تناولت وسائل الإعلام الغربية باستفاضة، ما حدث مؤخراً في لبنان، من تصدع الحكومة واستقالتها، بسبب التحرك الشعبي الذي أعقب اغتيال (رئيس الوزراء اللبناني) رفيق الحريري، معتبرة ما حدث “سابقة” في دولة عربية، يحدث أن يؤدي فيها الضغط الشعبي إلى إقالة حكومة.
واستناداً إلى العملية السياسية الدبلوماسية التي تحاول الولايات المتحدة فرضها على العالم العربي، فيما يعرف باسم “الشرق الأوسط الكبير” وتصدير الديموقراطية الأمريكية(…)؛ فإن ما حدث في لبنان، فتح آفاقاً واسعاً للحديث عن “إمكانية تغيير الأنظمة العربية، بعد دعم التحرك الشعبي”.
وسائل الإعلام الغربية أسهبت في نقل صورة “الشباب اللبنانيين الذين توشحوا الأعلام اللبنانية في شوارع العاصمة بيروت”، والذين ” رددوا الهتافات المناهضة للحكومة وللوجود السوري، ووزعوا الورود ووقعوا العرائض الكبيرة المطالبة بالاستقالة”،
والذين “اعتصموا في الساحات العامة، وباتوا ليلتهم في العراء، وسط وجود كثيف لقوات الأمن اللبنانية”.
وحاولت وكالة الأسوشيتدبرس رسم صورة مقاربة لما يحصل في الدول الغربية، وما حدث مؤخراً في أوكرانيا خلال “الثورة البرتقالية” التي أجبرت الاعتصامات السلمية في شوارع المدن الرئيسة، الرئيس فيكتور يانوكوفيتش على الاستقالة، ونصّبت زعيم المعارضة فيكتور يوشينكو.
والتقى مراسلو الوكالة الأمريكية مع مواطنين في عدد من الدول العربية، لتبيان ما وصفوه ” بآمال الشعوب العربية في تغيير أنظمتها الحاكمة الدكتاتورية”.
وقارنت الأسوشيتدبرس ما يحدث في لبنان، بالتجربة الانتخابية الأولى في المملكة العربية السعودية، وقرار (الرئيس المصري) حسني مبارك حول إتاحة الفرصة أمام الشعب للترشح للانتخابات الرئاسية، وما حدث في العراق من انتخابات جديدة.
فيما ذهبت صحيفة (كرستيان مونيتور) إلى أبعد من ذلك، قائلة: ” إن مستقبل الشرق الأوسط أصبح متعلقاً بما يحدث في شوارع بيروت أكثر بكثير منه في بغداد، التي لا تزال تواجه مقاومة”.
وأضافت الصحيفة تقول: ” إذا نجح اللبنانيون في الوصول إلى أهدافهم، فإنه لم يعد بإمكان أي زعيم في الشرق الأوسط أن ينام مرتاحاً ظاناً أن شعبه لا يزال خائفاً منه”.
مؤكدة على أن “الثورات البرتقالية ليست ممكنة فقط في شرقي أوروبا أو دول الاتحاد السوفيتي السابق، بل في الشرق الأوسط أيضاً”، وأنه “قريباً سنرى الزعماء العرب يحتضنون الإصلاحات الداخلية”.
ورغم أن بعض المحللين السياسيين العرب، وافقوا الوسائل الإعلامية الغربية فيما ذهبت إليه من اعتبار ما حدث مؤخراً في لبنان، بداية عهد جديد في الشرق الأوسط، تستطيع الجماهير من خلالها الضغط لإقالة الحكومات. إلا أن ما حدث لا يعد بالضرورة بداية لأحداث مشابهة في الدول العربية، وقد لا تعمم التجربة اللبنانية على دول أخرى، فما اجتمع في لبنان، ربما لم يكن ليجتمع في غيرها من الدول العربية.
