ديبلوماسي أوربي حضر بعض اجتماعات القمة العربية الأخيرة المتعلقة بالإصلاحات وخرج بفكرة مختصرة عن الرؤساء العرب الذين حضروا : ” موقفهم هو نعم للإصلاح .. لكن ليس في عهدي ” وربما لا يدرك السياسي الأوروبي أنه عبر بدقة بالغة عن المرحلة الحساسة التي يمر بها النظام العربي حالياً ، ويمكن أن نضيف تعديلاً بسيطاً فنقول: إن هذه العبارة تبناها الأمريكيون مؤخراً : ” نعم للإصلاح – التام – لكن ليس في عهدكم ” وقبل ذلك كانت الضغوط تطالب بالإصلاحات الكاملة بصورة فورية ، ثم ترسبت قناعة لدى الإدارة الأمريكية أن النظام العربي ليست لديه القدرة أو المرونة على تنفيذ مطالبها ، وأن قادته يشكلون حجر عثرة في طريق الإصلاح – حسب الرؤية الأمريكية – ..
فكان الحل البديل أن يُترك الرؤساء العرب على حالهم شريطة أن يعدوا أنفسهم نهاية المرحلة العربية الحالية ، ومقابل هذا التنازل الأمريكي عليهم أن يمهدوا السبيل لتدشين المرحلة المستقبلية لنظام عربي جديد ، وهذا السيناريو لا يلزم لتنفيذه توافر موافقة الطرف العربي ، فيمكن للأمريكيين أن يشرعوا في إعداده من تلقاء أنفسهم ، وتفصيله إلى أجزاء – إصلاحية – صغيرة تُنفذ منفردة ثم تعود إلى الالتئام في صورتها الكاملة الجديدة بعد غياب الرئيس ..
نقول ذلك بمناسبة تزايد التكهنات والتساؤلات في أعقاب الأزمة الصحية التي تعرض لها الرئيس المصري مبارك مؤخراً في نفس الوقت الذي تتحدث فيه التقارير عن برود في العلاقات الأمريكية المصرية ، وقد تحدثنا في مقال سابق ( الجدار الفلسطيني المائل والسياسة العربية ) عن منظومة التوازنات التي تحكم العلاقة المصرية الأمريكية، والتي تتلخص في كلمة واحدة هي: التنازلات ، ونضيف: هنا بعد آخر لهذه المنظومة في نسختها العربية ، فنقول: إن هناك رؤية افتراضية سياسية للمنطقة تسعى إليها الولايات المتحدة يمكن أن نطلق عليها : نقطة أو مستوى إشباع المصالح الأمريكية ، وتسعى الإدارة الأمريكية بجهدها المباشر للوصول إلى هذا المستوى ، وفي نفس الوقت تمارس ضغوطها على النظام العربي لدفعه قسراً للوصول إلى مستوى الإشباع الأمريكي من جهة أخرى ، ومع تعرقل الجهود الأمريكية بسبب الورطة العراقية تزايدت الضغوط على النظام العربي ليُعوض التراجع الأمريكي ، وتظل هناك بعض الدول العربية التي لا تزال تمثل معوقاً للمصالح الأمريكية رغم علاقة التحالف المشتركة ..
وهنا كان السعي بقوة لتدشين نظام عربي جديد تحاول فيه الإدارة الأمريكية أن تكون حاضرة منذ البداية كقوة رئيسة مؤثرة في الأوضاع الداخلية ، وهذا يفسر الجهد الأمريكي الدؤوب لخلخلة منظومات التوازن السياسية داخل عدد من الدول العربية، مثل: مصر والسودان وليبيا من أجل إيجاد فراغ سياسي يسمح لها بأن ” تحشر ” نفسها كلاعب رئيس في الميدان وليس بصورة غير مباشرة كما في أوضاع سابقة ، وبعبارة أخرى فإن لسان حال الإدارة الأمريكية يقول : ” لقد انتهى عهد صياغة النظام العربي بعيداً عنا ، ولم يعد يكفينا التزامه بمصالحنا ، والمطلوب أن نقوم نحن بصياغة النظام العربي بصورة جذرية مماثلة للطريقة التي تمت بها صياغة الدولة في العراق ” ..
والمتابعة الدقيقة لأحداث العام الماضي تكشف أن الإدارة الأمريكية رغم قبولها بـ – أو عدم سعيها لتغيير – زعامات أربع دول ونصف على وجه التحديد ، فإنها في الوقت نفسه تتحفظ وتتدخل أحيانا- حسب قوة النظام السياسي – لمنع أي محاولات لنقل السلطة بعد وفاة الرؤساء بصورة لا تتطابق مع الرؤية الأمريكية ، وهذه الدول هي : مصر والسودان وليبيا وتونس والسلطة الفلسطينية ، وهذا التصرف الأمريكي يتم وفق مفهوم أن : دفع النظام لإشاعة مناخ سياسي يسمح بإفراز قيادات مستقبلية أكثر ولاءً ، أولى بكثير من الضغط على النظام لكي يحقق هو مستوى الولاء التام للمصالح الأمريكية ..
