومة اختفى بموجبها 18 مليار دولار.
كان الراضي -الذي فر من العراق إلى الولايات المتحدة في أغسطس/آب الماضي بعد تلقيه تهديدات الحكومة العراقية- قال إنه “منع من ملاحقة المسئولين عن عمليات الفساد وإن مساعيه أحبطت لمحاسبة المسئولين أمام القضاء”.
وتحدث التقرير الأمريكي عن العجز الحكومي عن صرف أموال الميزانية المخصصة لها، وضرب على ذلك مثلا بأن الحكومة السابقة لم تصرف سنة 2006 من الميزانية سوى 22 في المائة، ولم ينفق في النصف الأول من 2007 سوى 24 في المائة منها.
وذكر أنطوني كوردسمان من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بدراسة له بعنوان “الاقتصاد العراقي بعد 3 أعوام من الاحتلال”: وحاليًا يعيش ما يقرب من ثمانية مليون عامل عراقي على أقل من دولار واحد يوميًا، وفي ظل تلك الظروف فإن التضخم المتوقع في الاقتصاد سوف يزيد من حالات سوء التغذية التي وصلت بالفعل إلى أرقام مروعة. فقد أظهر استقصاء نشر في نوفمبر 2004 أن سوء التغذية المزمن في فترة الطفولة قد تضاعف بعد الغزو الأمريكي إلى 7.7%، بينما يعاني ربع أطفال العراق على الأقل من درجة ما من سوء التغذية. وقد استمرت الظروف المعيشية في التدهور منذ نشر التقرير، كما ستتفاقم الأزمة مع انهيار نظام توزيع الحصص التموينية الذي كان يخدم ملايين العائلات العراقية.
وشدد مكتب المحاسبة الأميركي في تقريره على أنه أكد الشهر الماضي أن من غير المحتمل أن ينفق العراق في الأشهر المتبقية من هذه السنة 10 مليارات من ميزانية 2007.
ومضى التقرير إلى الحديث عن اختراق الميليشيات للوزارات العراقية، ومثل لذلك بوزارة الداخلية التي قال إنها مخترقة من عناصر المجلس الأعلى الإسلامي العراقي ومنظمة بدر، فضلا عن جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر.
وأضاف التقرير إلى أن الخدمات المدنية في العراق ظلت معاقة بفعل كادرها ذي الولاء الحزبي والطائفي، مما شل قدرة الوزارات الخدمية في تقديم الخدمات، وفي بناء الثقة وسط المدنيين العراقيين.
السرقات لم تكن قاصرة على الساسة العراقيون حيث تقول دراسة نشرها مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية أن الأمريكان وبعد الاحتلال جرى تحويل أموال الدولة العراقية إلى عملات ورقية فئة مئة دولار، بلغ عددها 281 مليون ورقة. ورُزمت الكميات الهائلة من النقود في عبوات بلاستيكية مضغوطة حملتها منصات خشبية على متن طائرات شحن عسكرية، نقلتها على دفعات بمعدل مرتين في الشهر.
وبلغت كمية آخر دفعة منها نحو مليارين ونصف المليار دولار، شُحنت قبل ستة أيام من نقل السلطة إلى ما سُمي في حينه “الحكومة العراقية المؤقتة”. وأوردت مذكرة الاستجواب شهادة موظف في إدارة الاحتلال عن “أكداس المائة دولار التي كانت تتطاير في المكان”، وقال إن “أحد المقاولين تسلّم دفعة واحدة قدرها مليوني دولار في عبوات بلاستيكية مضغوطة محشوة بالنقود، موضوعة داخل حقيبة كبيرة مصنوعة من قماش الخيام”.
وجاء في المذكرة الأمريكية أن المحاسبين اكتشفوا مفاتيح الخزائن، حيث كانت الأموال تُحفظ بعهدة جندي أميركي، كان يتركها على المنضدة عندما يذهب لتناول الغذاء. واكتشفوا أيضاً سرقة نحو 800 ألف دولار من أحد أقسام الخزائن. وكانت أكياس النقود متروكة دون حراسة في مكاتب الوزارات. وقال “بيتر ويلش”، وهو عضو “جمهوري” في لجنة الكونجرس إنهم كانوا يتولون “صرف أطنان من النقود من على ظهر سيارات الشحن”. وصُرف لأحد الموظفين مبلغ 7 ملايين دولار نقداً، مع أمرٍ بأن ينفق المبلغ خلال أسبوع واحد قبل أن تسيطر “الحكومة العراقية المؤقتة على الأموال العراقية”. وكشفت مراجعة آخر محضر لجلسات “إدارة التحالف المؤقتة” وجود دفعة واحدة قدرها 500 مليون دولار مخصصة لنفقات الأمن، ومؤشر عليها بالحروف الإنجليزية الأولى فقط من عبارة: “يجري البتُّ فيها”.
