فجأة.. تحولت ساحات الحوار إلى مشادات، والاتفاق إلى خلاف، وخلال ساعات قليلة تحول المكان الذي يضم المشاركين والمشاركات في الحوار الوطني الثالث إلى ساحة حرب، وانقسم الناس إلى طرفين، فيما حاولت رئاسة الحوار تهدئة الأوضاع قدر الإمكان، وفشلت في ذلك مرتين.
لم يكن أحد ليتوقع خلافاً بهذا الحجم على قضية بهذا الحجم، خاصة بعد الأزمة المفتعلة والمبالغ فيها التي صنعتها بعض وسائل الإعلام، بطريقة جعلت جميع المشاركين في اللقاء يفكرون “ثمة أمر تصر هذه الوسائل على صنعه ونشره في المجتمع، ولو كان على حساب الأمانة الصحفية والوحدة الوطنية”.
الخلاف أصل الحوار:
خلال الجلسات الصباحية لليوم الثاني التي انعقدت في قاعة الاجتماعات بفندق المرديان في المدينة المنورة، ناقش المشاركون والمشاركات قضية (المرأة والتعليم)
.. والجلسات التي بقيت مغلقة منذ اليوم الأول وحتى انتهاء مناقشات اليوم الثالث والأخير، فتحت بطريقة ما أمام بعض الوسائل الإعلامية دون غيرها(!!)، وهو ما ساعد بشكل مباشر في إظهار الخلاف وخلق النزاع..
وإن كان ما يحصل داخل القاعات يعد أمراً طبيعياً؛ لأن اللقاء جاء بسبب خلاف واقع، إلا أن البعض استغل هذه الفرصة لإبراز وجهة نظر خاصة جداً..
يقول الدكتور عبد الله نصيف (نائب رئيس الحوار الوطني): “إن الخلاف أمر أساسي في الحوار، ولو لم يكن هناك خلاف لما كان هناك لقاء ومناقشة”.
وأضاف: “الخلافات عادية جداً، وهذا من طبيعة الحوار، فالناس ليس لديهم أفق وليس لديهم خبرة بالحوار، وهذه أول تجربة لهم، والخلاف من طبيعة الحوار”.
حقيقة الخلاف:
قال الدكتور عبد الله العبيد (نائب رئيس الحوار الوطني): “لقد شهد اليوم الأول من أيام الحوار الوطني خلافات ومصادمات في الرأي أكثر من اليوم الثاني، إلا أن ذلك لم يتحول إلى قضية كبيرة كما حدث في خلاف بسيط خلال اليوم الثاني”..
وما حصل في الحقيقة أكده العديد من المشاركين والمشاركات، من بينهم الدكتور محمد بن عبد الرحمن العريفي (أحد طرفي الخلاف)، والذي أكد بالقول: “ما حصل هو أن جلسات الحوار تتضمن مداخلات من المشاركين والمشاركات بعد طرح البحوث بواقع مداخلة للرجال وأخرى للنساء”.
ويضيف الدكتور العريفي: “وللمصادفة فإن مداخلة الدكتورة وفاء الرشيد (الطرف الثاني في الخلاف) جاءت بعد مداخلتي”.
وعن المداخلة التي طرحها العريفي أضاف: “ناقشت في مداخلتي أربعة أمور، منها: تعليم المرأة، ووجود مناهج لا تحتاجها الفتيات ولا تشكل لهن سوى (مشكلة)، مثل: أن ندرسهن (حدود البرازيل، وتضاريس نيجيريا، وما هي منتجات جزر المالديف)، إذ إنهن سوف ينسين هذه المعلومات خلال مدة بسيطة، كما عرضت قضية حقوق المرأة وأن المرأة لدينا تأخذ حقوقها أحياناً أكثر من حقوق الرجل، مورداً مقالاً لما حصل قبل مدة طويلة من قيادة النساء للسيارات، وكيف أن العقوبة كانت أشد على الرجال فيما بقيت النساء اللواتي فعلن ذلك في وظائفهن”.
