ترجمة : الحسن السرات
كما هو الشأن دائما في القضايا السياسية والعسكرية، تكون الحقيقة أبعد شيء عن المعلومات المقدمة للجمهور، والتي تتجاوز في بعض الأحيان الخيال.
فأين وصل الوضع بالنسبة للصحافيين المختطفين كريستيان شينو، وجورج مالبرونو منذ 20 أغسطس الماضي في العراق؟
وعلى عاتق من تقع مسؤولية تقديم المعلومات الحقيقية عن قضيتهم ؟
من منطلق رسمي، فإن الصحفيين الفرنسيين مختطفان من قبل مجموعة إسلامية مسلحة، ترتبط بمنظمات ( إرهابية ) دولية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن الولايات المتحدة هي حليف أساسي لفرنسا.
ولكن في الحقيقة، فإن جزءاً كبيراً من الجمهور الفرنسي لا يستطيع الاستمرار في تصديق هذه الرواية الرسمية.
الحكومة الفرنسية تعرف الحقيقة، وتعرف أن هذه المعلومات التي تطلقها للشعب غير صحيحة، ولكنها لا تجرؤ على قول الحقيقة، فهذا الخيار بالنسبة لها صعب جداً ، إذ إن مثل هذا العمل يمكن أن يفتح الباب أمام نزاع من العيار الثقيل مع العسكريين الصهاينة والأمريكيين.
المعلومات التي لدينا، تعد حقيقية وصحيحة، وهي ما سوف نصل إليه بالتحليل.
فالأخبار المنشورة في وسائل الإعلام، والتي تؤكدها تقارير المراقبين والمعلقين، تشير إلى أن الحكومة الأمريكية والأجهزة الأمنية الصهيونية بصدد تطبيق خارطة طريق خاصة بهم في العراق، تحمل عنواناً واضحاً، هي أن تكون “إما معنا أو ضدنا”، أي ” إما مع الجيش الأمريكي أو مع المقاومة العراقية”.
لذلك، فإن الجيش الأمريكي والموساد الإسرائيلي (الذي يعمل معه في الخفاء داخل وخارج العراق)، يريدان إكراه فرنسا على الانخراط عسكرياً في العراق، إلى جانب الأمريكيين، وضد المقاومة العراقية.
وهذه الضغوطات تلاقي بعض السائرين معها في الجيش الفرنسي، والذين يسيرون ضد السياسة الرسمية للحكومة الفرنسية.
وما هو مؤكد أيضاً، أن الرهينتين الفرنسيين وسائقهم السوري يعاملون حالياً معاملة حسنة على يد المقاومة العراقية، وصحتهم جيدة، وقد وصلوا إلى يد المقاومة العراقية، بعد أن تم تحريرهم من عصابات داخلية، قامت بخطفهم في العراق.
والمقاومة العراقية تنتظر الآن أن تعلن فرنسا عن موقفها الكامل من الوضع السياسي والعسكري في العراق.
لقد تم تحرير الصحافيين منذ مدة على يد وحدات من المقاومة العراقية، بالتنسيق مع هيئة العلماء المسلمين.
وقد قامت الوحدات المسلحة في المقاومة العراقية بقتل واعتقال اللصوص الذين قاموا باختطاف الرهائن الثلاثة.
المقاومة العراقية لا تريد الآن الدخول في معركة ضد فرنسا، بل على العكس، تقدم الآن للصحافيين الفرنسيين معلومات، وتتيح لهم تسجيل وثائق، تثير قلق الجيش الأمريكي والحكومة الإسرائيلية والعراقية.
لذلك فإن الصحفيين الفرنسيين هما في الحقيقة مستهدفان من قبل كل هذه الجهات، التي تحاول القضاء عليهم بأي شكل.
وبحال قتلا، فإن الجبهة الأمريكية والصهيونية ستربح الكثير.
من وجهة نظر عامة، فإن الأمريكيين والصهاينة؛ يريدون تمكين أمنهم، بالتحكم عن طريق القوة على منطقة الشرق الأوسط كلها، ولإنجاز هذا يريدون الحصول بأي ثمن على دعم أوروبا وعلى رأسها فرنسا الزعيمة.
وما حصل ميدانياً؛ يؤكد هذه الحقيقة، فبعد تحرير الصحافيين الفرنسيين على يد المقاومة العراقية بقليل، أعلنت السلطات الفرنسية عن مكان وجود الصحفيين، وما هي إلا ساعات قليلة، حتى قامت القوات الأمريكية بقصف ذات المنطقة، بعد حصولهم على معلومات قدمها لها أعضاء مرتبطون بالموساد في الإدارة والجيش الفرنسي.