ويصعب تصديق حالات الفساد والهدر في الأموال التي أنفقت على آلاف الموظفين “الأشباح” الذين كانوا يتسلمون مرتباتهم بموجب صكوك من وزارات تحت سيطرة “إدارة التحالف المؤقتة”. ولا يُستبعدُ أن تكون بعض هذه الأموال قد ذهبت، حسب مذكرة الاستجواب، إلى “عصابات الإجرام والجماعات المسلحة التي تحارب الولايات المتحدة”. وكان “ستيوارت براون”، المفتش العام لما سُمي “إعادة إعمار العراق”، قد كشف في مذكرة سابقة إنفاق نحو 9 مليارات دولار من مخصصات الوزارات العراقية “من دون ضمانات بأن تُستخدم هذه الأموال بشكل ملائم، أو خاضع للحساب”. إلاّ أن مذكرة الاستجواب الحالية أشارت إلى أن براون يعتقد الآن “أن مبلغ 20 ملياراً أنفق بالكامل دون شفافية، أو محاسبة”.
فأين هي القيم التي تحدث عنها الساسة الذين جاؤا مع الاحتلال عن العراق الجديد والديمقراطية هل هي ديمقراطية السرق وفتح الحسابات الكبيرة في لندن وباريس وواشنطن بينما يعيش ملايين العراقيين على دولار واحد في اليوم ؟؟؟
وأخيراً نحن بلد غني لاتهمنا الخسائر المادية من هؤلاء السراق الذين ينهبون خيرات العراق ليلاً ونهاراً ، وهذا لا يعني أننا لا نهتم بتلك الثروات التي هي شريان وعصب الحياة لكننا نقول إن الأموال تعوض وان الرجال هم الذين يجلبون المال ويبنون البلدان ؛ لكن الذين يغيبون ويقتلون من قبل تلك العصابات الحكومية الإجرامية لا يمكن تعويضهم بسهولة ، وهنا نقول صدق الرئيس الطالباني بالمال ولا بالعيال كما يقول المثل الشعبي العراقي.
* كاتب عراقي
هذه المقدمة لها علاقة بموضوعنا الذي سنتطرق له اليوم حيث حيث كشفت صحيفة الواشنطن بوست الأميركية عن تقرير أميركي للمفتش العام لإعادة إعمار العراق يؤكد فيه الفساد الإداري الواضح والكبير في العراق .
وأكد التقرير أن ما قيمته 38 مليون دولار من الجهود الأميركية لوضع نظام محاسبة يعتمد على الكومبيوتر ذهبت أدراج الرياح، لأن وزارة المالية العراقية ما تزال تستخدم النظام الورقي في المحاسبة.
المفتش العام ستيوارت بوين أكد في تقريره الذي صدر من مكتبه قبل اسبوع تقريباً أن أحدا ما في وزارة المالية العراقية – التي يديرها بيان جبر صولاغ وزير الداخلية السابق في حكومة الجعفري ووزير المالية حالياً في حكومة المالكي – لم يلاحظ أن البرنامج الإلكتروني لم يعمل منذ شهر، مشددا على أن لا أحد في هذه الوزارة يـُعتمد عليه في إصدار التقارير عبر استخدام الحاسبات الإلكترونية.
وهل الأمريكان لايعرفون جهل هؤلاء بالعلوم الحديثة ولا يعرفون إلا آخر التطورات في عالم الجريمة الذي صار من ضمن الأجندات الثابتة لهم ولا يمر يوم من الأيام إلا ونسمع عن جريمة هنا وهناك يقودها رجال الداخلية والدفاع والمالية التي هي في حقيقة الأمر بؤرة للقتل وللتدمير والاختطاف .
تقرير بوين يأتي بعد أن أفصح مكتب المحاسبة الأميركي في مستهل هذا الشهر عن أن ثمانية ملايين دولار أنفقت على تدريب نحو 500 موظف حكومي عراقي في مختلف الوزارات لاستخدام النظام الإلكتروني، غير أن وزارة المالية رفضت التخلي عن نظامها الورقي.
نعم ثمانية ملايين دولار والنتيجة إن النظام الورقي هو المستمر في الوزارة ، فأين ذهبت هذه الملايين ؟؟؟
أم أنها ذهبت إلى المعتقلات السرية التي يعرفها صولاغ جيداً حينما كان وزيراً مسئولاً عن السلام والأمن والتي أصبحت منذ أيامه الأولى والى اليوم الحلم الذي لايظن أهل العراق انه سيتحقق قريباً .
بوين أكد أيضاً أنه على الرغم من الاستثمار في هذا البرنامج، فإن السفارة الأميركية لدى بغداد لا تملك خطة ما أو إستراتيجية للخطوات القادمة التي ينبغي اتخاذها في تطوير هذا النظام الذي أعرضت عنه وزارة المالية.