وهذا ينطلق من عدة أسباب، منها:
1- أن لبنان يعد دولة تحكمها الانقسامات الطائفية التي أدت إلى صراعات سابقة، لم تحدث في دول عربية أخرى، خاصة وأن كل طائفة هي من القوة بمكان أن تفعل شيء ما؛ إذا أتيح لها الفرصة لذلك عكس شعوب المنطقة.
2- الطرف الذي قدم استقالته بسبب الضغط الشعبي، هو أضعف أطراف اللعبة السياسية في لبنان، إذ لم يؤد الضغط إلى استقالة إميل لحود (الذي كان التمديد له السبب الرئيس لخروج الحريري من الحكومة والانتقال من طرف الموالاة إلى المعارضة)، بل سبّب الضغط الشعبي استقالة حكومة عمر كرامي، التي لم تكن قد تشكلت إلا قبل أشهر قليلة من اغتيال الحريري.
3- إن التحرك الشعبي في لبنان، كان مدعوماً بضغط إعلامي داخلي من قبل وسائل الإعلام اللبنانية التي تتمتع بالكثير من الحرية، مقارنة بالدول العربية الأخرى، والتي تتبع كل منها لإحدى جهات الصراع والاتفاق الداخلي، فيما تبقى وسائل الإعلام في معظم الدول العربية رهينة (النظرة الحكومية الأحادية).
4- استند الضغط الشعبي على قرار دولي صادر عن الأمم المتحدة، وهو ما قد لا يتكرر بسهولة في دولة عربية أخرى، إذ إن الضغط الشعبي اعتمد على القرار الدولي رقم (1559) القاضي بضرورة انسحاب القوات السورية من لبنان.
5- تمتّع الاعتصام الشعبي والمظاهرات في لبنان، بتغطية إعلامية دولية واسعة جداً، أسهمت في تحرك دولي مؤيد لمواقف المعارضة اللبنانية، وشكّل ضغطاً أساسياً على الحكومة اللبنانية للاستقالة.
6- لم يتحرك الشارع اللبناني المعارض لوحده في عملية الضغط على الحكومة اللبنانية، بل ساهمت فيه دول عالمية، تلاقت مصالحها مع مصالح المعارضة، المتمثلة بإقالة الحكومة اللبنانية الموالية لسوريا، وخروج القوات السورية من لبنان، (كإسرائيل) مثلاً، التي سارعت إلى عرض مباحثات (سلام) مع لبنان، فور خروج القوات السورية.
7- تعد الحكومة اللبنانية موالية لإحدى الدول المستهدفة من الولايات المتحدة و(إسرائيل) وبالتالي، فإن إسقاطها هو ضربة للحكومة السورية التي لا تزال في صراع سياسي مع كلتا الدولتين، فيما تحافظ معظم الدول العربية الأخرى على علاقات متينة مع إحدى هاتين الدولتين، ما يجعلها في مأمن من قيام مثل هذه المظاهرات الداخلية والضغوط الخارجية الداعمة للمعارضة.
بعض هذه الأسباب تفضي إلى أن الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تدعم إقالة حكومات عربية معينة، تقف على الطرف الآخر من معادلة الصراع في المنطقة، ضد الوجود الأمريكي.
وبالتالي، فإن الكلام عن “قيام الشعب بتغيير الأنظمة الحاكمة بدعم خارجي” لا يمكن أن يعمم على أي من الدول التي تحكمها علاقات قوية مع الدول الغربية وأمريكا، وما يتم الإشارة إليه ليس إلا “فقاعات” إعلانية، يراد منها إشهار أمريكا على أنها “تقف إلى جانب الشعوب المضطهدة في مواجهة الحكومات الدكتاتورية” كما تحاول وسائل الإعلام الغربية رسمها.