ثم يكمل الدكتور العريفي مبتسماً “وللصدفة فإن اسم المشاركة التي ستقدم المداخلة بعدي (وفقاً لترتيب الأسماء في رئاسة الحوار) كانت الدكتورة وفاء، والتي قدمت مداخلة عاطفية اعترضت فيها على أن يتم مناقشة مثل هذه الأمور في وقت تشهد فيه المملكة العربية السعودية أعمال عنف وقتل، حيث بكت وهي تلقي مداخلتها”.
ويضيف العريفي: “بصراحة وأمانة أقول: إنه لو كانت مداخلة الدكتورة وفاء بعد مداخلة الدكتور عبد الله المطلق (مثلاً) فإن الصحف كانت لتكتب (الشيخ المطلق أبكى الدكتورة وفاء)، ولكن ما حدث أن مداخلتها جاءت بعد مداخلتي، ما جعل بعض وسائل الإعلام تبتز الموقف وتثير بلبلة غير منطقية”.
وعن الدكتورة وفاء يقول العريفي: “أنا ليس لي أي مأخذ على الدكتورة وفاء، وقد عرفت أنها إحدى الأخوات اللواتي عملت في الدعوة إلى الله في أمريكا، وهي امرأة خلوقة لا أكن لها أي ضغينة، وقد صرحت هي بمثل ذلك، وأكدت أن لا خلاف بيننا أبداً وأنها لم تكن تقصد توجيه الكلام لي، بل كانت مداخلتها عامة”.
ويضيف العريفي بالقول: “إلا أن مداخلتها – من وجهة نظري – كانت خاطئة، إذ إن مداخلتي كانت عن تعليم المرأة وحقوقها وهو في صلب موضوع الحوار الوطني، فيما طالبت هي بطريقة عاطفية أن تنأى عن الكلام بمثل هذه الأمور، وأن نناقش موضوع أعمال العنف في السعودية”، وهذا أمر ناقشه الحوار الوطني الثاني وليس مدرجاً على جدول أعمالنا، ولو أنني ناقشت هذا الموضوع لأسكتني المشاركون، وقالوا لي: إن هذه المداخلة خارجة عن موضوع الحوار الثالث.
كما أكملت الدكتورة وفاء مداخلتها، وتحدثت عن موضوع الحجاب في التعليم، واعتبرته حرية شخصية..
وأنهى العريفي كلامه بالقول: “فيما كنت قد أشرت أنا إلى أنه كيف نعلم بناتنا على أن الحجاب أمر شرعي وواجب ونمنعهم عن قصات معينة للشعر فيما يشاهدن معلماتهن وهن يرتدين أزياء معينة، ويقصّنّ شعرهن بطريقة مخالفة ولا يلتزمن بالحجاب”.
الخلاف من وجهة نظر الدكتورة الرشيد:
الدكتورة وفاء تفاجأت كغيرها مما حدث على صفحات الصحف والشاشات، حيث اغتنمت فرصة وجود صحيفة (عكاظ) في الحوار لطرح وجهة نظرها ومواجهة المشكلة التي افتعلتها صحف أخرى، حيث قالت للصحيفة في عددها الصادر يوم أمس الاثنين: “ما حصل بيني وبين الدكتور العريفي كان مجرد اختلاف في وجهات النظر، خصوصاً أنني تطرقت لموضوع الحجاب في التعليم، وقد أخطأت في اعتباري أن موضوع الحجاب هو مسألة حرية شخصية”.
وأضافت تقول: “ما قاله الدكتور العريفي لي هو أن المعلمة يجب أن تكون على قدر من الأخلاق، وأن تلتزم بالحجاب الشرعي لتكون قدوة صالحة لبناتها وطالباتها، وخصوصاً أن الطالبات من طبعهن التقليد والمحاكاة” مشيرة إلى أن ما قاله العريفي هو “عين الصواب والحق”.
الاصطياد بالماء العكر:
على الفور بدأ بعض الإعلاميين للإعداد لحملة (شبه جاهزة) تساند بكاء الدكتورة وفاء ضد أفكار الدكتور العريفي.