وتبرز الصحيفة تأكيد مكتب المحاسبة الأميركي في تقريره الأخير بأن هذا الإعراض من وزارة المالية تجربة ليست فريدة من نوعها، إذ أن هذا المكتب سبق أن أنفق في السنتين الماضيتين 300 مليون دولار لتطوير قدرات الوزارات العراقية، فضلا عن تخصيص 255 مليون دولار للسنة القادمة، لكن التقدم على الرغم من هذا الإنفاق توقف ليس فقط بسبب ضعف الأمن وإنما أيضا بسبب استشراء الفساد وندرة الموظفين الأكفاء، واستفحال التعيين الوظيفي على أساس سياسي وطائفي.
ووفقا للتقرير، فإن ما يقرب من نصف الموظفين الحكوميين لا يلتحقون بأعمالهم يوميا، وكثير منهم لا يعملون أكثر من ساعتين أو ثلاثة كل يوم. وتشير واشنطن بوست في هذا الاتجاه إلى أن تقييم السفارة الأميركية وجد أن ثلث الوزارات المدنية العراقية تعاني من مشكلة “الموظفين الأشباح” وهم الأشخاص الذين تدفع لهم المرتبات لكنهم لا يأتون مطلقا إلى العمل.
نعم هكذا أسمتهم الصحيفة أو التقرير الموظفون الأشباح، فأي فساد إداري ومالي هذا الذي تعاني منه حكومة المالكي؟ وهنا بعض صور الفساد وعلى لسان أعضاء أو موظفين في الحكومة ؛ حيث كان الأولى والأجدر بالمالكي الذي يتبجح بان حكومته استطاعت أن تنجز ما لم ينجزه غيره من المسئولين العراقيين بعد الاحتلال؛ أن يعمل على الحفاظ على جزء من ثروة العراق التي يقول انه حريص عليها ، وهنا سنستشهد بكلام راضي الراضي رئيس هيئة النزاهة في العراق الذي اتهم كلا من رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب الشيخ صباح الساعدي وشقيقه خزعل الساعدي بالفساد وتهريب النفط والتزوير وتلفيق التهم.
إن لجنته اكتشفت اختفاء 18 مليار دولار من أموال الحكومة العراقية وجمعت أدلة عن ثلاثة آلاف حالة فساد.
وقال القاضي حمزة الراضي -الذي عينته الولايات المتحدة عام 2004 رئيساً لهيئة النزاهة العامة- إن هيئته بدأت عملها في مكافحة الفساد في يونيو 2004 وكشفت النقاب عن عمليات فساد واسعة النطاق في دوائر الحكومة اختفى بموجبها 18 مليار دولار.
كان الراضي -الذي فر من العراق إلى الولايات المتحدة في أغسطس/آب الماضي بعد تلقيه تهديدات الحكومة العراقية- قال إنه “منع من ملاحقة المسئولين عن عمليات الفساد وإن مساعيه أحبطت لمحاسبة المسئولين أمام القضاء”.
وتحدث التقرير الأمريكي عن العجز الحكومي عن صرف أموال الميزانية المخصصة لها، وضرب على ذلك مثلا بأن الحكومة السابقة لم تصرف سنة 2006 من الميزانية سوى 22 في المائة، ولم ينفق في النصف الأول من 2007 سوى 24 في المائة منها.
وذكر أنطوني كوردسمان من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بدراسة له بعنوان “الاقتصاد العراقي بعد 3 أعوام من الاحتلال”: وحاليًا يعيش ما يقرب من ثمانية مليون عامل عراقي على أقل من دولار واحد يوميًا، وفي ظل تلك الظروف فإن التضخم المتوقع في الاقتصاد سوف يزيد من حالات سوء التغذية التي وصلت بالفعل إلى أرقام مروعة. فقد أظهر استقصاء نشر في نوفمبر 2004 أن سوء التغذية المزمن في فترة الطفولة قد تضاعف بعد الغزو الأمريكي إلى 7.7%، بينما يعاني ربع أطفال العراق على الأقل من درجة ما من سوء التغذية. وقد استمرت الظروف المعيشية في التدهور منذ نشر التقرير، كما ستتفاقم الأزمة مع انهيار نظام توزيع الحصص التموينية الذي كان يخدم ملايين العائلات العراقية.
وشدد مكتب المحاسبة الأميركي في تقريره على أنه أكد الشهر الماضي أن من غير المحتمل أن ينفق العراق في الأشهر المتبقية من هذه السنة 10 مليارات من ميزانية 2007.
ومضى التقرير إلى الحديث عن اختراق الميليشيات للوزارات العراقية، ومثل لذلك بوزارة الداخلية التي قال إنها مخترقة من عناصر المجلس الأعلى الإسلامي العراقي ومنظمة بدر، فضلا عن جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر.
