الحمد لله الذي قدر فهدى ، يبتلي عباده بما يشاء له الأمر وله الحكم وإليه يرجعون وهو على كل شيْء قدير ، وصلى الله على عبد الله ورسوله محمد وآله وصحبه.. وبعد :
قد اطلعت على بيانين كل منهما عنون بالإصلاح كتب الأول د / سعد الفقيه، وكتب الآخر د/ سفر الحوالي ، فأحببت المقارنة بينهما على النحو الآتي :
أما أولهما فهو أشدهما خطراً ، مضموناً ودعوة ومآلاً يحدد مطالب ، ويتضمن تهديدات ويدعو إلى تجمعات تستعدي وتظهر التحدي ، ولا يخفى خطر هذه الروح لا سيما مع كثرة المتربصين ، وحسد الحاسدين وانتهاز الفرص للمنتهزين.
وثانيهما : من عالم له معرفته وتمكنه من العلم ، شهرته تبلغ الآفاق، فقد أسفرت عن خير يا سفر ، وتحدث بفضلك من أقام ومن تلبس بسفر ( هكذا نحسبك ولا نزكي على الله أحداً )
وأما د/ سعد الفقيه فمطالبه وخطاباته وجمهوره والكلمات التي تنطلق منها حركته تحتاج إلى وقفات ، ليس هذا موطنها ، لكني أحببت أن أقف بعض الوقفات فيما يخص من تتستهويه المطالب، ويسمع المقال، وربما تحمس لتنفيذ الفكرة، فأقول :
1. إن التحدي وإثارة الخصومات بين المسلمين لا يجلب خيراً مهما بلغت فداحة الأخطاء والتاريخ يشهد بذلك، وما الذي نشر الأهواء إلا الخصومات .
في جو الخصومات تضيع الحقوق ويحضر الشيطان ومعاونيه فيوقدون النار ويقربون الحطب ، ويضيع صوت الناصح فالحذر الحذر ، لا بد من وقفة محاسبة ومراقبة وخشية من الله _عز وجل_ حتى لا ينزغ الشيطان بين المؤمنين ، وحتى لا يجد الأعداء بغيتهم في تفريق المؤمنين ، وإشغالهم بما هم في غنى عنه في هذه المرحلة، التي تكالب فيها الأعداء وكثر ضعف الأقوياء ، وتجاوز البعض على العلماء .
2. هذه الفوضى والتجمعات التي لم نرها تحقق مصلحة خاصة في مجتمعنا ، وإنما في ظني فرصة سانحة يرتب لها الأعداء أو على الأقل يستثمرونها لتقوى الهوة بين الأمة ، وتتعمق الفرقة فيصبح كل حزب بما لديهم فرحون .
3. لقد تضمن أحد الخطابين استدلالاً بالآيات ، وحرصاً على تحقيق مصالح الأمة بالقدر المستطاع ، و لا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها . فهو تذكير بالاهتداء بالوحيين ، وهذا دأب العلماء الناصحين فهنيئاً لأمة تملك مثل ألئك الأفذاذ ، فينبغي أن تصغي لمقالتهم ؛ لأنهم لمصلحتها يسعون ، وعن اجتماعها يذبون ، فلا يحسنون التعيير ، ولا المهاترات ، وليس دأبهم كثرة البيانات والتجمعات ، لكن مقالة تدبجها يد يملي عليها قلب استشعر النصيحة و فكر في مصلحة الأمة لا أخاله سيكتب إلا صدقاً ويوقع أثراً يرشد الموقف ، ويكشف الله به البلاء ، فنحن في مجتمع يصغي للعلماء ويقف عند حدود الله، لكن العبرة ينبغي أن يستشعرها كل من قصر في مواقفه ، وغفل عن قضاياه المصيرية ، فاقتربت منه البطانة ، وحرصت على التهويل ، واقتناص الفرص ، فربما صور له المصلحون مفسدين ، والناصحون كذبة ، والمنكرُ معروفاً ، والمعروفُ منكراً ، فيا من ولي من الأمر شيئاً صغيراً أو كبيراً ، استشعر هذه القضية وأعطها حقها من التأمل فقد ثبت عنه _صلى الله عليه وسلم_ من حديث أبي سعيد الخدري أنه قال : “ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان : بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه ، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه ، فالمعصوم من عصمه الله” . رواه البخاري ، كتاب الأحكام .
فتأمل _رعاك الله_ هذه الوصية النبوية وأعطها حقها كائناً من كنت واجتهد في سؤال الحفظ ولن يتحقق إلا لمن حفظه الله ، نسأل الله أن يحفظ على المسلمين دينهم وأمنهم ، وجماعتهم ، وأن يوفقهم لإزالة ما علق بسماء ألفتهم من سحب متراكمة ودخان شوه منظرها وحجب بعض نجومها التي تضيء للناس الطريق.. آمين.
وأخيراً فإني أناشد العلماء الذين تعرف الأمة قدرهم أن يدلوا بدلوهم بعلم وتجرد وصدق حتى تنقشع الغمة ، وتنفرج الأزمة .
ولنتذكر موقف سهيل بن عمرو ، وأبي بكر في الردة وأخرى في تاريخنا المجيد تطل علينا من سمائه العالية ، أسأل الله أن يحفظ على الأمة قوتها ويزيل كربتها وينصر المسلمين المستضعفين في كل مكان آمين .