لذلك، فإنه ومهما كان الخلاف عميقاً بين الحكومة الموريتانية (على سبيل المثال) وشعبها، ومهما حاول الموريتانيون الانقلاب على الحكم، فإن طبيعة العلاقة مع أمريكا و(إسرائيل) هي التي تحدد ما إذا كانت تلك الحكومة “ديموقراطية” أم لا !!
واستناداً إلى العملية السياسية الدبلوماسية التي تحاول الولايات المتحدة فرضها على العالم العربي، فيما يعرف باسم “الشرق الأوسط الكبير” وتصدير الديموقراطية الأمريكية(…)؛ فإن ما حدث في لبنان، فتح آفاقاً واسعاً للحديث عن “إمكانية تغيير الأنظمة العربية، بعد دعم التحرك الشعبي”.
وسائل الإعلام الغربية أسهبت في نقل صورة “الشباب اللبنانيين الذين توشحوا الأعلام اللبنانية في شوارع العاصمة بيروت”، والذين ” رددوا الهتافات المناهضة للحكومة وللوجود السوري، ووزعوا الورود ووقعوا العرائض الكبيرة المطالبة بالاستقالة”،
والذين “اعتصموا في الساحات العامة، وباتوا ليلتهم في العراء، وسط وجود كثيف لقوات الأمن اللبنانية”.
وحاولت وكالة الأسوشيتدبرس رسم صورة مقاربة لما يحصل في الدول الغربية، وما حدث مؤخراً في أوكرانيا خلال “الثورة البرتقالية” التي أجبرت الاعتصامات السلمية في شوارع المدن الرئيسة، الرئيس فيكتور يانوكوفيتش على الاستقالة، ونصّبت زعيم المعارضة فيكتور يوشينكو.
والتقى مراسلو الوكالة الأمريكية مع مواطنين في عدد من الدول العربية، لتبيان ما وصفوه ” بآمال الشعوب العربية في تغيير أنظمتها الحاكمة الدكتاتورية”.
وقارنت الأسوشيتدبرس ما يحدث في لبنان، بالتجربة الانتخابية الأولى في المملكة العربية السعودية، وقرار (الرئيس المصري) حسني مبارك حول إتاحة الفرصة أمام الشعب للترشح للانتخابات الرئاسية، وما حدث في العراق من انتخابات جديدة.
فيما ذهبت صحيفة (كرستيان مونيتور) إلى أبعد من ذلك، قائلة: ” إن مستقبل الشرق الأوسط أصبح متعلقاً بما يحدث في شوارع بيروت أكثر بكثير منه في بغداد، التي لا تزال تواجه مقاومة”.
وأضافت الصحيفة تقول: ” إذا نجح اللبنانيون في الوصول إلى أهدافهم، فإنه لم يعد بإمكان أي زعيم في الشرق الأوسط أن ينام مرتاحاً ظاناً أن شعبه لا يزال خائفاً منه”.
مؤكدة على أن “الثورات البرتقالية ليست ممكنة فقط في شرقي أوروبا أو دول الاتحاد السوفيتي السابق، بل في الشرق الأوسط أيضاً”، وأنه “قريباً سنرى الزعماء العرب يحتضنون الإصلاحات الداخلية”.
ورغم أن بعض المحللين السياسيين العرب، وافقوا الوسائل الإعلامية الغربية فيما ذهبت إليه من اعتبار ما حدث مؤخراً في لبنان، بداية عهد جديد في الشرق الأوسط، تستطيع الجماهير من خلالها الضغط لإقالة الحكومات. إلا أن ما حدث لا يعد بالضرورة بداية لأحداث مشابهة في الدول العربية، وقد لا تعمم التجربة اللبنانية على دول أخرى، فما اجتمع في لبنان، ربما لم يكن ليجتمع في غيرها من الدول العربية.
وهذا ينطلق من عدة أسباب، منها:
1- أن لبنان يعد دولة تحكمها الانقسامات الطائفية التي أدت إلى صراعات سابقة، لم تحدث في دول عربية أخرى، خاصة وأن كل طائفة هي من القوة بمكان أن تفعل شيء ما؛ إذا أتيح لها الفرصة لذلك عكس شعوب المنطقة.