بالنسبة للحكومة الفرنسية، فإن الوضع سيئ للغاية بطبيعة الحال بعد موقفها من احتلال العراق، وفي الوقت نفسه بدأت بعض المعلومات تخرج من البنتاغون تتعلق بتورط بعض الفرنسيين في أحداث 11 سبتمبر 2001م.
وقريباً أو بعيداً، سوف تكشف السلطات الفرنسية عن الحقيقة التي تؤكد “أن حرباً عالمية قد اندلعت، وعلى فرنسا أن تتخذ الموقف اللازم وسط “الأخطار الكبرى” بين نارين، فإما الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، أو شعوب العالم الإسلامي من جهة أخرى”.
ترى.. كيف ستنجح فرنسا في المحافظة على سلمها الداخلي، والتحرك بفعالية من أجل العودة إلى السلام في منطقة الشرق الأوسط عندما نعلم أن الرغبة الجامحة للإدارة الأمريكية الحالية والعسكريين الصهاينة هي إحراق المنطقة بأكملها لإخضاع العالم الإسلامي عسكريا والتحكم في النفط .
ماذا سيكون موقف فرنسا، وما هو دورها في هذه الحرب العالمية المفتوحة من الآن فصاعداً.
من المرجح أن يطرح كل مواطن فرنسي هذا السؤال على نفسه، وهل الحكومة الفرنسية اليوم عليها أن تقدم يد المساعدة للشعب العراقي، أم تنحني أمام المستبدين الصهاينة والأمريكان؟
وهل عليها أن تساند تحرير الصحافيين أم عليها أن تضحي بعلاقاتنا “الحسنة” مع تل أبيب وواشنطن؟ وكيف سيتسنى لكل مواطن فرنسي أن يتحرك من أجل السلام على هذا الكوكب وفي بلادنا الجميلة؟
_______________
*رئيس “بوليتيك دو في” (سياسة الحياة)
مؤلف “مافيا أم ديمقراطية: نبوءة من أجل الجمهورية الخامسة”
كما هو الشأن دائما في القضايا السياسية والعسكرية، تكون الحقيقة أبعد شيء عن المعلومات المقدمة للجمهور، والتي تتجاوز في بعض الأحيان الخيال.
فأين وصل الوضع بالنسبة للصحافيين المختطفين كريستيان شينو، وجورج مالبرونو منذ 20 أغسطس الماضي في العراق؟
وعلى عاتق من تقع مسؤولية تقديم المعلومات الحقيقية عن قضيتهم ؟
من منطلق رسمي، فإن الصحفيين الفرنسيين مختطفان من قبل مجموعة إسلامية مسلحة، ترتبط بمنظمات ( إرهابية ) دولية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن الولايات المتحدة هي حليف أساسي لفرنسا.
ولكن في الحقيقة، فإن جزءاً كبيراً من الجمهور الفرنسي لا يستطيع الاستمرار في تصديق هذه الرواية الرسمية.
الحكومة الفرنسية تعرف الحقيقة، وتعرف أن هذه المعلومات التي تطلقها للشعب غير صحيحة، ولكنها لا تجرؤ على قول الحقيقة، فهذا الخيار بالنسبة لها صعب جداً ، إذ إن مثل هذا العمل يمكن أن يفتح الباب أمام نزاع من العيار الثقيل مع العسكريين الصهاينة والأمريكيين.
المعلومات التي لدينا، تعد حقيقية وصحيحة، وهي ما سوف نصل إليه بالتحليل.
فالأخبار المنشورة في وسائل الإعلام، والتي تؤكدها تقارير المراقبين والمعلقين، تشير إلى أن الحكومة الأمريكية والأجهزة الأمنية الصهيونية بصدد تطبيق خارطة طريق خاصة بهم في العراق، تحمل عنواناً واضحاً، هي أن تكون “إما معنا أو ضدنا”، أي ” إما مع الجيش الأمريكي أو مع المقاومة العراقية”.
لذلك، فإن الجيش الأمريكي والموساد الإسرائيلي (الذي يعمل معه في الخفاء داخل وخارج العراق)، يريدان إكراه فرنسا على الانخراط عسكرياً في العراق، إلى جانب الأمريكيين، وضد المقاومة العراقية.