ولو نظرنا بطريقة أكثر شفافية لاتضحت لنا منهجية إعلامية معينة، وهي أن ما حصل من هذه الوسائل لم يكن مقصوداً لشخص العريفي، وإنما كان ضد جهة كاملة ونهج كامل، كما لم تقف إلى جانب الرشيد لاعتبار شخصي لها، بل إلى جانب جهة ونهج كامل، ولو حصل العكس كأن قدّم عبد الله آل سدران مداخلة (على سبيل المثال) في أمر ما، ثم جاءت مداخلة للدكتورة وفاء العساف قدمتها بطريقة انفعالية لشنت هذه الوسائل حملتها ضد الدكتورة العساف، ولشحذت أقلامها لإظهار قضايا معينة تذكر بين فينة وأخرى مثل: (العاطفة المبالغ فيها، منهج إسلامي قديم، تهجم سافر على فكرة تحررية، حدود فكرية، عدم تقبل الحوار ومناقشة الفكر التقدمي…) وغيرها..
من بين أهم من قام بإشعال الفتنة واستغلال الظرف هي (صحيفة الشرق الأوسط) التي كانت قد ووجهت بشكل كبير خلال اليوم الثاني للحوار، وتم تجاهلها من قبل الكثيرين باعتبارها حاولت اختلاق فتنة (حسب ما أكده الكثيرون في محيط الحوار الثالث)،
وحصلت خلافات واضحة بين إعلاميي الصحيفة وإعلاميين آخرين بسبب (خلافات فكرية ومنهجية في تبني وجهات النظر في الحوار)..
لذلك حاولت الصحيفة أن (ترد الضربة) بكذبة ملفقة افتعلتها، إلا أن الوقت والإعلام المكثف في الحوار ضيع عليها فرصة إبداء (الرأي الواحد) من وجهة نظر واحدة.. خاطئة.
أما ما أثار البلبلة والاستغراب، وما أدى إلى استياء كبير في محيط الحوار الوطني الثالث هو ما قامت به قناة (العربية) من عرض خاص لمقطع في جلسات الحوار، حيث عرضت القناة مقطعاً بسيطاً تركز في (المداخلة الانفعالية) للدكتورة وفاء..
المتابعون القريبون من جلسات الحوار شاهدوا ولمسوا ساعات الحوار والنقاش والجدال الطويلة في اللقاء، والكم الكبير من التعب والجهد للخروج بتوصيات (غير ملزمة) إلا أن السواد الأعظم كان بعيداً عن الحوار مسافة تمنعه من معرفة ما يحصل بشكل دقيق..
إلا أن قناة (العربية) التي تطلق شعار (الحياد والموضوعية) لها منذ نشأتها قبل مدة قصيرة، اختزلت التعب والجهد والنقاش الممتد عبر عشرات الساعات إلى لحظة (انفعالية) تتبنى فكراً معيناً ضد آخر، ما رسم صورة لملايين المتابعين أن “هذا أهم ما حصل في المؤتمر”، وأنه “صورة مؤلمة للفكر التغريبي في مواجهة التيار الإسلامي في السعودية”..!!!
لم يعلم أحد الحقيقة الكاملة حول كيفية حصول (العربية) على المقطع المصور في جلسات الحوار المغلقة، فيما ندد البعض بهذا (الدلال) الغير مبرر لقناة فضائية عربية، مشيرين إلى أن القنوات السعودية أولى بهذا الدلال خاصة في حوار يحمل اسم (الحوار الوطني).
ولم يقف الحد عند ذلك، إذ أسهمت منظومة إعلامية تحمل توجهاً واحداً وواضحاً بتأزم الخلاف، وإبرازه كما لو أنه اعتداء مع سبق الإصرار والترصد.
رئاسة الحوار تؤكد أن الأزمة مفتعلة:
حاولت رئاسة الحوار الوطني قدر المستطاع، أن تؤكد عدم وجود أي خلاف بين المشاركين، مشددة على أن الخلاف من أساسيات الحوار، وأن ما حصل لا يخرج عن الإطار العام الذي وقع عدة مرات بين المشاركين.