وأضاف التقرير إلى أن الخدمات المدنية في العراق ظلت معاقة بفعل كادرها ذي الولاء الحزبي والطائفي، مما شل قدرة الوزارات الخدمية في تقديم الخدمات، وفي بناء الثقة وسط المدنيين العراقيين.
السرقات لم تكن قاصرة على الساسة العراقيون حيث تقول دراسة نشرها مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية أن الأمريكان وبعد الاحتلال جرى تحويل أموال الدولة العراقية إلى عملات ورقية فئة مئة دولار، بلغ عددها 281 مليون ورقة. ورُزمت الكميات الهائلة من النقود في عبوات بلاستيكية مضغوطة حملتها منصات خشبية على متن طائرات شحن عسكرية، نقلتها على دفعات بمعدل مرتين في الشهر.
وبلغت كمية آخر دفعة منها نحو مليارين ونصف المليار دولار، شُحنت قبل ستة أيام من نقل السلطة إلى ما سُمي في حينه “الحكومة العراقية المؤقتة”. وأوردت مذكرة الاستجواب شهادة موظف في إدارة الاحتلال عن “أكداس المائة دولار التي كانت تتطاير في المكان”، وقال إن “أحد المقاولين تسلّم دفعة واحدة قدرها مليوني دولار في عبوات بلاستيكية مضغوطة محشوة بالنقود، موضوعة داخل حقيبة كبيرة مصنوعة من قماش الخيام”.
وجاء في المذكرة الأمريكية أن المحاسبين اكتشفوا مفاتيح الخزائن، حيث كانت الأموال تُحفظ بعهدة جندي أميركي، كان يتركها على المنضدة عندما يذهب لتناول الغذاء. واكتشفوا أيضاً سرقة نحو 800 ألف دولار من أحد أقسام الخزائن. وكانت أكياس النقود متروكة دون حراسة في مكاتب الوزارات. وقال “بيتر ويلش”، وهو عضو “جمهوري” في لجنة الكونجرس إنهم كانوا يتولون “صرف أطنان من النقود من على ظهر سيارات الشحن”. وصُرف لأحد الموظفين مبلغ 7 ملايين دولار نقداً، مع أمرٍ بأن ينفق المبلغ خلال أسبوع واحد قبل أن تسيطر “الحكومة العراقية المؤقتة على الأموال العراقية”. وكشفت مراجعة آخر محضر لجلسات “إدارة التحالف المؤقتة” وجود دفعة واحدة قدرها 500 مليون دولار مخصصة لنفقات الأمن، ومؤشر عليها بالحروف الإنجليزية الأولى فقط من عبارة: “يجري البتُّ فيها”.
ويصعب تصديق حالات الفساد والهدر في الأموال التي أنفقت على آلاف الموظفين “الأشباح” الذين كانوا يتسلمون مرتباتهم بموجب صكوك من وزارات تحت سيطرة “إدارة التحالف المؤقتة”. ولا يُستبعدُ أن تكون بعض هذه الأموال قد ذهبت، حسب مذكرة الاستجواب، إلى “عصابات الإجرام والجماعات المسلحة التي تحارب الولايات المتحدة”. وكان “ستيوارت براون”، المفتش العام لما سُمي “إعادة إعمار العراق”، قد كشف في مذكرة سابقة إنفاق نحو 9 مليارات دولار من مخصصات الوزارات العراقية “من دون ضمانات بأن تُستخدم هذه الأموال بشكل ملائم، أو خاضع للحساب”. إلاّ أن مذكرة الاستجواب الحالية أشارت إلى أن براون يعتقد الآن “أن مبلغ 20 ملياراً أنفق بالكامل دون شفافية، أو محاسبة”.
فأين هي القيم التي تحدث عنها الساسة الذين جاؤا مع الاحتلال عن العراق الجديد والديمقراطية هل هي ديمقراطية السرق وفتح الحسابات الكبيرة في لندن وباريس وواشنطن بينما يعيش ملايين العراقيين على دولار واحد في اليوم ؟؟؟
وأخيراً نحن بلد غني لاتهمنا الخسائر المادية من هؤلاء السراق الذين ينهبون خيرات العراق ليلاً ونهاراً ، وهذا لا يعني أننا لا نهتم بتلك الثروات التي هي شريان وعصب الحياة لكننا نقول إن الأموال تعوض وان الرجال هم الذين يجلبون المال ويبنون البلدان ؛ لكن الذين يغيبون ويقتلون من قبل تلك العصابات الحكومية الإجرامية لا يمكن تعويضهم بسهولة ، وهنا نقول صدق الرئيس الطالباني بالمال ولا بالعيال كما يقول المثل الشعبي العراقي.
* كاتب عراقي