وهذه الضغوطات تلاقي بعض السائرين معها في الجيش الفرنسي، والذين يسيرون ضد السياسة الرسمية للحكومة الفرنسية.
وما هو مؤكد أيضاً، أن الرهينتين الفرنسيين وسائقهم السوري يعاملون حالياً معاملة حسنة على يد المقاومة العراقية، وصحتهم جيدة، وقد وصلوا إلى يد المقاومة العراقية، بعد أن تم تحريرهم من عصابات داخلية، قامت بخطفهم في العراق.
والمقاومة العراقية تنتظر الآن أن تعلن فرنسا عن موقفها الكامل من الوضع السياسي والعسكري في العراق.
لقد تم تحرير الصحافيين منذ مدة على يد وحدات من المقاومة العراقية، بالتنسيق مع هيئة العلماء المسلمين.
وقد قامت الوحدات المسلحة في المقاومة العراقية بقتل واعتقال اللصوص الذين قاموا باختطاف الرهائن الثلاثة.
المقاومة العراقية لا تريد الآن الدخول في معركة ضد فرنسا، بل على العكس، تقدم الآن للصحافيين الفرنسيين معلومات، وتتيح لهم تسجيل وثائق، تثير قلق الجيش الأمريكي والحكومة الإسرائيلية والعراقية.
لذلك فإن الصحفيين الفرنسيين هما في الحقيقة مستهدفان من قبل كل هذه الجهات، التي تحاول القضاء عليهم بأي شكل.
وبحال قتلا، فإن الجبهة الأمريكية والصهيونية ستربح الكثير.
من وجهة نظر عامة، فإن الأمريكيين والصهاينة؛ يريدون تمكين أمنهم، بالتحكم عن طريق القوة على منطقة الشرق الأوسط كلها، ولإنجاز هذا يريدون الحصول بأي ثمن على دعم أوروبا وعلى رأسها فرنسا الزعيمة.
وما حصل ميدانياً؛ يؤكد هذه الحقيقة، فبعد تحرير الصحافيين الفرنسيين على يد المقاومة العراقية بقليل، أعلنت السلطات الفرنسية عن مكان وجود الصحفيين، وما هي إلا ساعات قليلة، حتى قامت القوات الأمريكية بقصف ذات المنطقة، بعد حصولهم على معلومات قدمها لها أعضاء مرتبطون بالموساد في الإدارة والجيش الفرنسي.
بالنسبة للحكومة الفرنسية، فإن الوضع سيئ للغاية بطبيعة الحال بعد موقفها من احتلال العراق، وفي الوقت نفسه بدأت بعض المعلومات تخرج من البنتاغون تتعلق بتورط بعض الفرنسيين في أحداث 11 سبتمبر 2001م.
وقريباً أو بعيداً، سوف تكشف السلطات الفرنسية عن الحقيقة التي تؤكد “أن حرباً عالمية قد اندلعت، وعلى فرنسا أن تتخذ الموقف اللازم وسط “الأخطار الكبرى” بين نارين، فإما الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، أو شعوب العالم الإسلامي من جهة أخرى”.
ترى.. كيف ستنجح فرنسا في المحافظة على سلمها الداخلي، والتحرك بفعالية من أجل العودة إلى السلام في منطقة الشرق الأوسط عندما نعلم أن الرغبة الجامحة للإدارة الأمريكية الحالية والعسكريين الصهاينة هي إحراق المنطقة بأكملها لإخضاع العالم الإسلامي عسكريا والتحكم في النفط .
ماذا سيكون موقف فرنسا، وما هو دورها في هذه الحرب العالمية المفتوحة من الآن فصاعداً.
من المرجح أن يطرح كل مواطن فرنسي هذا السؤال على نفسه، وهل الحكومة الفرنسية اليوم عليها أن تقدم يد المساعدة للشعب العراقي، أم تنحني أمام المستبدين الصهاينة والأمريكان؟
وهل عليها أن تساند تحرير الصحافيين أم عليها أن تضحي بعلاقاتنا “الحسنة” مع تل أبيب وواشنطن؟ وكيف سيتسنى لكل مواطن فرنسي أن يتحرك من أجل السلام على هذا الكوكب وفي بلادنا الجميلة؟
_______________
*رئيس “بوليتيك دو في” (سياسة الحياة)
مؤلف “مافيا أم ديمقراطية: نبوءة من أجل الجمهورية الخامسة”