حيث تلا الأستاذ فيصل معمر (الأمين العام للحوار الوطني) بياناً أكد فيه على ضرورة أن تقوم وسائل الإعلام بدور موضوعي وحيادي في عملها، وأن تسهم في إبراز الحقيقة، وتبتعد عن الإثارة والكذب.
وقال: ” وأما ما نشرته بعض الصحف عن أراء ومجريات الجلسات فهي لاتمثل وجهة نظر مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، ولا وجهات نظر المشاركين في اللقاء ، بل إن كثيراً مما نشر قد شابة شوائب من المبالغة والإثارة ، ورئاسة اللقاء والمشاركون فيه يؤكدون على موضوعية الحوار، وأن جلسات اللقاء حفلت بإيجابية ظاهرة وأخلاقيات عالية”.
فيما أكد الدكتور عبد الله نصيف أن ما حدث هو أمر طبيعي ولم يحدث أي خلاف، بالقول: “أؤكد لكم أنه لم يحدث أي خلاف، والناس قد فهموا الموضوع بشكل خاطئ، والدكتور العريفي كان يقدم وجهة نظره فقط، ولم يمس الدكتورة وفاء بأي كلمة، ولست أدري كيف يقول بعض الناس أن هناك خلاف أو تعرض للدكتورة”.
وفي تكذيب واضح لما نشر في الشرق الأوسط، قال الدكتور نصيف: ” ورغم ذلك إلا أنني سمعت وعرفت بأن هناك بعض الوسائل الإعلامية التي قد تذكر وجود خلاف بينهما، فقد سألني مندوب صحيفة (الشرق الأوسط)، وأكدت له أن الدكتور العريفي لم يتعرض أبداً لها، وإذا أردنا التحدث بصفة عامة فإن الدكتور العريفي صاحب مدرسة فكرية هو صاحبها ولا يخفيها على أحد أو يخاف من طرحها، إذ إنه يعبر عن وجهة نظره هذه حتى على شاشة التلفزيون، وكونه يعرض وجهة نظره فلا يجب أن يؤدي ذلك إلى أن يضيق به أحد ذرعاً”.
لم يكن أحد ليتوقع خلافاً بهذا الحجم على قضية بهذا الحجم، خاصة بعد الأزمة المفتعلة والمبالغ فيها التي صنعتها بعض وسائل الإعلام، بطريقة جعلت جميع المشاركين في اللقاء يفكرون “ثمة أمر تصر هذه الوسائل على صنعه ونشره في المجتمع، ولو كان على حساب الأمانة الصحفية والوحدة الوطنية”.
الخلاف أصل الحوار:
خلال الجلسات الصباحية لليوم الثاني التي انعقدت في قاعة الاجتماعات بفندق المرديان في المدينة المنورة، ناقش المشاركون والمشاركات قضية (المرأة والتعليم)
.. والجلسات التي بقيت مغلقة منذ اليوم الأول وحتى انتهاء مناقشات اليوم الثالث والأخير، فتحت بطريقة ما أمام بعض الوسائل الإعلامية دون غيرها(!!)، وهو ما ساعد بشكل مباشر في إظهار الخلاف وخلق النزاع..
وإن كان ما يحصل داخل القاعات يعد أمراً طبيعياً؛ لأن اللقاء جاء بسبب خلاف واقع، إلا أن البعض استغل هذه الفرصة لإبراز وجهة نظر خاصة جداً..
يقول الدكتور عبد الله نصيف (نائب رئيس الحوار الوطني): “إن الخلاف أمر أساسي في الحوار، ولو لم يكن هناك خلاف لما كان هناك لقاء ومناقشة”.
وأضاف: “الخلافات عادية جداً، وهذا من طبيعة الحوار، فالناس ليس لديهم أفق وليس لديهم خبرة بالحوار، وهذه أول تجربة لهم، والخلاف من طبيعة الحوار”.