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
[email protected]
قد اطلعت على بيانين كل منهما عنون بالإصلاح كتب الأول د / سعد الفقيه، وكتب الآخر د/ سفر الحوالي ، فأحببت المقارنة بينهما على النحو الآتي :
أما أولهما فهو أشدهما خطراً ، مضموناً ودعوة ومآلاً يحدد مطالب ، ويتضمن تهديدات ويدعو إلى تجمعات تستعدي وتظهر التحدي ، ولا يخفى خطر هذه الروح لا سيما مع كثرة المتربصين ، وحسد الحاسدين وانتهاز الفرص للمنتهزين.
وثانيهما : من عالم له معرفته وتمكنه من العلم ، شهرته تبلغ الآفاق، فقد أسفرت عن خير يا سفر ، وتحدث بفضلك من أقام ومن تلبس بسفر ( هكذا نحسبك ولا نزكي على الله أحداً )
وأما د/ سعد الفقيه فمطالبه وخطاباته وجمهوره والكلمات التي تنطلق منها حركته تحتاج إلى وقفات ، ليس هذا موطنها ، لكني أحببت أن أقف بعض الوقفات فيما يخص من تتستهويه المطالب، ويسمع المقال، وربما تحمس لتنفيذ الفكرة، فأقول :
1. إن التحدي وإثارة الخصومات بين المسلمين لا يجلب خيراً مهما بلغت فداحة الأخطاء والتاريخ يشهد بذلك، وما الذي نشر الأهواء إلا الخصومات .
في جو الخصومات تضيع الحقوق ويحضر الشيطان ومعاونيه فيوقدون النار ويقربون الحطب ، ويضيع صوت الناصح فالحذر الحذر ، لا بد من وقفة محاسبة ومراقبة وخشية من الله _عز وجل_ حتى لا ينزغ الشيطان بين المؤمنين ، وحتى لا يجد الأعداء بغيتهم في تفريق المؤمنين ، وإشغالهم بما هم في غنى عنه في هذه المرحلة، التي تكالب فيها الأعداء وكثر ضعف الأقوياء ، وتجاوز البعض على العلماء .
2. هذه الفوضى والتجمعات التي لم نرها تحقق مصلحة خاصة في مجتمعنا ، وإنما في ظني فرصة سانحة يرتب لها الأعداء أو على الأقل يستثمرونها لتقوى الهوة بين الأمة ، وتتعمق الفرقة فيصبح كل حزب بما لديهم فرحون .
3. لقد تضمن أحد الخطابين استدلالاً بالآيات ، وحرصاً على تحقيق مصالح الأمة بالقدر المستطاع ، و لا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها . فهو تذكير بالاهتداء بالوحيين ، وهذا دأب العلماء الناصحين فهنيئاً لأمة تملك مثل ألئك الأفذاذ ، فينبغي أن تصغي لمقالتهم ؛ لأنهم لمصلحتها يسعون ، وعن اجتماعها يذبون ، فلا يحسنون التعيير ، ولا المهاترات ، وليس دأبهم كثرة البيانات والتجمعات ، لكن مقالة تدبجها يد يملي عليها قلب استشعر النصيحة و فكر في مصلحة الأمة لا أخاله سيكتب إلا صدقاً ويوقع أثراً يرشد الموقف ، ويكشف الله به البلاء ، فنحن في مجتمع يصغي للعلماء ويقف عند حدود الله، لكن العبرة ينبغي أن يستشعرها كل من قصر في مواقفه ، وغفل عن قضاياه المصيرية ، فاقتربت منه البطانة ، وحرصت على التهويل ، واقتناص الفرص ، فربما صور له المصلحون مفسدين ، والناصحون كذبة ، والمنكرُ معروفاً ، والمعروفُ منكراً ، فيا من ولي من الأمر شيئاً صغيراً أو كبيراً ، استشعر هذه القضية وأعطها حقها من التأمل فقد ثبت عنه _صلى الله عليه وسلم_ من حديث أبي سعيد الخدري أنه قال : “ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان : بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه ، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه ، فالمعصوم من عصمه الله” . رواه البخاري ، كتاب الأحكام .
فتأمل _رعاك الله_ هذه الوصية النبوية وأعطها حقها كائناً من كنت واجتهد في سؤال الحفظ ولن يتحقق إلا لمن حفظه الله ، نسأل الله أن يحفظ على المسلمين دينهم وأمنهم ، وجماعتهم ، وأن يوفقهم لإزالة ما علق بسماء ألفتهم من سحب متراكمة ودخان شوه منظرها وحجب بعض نجومها التي تضيء للناس الطريق.. آمين.
وأخيراً فإني أناشد العلماء الذين تعرف الأمة قدرهم أن يدلوا بدلوهم بعلم وتجرد وصدق حتى تنقشع الغمة ، وتنفرج الأزمة .
ولنتذكر موقف سهيل بن عمرو ، وأبي بكر في الردة وأخرى في تاريخنا المجيد تطل علينا من سمائه العالية ، أسأل الله أن يحفظ على الأمة قوتها ويزيل كربتها وينصر المسلمين المستضعفين في كل مكان آمين .
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
[email protected]