2- الطرف الذي قدم استقالته بسبب الضغط الشعبي، هو أضعف أطراف اللعبة السياسية في لبنان، إذ لم يؤد الضغط إلى استقالة إميل لحود (الذي كان التمديد له السبب الرئيس لخروج الحريري من الحكومة والانتقال من طرف الموالاة إلى المعارضة)، بل سبّب الضغط الشعبي استقالة حكومة عمر كرامي، التي لم تكن قد تشكلت إلا قبل أشهر قليلة من اغتيال الحريري.
3- إن التحرك الشعبي في لبنان، كان مدعوماً بضغط إعلامي داخلي من قبل وسائل الإعلام اللبنانية التي تتمتع بالكثير من الحرية، مقارنة بالدول العربية الأخرى، والتي تتبع كل منها لإحدى جهات الصراع والاتفاق الداخلي، فيما تبقى وسائل الإعلام في معظم الدول العربية رهينة (النظرة الحكومية الأحادية).
4- استند الضغط الشعبي على قرار دولي صادر عن الأمم المتحدة، وهو ما قد لا يتكرر بسهولة في دولة عربية أخرى، إذ إن الضغط الشعبي اعتمد على القرار الدولي رقم (1559) القاضي بضرورة انسحاب القوات السورية من لبنان.
5- تمتّع الاعتصام الشعبي والمظاهرات في لبنان، بتغطية إعلامية دولية واسعة جداً، أسهمت في تحرك دولي مؤيد لمواقف المعارضة اللبنانية، وشكّل ضغطاً أساسياً على الحكومة اللبنانية للاستقالة.
6- لم يتحرك الشارع اللبناني المعارض لوحده في عملية الضغط على الحكومة اللبنانية، بل ساهمت فيه دول عالمية، تلاقت مصالحها مع مصالح المعارضة، المتمثلة بإقالة الحكومة اللبنانية الموالية لسوريا، وخروج القوات السورية من لبنان، (كإسرائيل) مثلاً، التي سارعت إلى عرض مباحثات (سلام) مع لبنان، فور خروج القوات السورية.
7- تعد الحكومة اللبنانية موالية لإحدى الدول المستهدفة من الولايات المتحدة و(إسرائيل) وبالتالي، فإن إسقاطها هو ضربة للحكومة السورية التي لا تزال في صراع سياسي مع كلتا الدولتين، فيما تحافظ معظم الدول العربية الأخرى على علاقات متينة مع إحدى هاتين الدولتين، ما يجعلها في مأمن من قيام مثل هذه المظاهرات الداخلية والضغوط الخارجية الداعمة للمعارضة.
بعض هذه الأسباب تفضي إلى أن الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تدعم إقالة حكومات عربية معينة، تقف على الطرف الآخر من معادلة الصراع في المنطقة، ضد الوجود الأمريكي.
وبالتالي، فإن الكلام عن “قيام الشعب بتغيير الأنظمة الحاكمة بدعم خارجي” لا يمكن أن يعمم على أي من الدول التي تحكمها علاقات قوية مع الدول الغربية وأمريكا، وما يتم الإشارة إليه ليس إلا “فقاعات” إعلانية، يراد منها إشهار أمريكا على أنها “تقف إلى جانب الشعوب المضطهدة في مواجهة الحكومات الدكتاتورية” كما تحاول وسائل الإعلام الغربية رسمها.
لذلك، فإنه ومهما كان الخلاف عميقاً بين الحكومة الموريتانية (على سبيل المثال) وشعبها، ومهما حاول الموريتانيون الانقلاب على الحكم، فإن طبيعة العلاقة مع أمريكا و(إسرائيل) هي التي تحدد ما إذا كانت تلك الحكومة “ديموقراطية” أم لا !!