حقيقة الخلاف:
قال الدكتور عبد الله العبيد (نائب رئيس الحوار الوطني): “لقد شهد اليوم الأول من أيام الحوار الوطني خلافات ومصادمات في الرأي أكثر من اليوم الثاني، إلا أن ذلك لم يتحول إلى قضية كبيرة كما حدث في خلاف بسيط خلال اليوم الثاني”..
وما حصل في الحقيقة أكده العديد من المشاركين والمشاركات، من بينهم الدكتور محمد بن عبد الرحمن العريفي (أحد طرفي الخلاف)، والذي أكد بالقول: “ما حصل هو أن جلسات الحوار تتضمن مداخلات من المشاركين والمشاركات بعد طرح البحوث بواقع مداخلة للرجال وأخرى للنساء”.
ويضيف الدكتور العريفي: “وللمصادفة فإن مداخلة الدكتورة وفاء الرشيد (الطرف الثاني في الخلاف) جاءت بعد مداخلتي”.
وعن المداخلة التي طرحها العريفي أضاف: “ناقشت في مداخلتي أربعة أمور، منها: تعليم المرأة، ووجود مناهج لا تحتاجها الفتيات ولا تشكل لهن سوى (مشكلة)، مثل: أن ندرسهن (حدود البرازيل، وتضاريس نيجيريا، وما هي منتجات جزر المالديف)، إذ إنهن سوف ينسين هذه المعلومات خلال مدة بسيطة، كما عرضت قضية حقوق المرأة وأن المرأة لدينا تأخذ حقوقها أحياناً أكثر من حقوق الرجل، مورداً مقالاً لما حصل قبل مدة طويلة من قيادة النساء للسيارات، وكيف أن العقوبة كانت أشد على الرجال فيما بقيت النساء اللواتي فعلن ذلك في وظائفهن”.
ثم يكمل الدكتور العريفي مبتسماً “وللصدفة فإن اسم المشاركة التي ستقدم المداخلة بعدي (وفقاً لترتيب الأسماء في رئاسة الحوار) كانت الدكتورة وفاء، والتي قدمت مداخلة عاطفية اعترضت فيها على أن يتم مناقشة مثل هذه الأمور في وقت تشهد فيه المملكة العربية السعودية أعمال عنف وقتل، حيث بكت وهي تلقي مداخلتها”.
ويضيف العريفي: “بصراحة وأمانة أقول: إنه لو كانت مداخلة الدكتورة وفاء بعد مداخلة الدكتور عبد الله المطلق (مثلاً) فإن الصحف كانت لتكتب (الشيخ المطلق أبكى الدكتورة وفاء)، ولكن ما حدث أن مداخلتها جاءت بعد مداخلتي، ما جعل بعض وسائل الإعلام تبتز الموقف وتثير بلبلة غير منطقية”.
وعن الدكتورة وفاء يقول العريفي: “أنا ليس لي أي مأخذ على الدكتورة وفاء، وقد عرفت أنها إحدى الأخوات اللواتي عملت في الدعوة إلى الله في أمريكا، وهي امرأة خلوقة لا أكن لها أي ضغينة، وقد صرحت هي بمثل ذلك، وأكدت أن لا خلاف بيننا أبداً وأنها لم تكن تقصد توجيه الكلام لي، بل كانت مداخلتها عامة”.
ويضيف العريفي بالقول: “إلا أن مداخلتها – من وجهة نظري – كانت خاطئة، إذ إن مداخلتي كانت عن تعليم المرأة وحقوقها وهو في صلب موضوع الحوار الوطني، فيما طالبت هي بطريقة عاطفية أن تنأى عن الكلام بمثل هذه الأمور، وأن نناقش موضوع أعمال العنف في السعودية”، وهذا أمر ناقشه الحوار الوطني الثاني وليس مدرجاً على جدول أعمالنا، ولو أنني ناقشت هذا الموضوع لأسكتني المشاركون، وقالوا لي: إن هذه المداخلة خارجة عن موضوع الحوار الثالث.
كما أكملت الدكتورة وفاء مداخلتها، وتحدثت عن موضوع الحجاب في التعليم، واعتبرته حرية شخصية..