ويستغل الأمريكيون الفراغ السياسي في أغلب الدول الجمهورية – أو الجماهيرية – والناجم عن عدم وضوح رؤية منهجية لتداول السلطة بعد وفاة الرئيس فيدعمون هذا الوضع ، لتصبح الإجابة على التساؤل المصيري : من يخلف الرئيس ؟ تأتي دائماً في اللحظات الأخيرة عندما تصبح الأجواء مهيأة لأي شخص يُدفع لملء الفراغ السياسي ، وفق الحكمة القائلة : “رئيس في اليد …” .
فكان الحل البديل أن يُترك الرؤساء العرب على حالهم شريطة أن يعدوا أنفسهم نهاية المرحلة العربية الحالية ، ومقابل هذا التنازل الأمريكي عليهم أن يمهدوا السبيل لتدشين المرحلة المستقبلية لنظام عربي جديد ، وهذا السيناريو لا يلزم لتنفيذه توافر موافقة الطرف العربي ، فيمكن للأمريكيين أن يشرعوا في إعداده من تلقاء أنفسهم ، وتفصيله إلى أجزاء – إصلاحية – صغيرة تُنفذ منفردة ثم تعود إلى الالتئام في صورتها الكاملة الجديدة بعد غياب الرئيس ..
نقول ذلك بمناسبة تزايد التكهنات والتساؤلات في أعقاب الأزمة الصحية التي تعرض لها الرئيس المصري مبارك مؤخراً في نفس الوقت الذي تتحدث فيه التقارير عن برود في العلاقات الأمريكية المصرية ، وقد تحدثنا في مقال سابق ( الجدار الفلسطيني المائل والسياسة العربية ) عن منظومة التوازنات التي تحكم العلاقة المصرية الأمريكية، والتي تتلخص في كلمة واحدة هي: التنازلات ، ونضيف: هنا بعد آخر لهذه المنظومة في نسختها العربية ، فنقول: إن هناك رؤية افتراضية سياسية للمنطقة تسعى إليها الولايات المتحدة يمكن أن نطلق عليها : نقطة أو مستوى إشباع المصالح الأمريكية ، وتسعى الإدارة الأمريكية بجهدها المباشر للوصول إلى هذا المستوى ، وفي نفس الوقت تمارس ضغوطها على النظام العربي لدفعه قسراً للوصول إلى مستوى الإشباع الأمريكي من جهة أخرى ، ومع تعرقل الجهود الأمريكية بسبب الورطة العراقية تزايدت الضغوط على النظام العربي ليُعوض التراجع الأمريكي ، وتظل هناك بعض الدول العربية التي لا تزال تمثل معوقاً للمصالح الأمريكية رغم علاقة التحالف المشتركة ..
وهنا كان السعي بقوة لتدشين نظام عربي جديد تحاول فيه الإدارة الأمريكية أن تكون حاضرة منذ البداية كقوة رئيسة مؤثرة في الأوضاع الداخلية ، وهذا يفسر الجهد الأمريكي الدؤوب لخلخلة منظومات التوازن السياسية داخل عدد من الدول العربية، مثل: مصر والسودان وليبيا من أجل إيجاد فراغ سياسي يسمح لها بأن ” تحشر ” نفسها كلاعب رئيس في الميدان وليس بصورة غير مباشرة كما في أوضاع سابقة ، وبعبارة أخرى فإن لسان حال الإدارة الأمريكية يقول : ” لقد انتهى عهد صياغة النظام العربي بعيداً عنا ، ولم يعد يكفينا التزامه بمصالحنا ، والمطلوب أن نقوم نحن بصياغة النظام العربي بصورة جذرية مماثلة للطريقة التي تمت بها صياغة الدولة في العراق ” ..
والمتابعة الدقيقة لأحداث العام الماضي تكشف أن الإدارة الأمريكية رغم قبولها بـ – أو عدم سعيها لتغيير – زعامات أربع دول ونصف على وجه التحديد ، فإنها في الوقت نفسه تتحفظ وتتدخل أحيانا- حسب قوة النظام السياسي – لمنع أي محاولات لنقل السلطة بعد وفاة الرؤساء بصورة لا تتطابق مع الرؤية الأمريكية ، وهذه الدول هي : مصر والسودان وليبيا وتونس والسلطة الفلسطينية ، وهذا التصرف الأمريكي يتم وفق مفهوم أن : دفع النظام لإشاعة مناخ سياسي يسمح بإفراز قيادات مستقبلية أكثر ولاءً ، أولى بكثير من الضغط على النظام لكي يحقق هو مستوى الولاء التام للمصالح الأمريكية ..
ويستغل الأمريكيون الفراغ السياسي في أغلب الدول الجمهورية – أو الجماهيرية – والناجم عن عدم وضوح رؤية منهجية لتداول السلطة بعد وفاة الرئيس فيدعمون هذا الوضع ، لتصبح الإجابة على التساؤل المصيري : من يخلف الرئيس ؟ تأتي دائماً في اللحظات الأخيرة عندما تصبح الأجواء مهيأة لأي شخص يُدفع لملء الفراغ السياسي ، وفق الحكمة القائلة : “رئيس في اليد …” .