يشتكي بعض الناس من آلام وإحساس بحرقة في أعلى البطن والصدر في نهار رمضان، هل هذه أيضاً من أعراض القرحة أم أن هناك شيئاً آخر؟ هذه الأعراض في الغالب ليس لها علاقة بقرحة المعدة أو الاثني عشر، ولكن بما يسمى بالارتجاع المعدي المريء، وهو ارتجاع الحامض الموجود في المعدة بطريقة عكسية إلى المريء بدلاً من الاثني عشر، والسبب في ذلك إما اتساع الفتحة التي بين المريء والمعدة، والتي تكون عادةً بمثابة صمام يسمح بنزول الطعام والشراب إلى المعدة ولا يسمح برجوعه، أو بسبب ارتخاء واتساع في عضلة الحجاب الحاجز عند الفتحة التي يمر به المريء إلى درجة أن يمر خلالها ومن أسفل إلى أعلى جزء من المعدة، أي أن يصبح جزءاً من المعدة داخل تجويف الصدر بدلاً من أن تكون بالكامل في تجويف البطن، وهو ما يسمى فتق المعدة، وهذان العاملان يؤديان إلى ارتجاع الحامض المعدي، وكذلك بعض الطعام إلى المريء، وقد يصل إلى أعلى المريء بل إلى البلعوم ويحس المريض في فمه طعم الحامض أو طعم الأكل، كما أن جزءاً من الحامض عند وصوله إلى المريء قد يدخل القصبة الهوائية ويتجه إلى الرئة مما يحدث مشاكل تنفسية، هذه المشاكل تؤدي إلى الأعراض التي ذكرتموها من حرقان في البطن والصدر وآلام، وقد يؤدي إلى غثيان وقيء.
والعوامل التي تؤدي إلى اتساع فتحة المريء والمعدة أو اتساع فتحة الحجاب الحاجز كثيرة، ولكن أهمها على الإطلاق،هو: زيادة الوزن، وملء المعدة بالطعام، فعندما يزداد الوزن خاصة في البطن فإن الضغط داخل البطن يزيد ويضغط على المعدة، ولا بد أن تجد المعدة طريقاً لإفراغها، فإذا عجز الطريق الطبيعي وهو نزول الطعام يتجه إلى الطريق غير الطبيعي وهو إلى الأعلى أي إلى المريء، ونشاهد هذا الوصف بصورة مؤقتة عند الحوامل عندما يزداد الضغط داخل البطن بسبب نمو الجنين، أما ملء المعدة بالطعام الكثير فإنه يؤدي إلى تمددها تدريجياً وحتى تتسع الفتحة وتحدث نفس المشكلة. بقي أن أذكر أن التدخين يزيد من ارتخاء هذه الفتحة وتفاقم المشكلة، لذلك من المهم في رمضان، وخاصة للبدناء من المسلمين عدم الإكثار من ملء المعدة أثناء الإفطار وأثناء السحور؛ لأن ذلك سيزيد المشكلة، ولعلها فرصة للبدناء من تقليل الطعام وإنقاص الوزن، وأيضاً فرصة للمدخنين للتوقف عن التدخين خلال هذا الشهر الكريم وما يليه من الأشهر.