وأنهى العريفي كلامه بالقول: “فيما كنت قد أشرت أنا إلى أنه كيف نعلم بناتنا على أن الحجاب أمر شرعي وواجب ونمنعهم عن قصات معينة للشعر فيما يشاهدن معلماتهن وهن يرتدين أزياء معينة، ويقصّنّ شعرهن بطريقة مخالفة ولا يلتزمن بالحجاب”.
الخلاف من وجهة نظر الدكتورة الرشيد:
الدكتورة وفاء تفاجأت كغيرها مما حدث على صفحات الصحف والشاشات، حيث اغتنمت فرصة وجود صحيفة (عكاظ) في الحوار لطرح وجهة نظرها ومواجهة المشكلة التي افتعلتها صحف أخرى، حيث قالت للصحيفة في عددها الصادر يوم أمس الاثنين: “ما حصل بيني وبين الدكتور العريفي كان مجرد اختلاف في وجهات النظر، خصوصاً أنني تطرقت لموضوع الحجاب في التعليم، وقد أخطأت في اعتباري أن موضوع الحجاب هو مسألة حرية شخصية”.
وأضافت تقول: “ما قاله الدكتور العريفي لي هو أن المعلمة يجب أن تكون على قدر من الأخلاق، وأن تلتزم بالحجاب الشرعي لتكون قدوة صالحة لبناتها وطالباتها، وخصوصاً أن الطالبات من طبعهن التقليد والمحاكاة” مشيرة إلى أن ما قاله العريفي هو “عين الصواب والحق”.
الاصطياد بالماء العكر:
على الفور بدأ بعض الإعلاميين للإعداد لحملة (شبه جاهزة) تساند بكاء الدكتورة وفاء ضد أفكار الدكتور العريفي.
ولو نظرنا بطريقة أكثر شفافية لاتضحت لنا منهجية إعلامية معينة، وهي أن ما حصل من هذه الوسائل لم يكن مقصوداً لشخص العريفي، وإنما كان ضد جهة كاملة ونهج كامل، كما لم تقف إلى جانب الرشيد لاعتبار شخصي لها، بل إلى جانب جهة ونهج كامل، ولو حصل العكس كأن قدّم عبد الله آل سدران مداخلة (على سبيل المثال) في أمر ما، ثم جاءت مداخلة للدكتورة وفاء العساف قدمتها بطريقة انفعالية لشنت هذه الوسائل حملتها ضد الدكتورة العساف، ولشحذت أقلامها لإظهار قضايا معينة تذكر بين فينة وأخرى مثل: (العاطفة المبالغ فيها، منهج إسلامي قديم، تهجم سافر على فكرة تحررية، حدود فكرية، عدم تقبل الحوار ومناقشة الفكر التقدمي…) وغيرها..
من بين أهم من قام بإشعال الفتنة واستغلال الظرف هي (صحيفة الشرق الأوسط) التي كانت قد ووجهت بشكل كبير خلال اليوم الثاني للحوار، وتم تجاهلها من قبل الكثيرين باعتبارها حاولت اختلاق فتنة (حسب ما أكده الكثيرون في محيط الحوار الثالث)،
وحصلت خلافات واضحة بين إعلاميي الصحيفة وإعلاميين آخرين بسبب (خلافات فكرية ومنهجية في تبني وجهات النظر في الحوار)..
لذلك حاولت الصحيفة أن (ترد الضربة) بكذبة ملفقة افتعلتها، إلا أن الوقت والإعلام المكثف في الحوار ضيع عليها فرصة إبداء (الرأي الواحد) من وجهة نظر واحدة.. خاطئة.
أما ما أثار البلبلة والاستغراب، وما أدى إلى استياء كبير في محيط الحوار الوطني الثالث هو ما قامت به قناة (العربية) من عرض خاص لمقطع في جلسات الحوار، حيث عرضت القناة مقطعاً بسيطاً تركز في (المداخلة الانفعالية) للدكتورة وفاء..
المتابعون القريبون من جلسات الحوار شاهدوا ولمسوا ساعات الحوار والنقاش والجدال الطويلة في اللقاء، والكم الكبير من التعب والجهد للخروج بتوصيات (غير ملزمة) إلا أن السواد الأعظم كان بعيداً عن الحوار مسافة تمنعه من معرفة ما يحصل بشكل دقيق..
إلا أن قناة (العربية) التي تطلق شعار (الحياد والموضوعية) لها منذ نشأتها قبل مدة قصيرة، اختزلت التعب والجهد والنقاش الممتد عبر عشرات الساعات إلى لحظة (انفعالية) تتبنى فكراً معيناً ضد آخر، ما رسم صورة لملايين المتابعين أن “هذا أهم ما حصل في المؤتمر”، وأنه “صورة مؤلمة للفكر التغريبي في مواجهة التيار الإسلامي في السعودية”..!!!
لم يعلم أحد الحقيقة الكاملة حول كيفية حصول (العربية) على المقطع المصور في جلسات الحوار المغلقة، فيما ندد البعض بهذا (الدلال) الغير مبرر لقناة فضائية عربية، مشيرين إلى أن القنوات السعودية أولى بهذا الدلال خاصة في حوار يحمل اسم (الحوار الوطني).
ولم يقف الحد عند ذلك، إذ أسهمت منظومة إعلامية تحمل توجهاً واحداً وواضحاً بتأزم الخلاف، وإبرازه كما لو أنه اعتداء مع سبق الإصرار والترصد.
رئاسة الحوار تؤكد أن الأزمة مفتعلة:
حاولت رئاسة الحوار الوطني قدر المستطاع، أن تؤكد عدم وجود أي خلاف بين المشاركين، مشددة على أن الخلاف من أساسيات الحوار، وأن ما حصل لا يخرج عن الإطار العام الذي وقع عدة مرات بين المشاركين.
حيث تلا الأستاذ فيصل معمر (الأمين العام للحوار الوطني) بياناً أكد فيه على ضرورة أن تقوم وسائل الإعلام بدور موضوعي وحيادي في عملها، وأن تسهم في إبراز الحقيقة، وتبتعد عن الإثارة والكذب.
وقال: ” وأما ما نشرته بعض الصحف عن أراء ومجريات الجلسات فهي لاتمثل وجهة نظر مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، ولا وجهات نظر المشاركين في اللقاء ، بل إن كثيراً مما نشر قد شابة شوائب من المبالغة والإثارة ، ورئاسة اللقاء والمشاركون فيه يؤكدون على موضوعية الحوار، وأن جلسات اللقاء حفلت بإيجابية ظاهرة وأخلاقيات عالية”.
فيما أكد الدكتور عبد الله نصيف أن ما حدث هو أمر طبيعي ولم يحدث أي خلاف، بالقول: “أؤكد لكم أنه لم يحدث أي خلاف، والناس قد فهموا الموضوع بشكل خاطئ، والدكتور العريفي كان يقدم وجهة نظره فقط، ولم يمس الدكتورة وفاء بأي كلمة، ولست أدري كيف يقول بعض الناس أن هناك خلاف أو تعرض للدكتورة”.
وفي تكذيب واضح لما نشر في الشرق الأوسط، قال الدكتور نصيف: ” ورغم ذلك إلا أنني سمعت وعرفت بأن هناك بعض الوسائل الإعلامية التي قد تذكر وجود خلاف بينهما، فقد سألني مندوب صحيفة (الشرق الأوسط)، وأكدت له أن الدكتور العريفي لم يتعرض أبداً لها، وإذا أردنا التحدث بصفة عامة فإن الدكتور العريفي صاحب مدرسة فكرية هو صاحبها ولا يخفيها على أحد أو يخاف من طرحها، إذ إنه يعبر عن وجهة نظره هذه حتى على شاشة التلفزيون، وكونه يعرض وجهة نظره فلا يجب أن يؤدي ذلك إلى أن يضيق به أحد ذرعاً”.
Hijri Date Correction:
1