تعود جذور المخطط الصهيوني الأمريكي لإعادة صياغة الشرق الأوسط إلى فترة ما بعد حرب أكتوبر 1973، حين طُرحت فكرة “تأمين منابع النفط في الخليج” وذلك باستخدام القوة المسلحة الأمريكية لمنع تكرار ما سمي “باستراتيجية الخنق” التي اتبعتها الدول الخليجية باستخدامها السياسي لسلاح النفط لتعرض رؤيتها لحل الصراع العربي الإسرائيلي آنذاك.
وقد تبلور هذا الاتجاه من خلال دراسة أعدتها لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب الأمريكي في 21 أغسطس 1975 والتي بحثت –لأول مرة- احتمال القيام بعمل عسكري منسق مع إسرائيل ضد دولة منتجة للنفط عند محاولتها فرض خطراً نفطياً!! .
وقد تحدد الهدف الاستراتيجي لاستخدام القوة المسلحة الأمريكية بالتعاون مع القوة الإسرائيلية في حالة نشوب هذه الأزمة ليكون “القيام بعملية عسكرية للاستيلاء على منطقة حقول النفط الرئيسية الواقعة بالمنطقة الشرقية الممتدة بمحازاة الخليج الفارسي وتأمين تدفق أهم حقوق النفط في المملكة العربية السعودية والتسهيلات المصاحبة لها والاحتفاظ بها أو السيطرة غير المباشرة عليها”.
وفي 23 يناير 1980، أعلن الرئيس الأمريكي “جيمي كارتر” في خطاب له أمام الكونجرس الأمريكي عن نظرية أمن صريحة لمنطقة الخليج عرفت باسم “مبدأ كارتر” الذي انطوى على شقين أحداهما شق سياسي وقال فيه: “إن أي محاولة من جانب أي قوى للحصول على مركز مسيطر في منطقة الخليج سوف يعتبر في نظر الولايات المتحدة هجوماً على المصالح الحيوية بالنسبة لها وسوف يتم رده بكل الوسائل بما فيها القوة المسلحة..!!”.
أما الشق الثاني: فقد تمثل في إنشاء “قوة الانتشار السريع” من خلال تقرير قدمته وزارة الدفاع الأمريكية عام 1988 من لجنة القوات المسلحة بالكونجرس، والذي على أساسه اعتمدت ميزانية هذه القوات لتلك السنة!! وفي إطار هذا المبدأ تم تنفيذ العملية “عاصفة الصحراء” لتحرير دولة الكويت من الغزو العراقي خلال الفترة من إلى وأيضاً في إطار نفس المبدأ حصل الرئيس جورج دبليو بوش على موافقة الكونجرس الأمريكي لعملية “غزو واحتلال العراق” بعد أن قدم أدلة كافية على اعتبار نظام “صدام حسين” يشكل تهديداً للمصالح الحيوية والأمن القومي الأمريكي!!
ولقد كانت أحداث 11 سبتمبر 2001 فرصة سانحة لعرض ملامح المخطط الصهيوني الأمريكي لإعادة صياغة الشرق الأوسط.. حيث تلاقت الأهداف الأمريكية مع الأهداف الصيهونية من خلال “الاستراتيجية الكونية” التي أعلنها الرئيس الأمريكي في 20 سبتمبر 2002 في ذكرى مرور عام على أحداث 11 سبتمبر 2001 والتي جاء فيها: “إن الولايات المتحدة كانت توافق وتساير عدم النظام في منطقة الشرق الأوسط، وكان اهتمامها الأول والأخير منصباً على النفط وأمن إسرائيل فقط.. على اعتبار أن الصراع العربي الإسرائيلي الفلسطيني لم يكن يهدد التوازنات الاستراتيجية، بل أن عدم الاستقرار كان يخدم الولايات المتحدة لتجعل الجميع تحت سطوتها في المنطقة. إلى أن فوجئت الولايات المتحدة بهجوم تنظيم القاعدة وفي قلب المملكة العربية السعودية ظهر تهديد المصالح الأمريكية الذي جسده “أسامة بن لادن” ومعه خمسة عشر مواطناً سعودياً من بين تسعة عشر شاركوا في عمليات مركز التجارة و البنتاجون، وكان هدفهم المعلن هو إخراج القوات المسلحة الأمريكية من الأراضي المقدسة وإقامة دولة إسلامية تهيمن على منابع النفط في العام وفي نفس الوقت استعداد تنظيم القاعدة لتدمير دولة إسرائيل..!! الأمر الذي جعل الولايات المتحدة تقتنع بأنه لا يمكن التساهل مع الشرق الأوسط الذي تتنامى فيه معاداة الولايات المتحدة فضلاً عن التهديدات التي تحيط بإسرائيل ومنابع النفط والتي ليس لها للولايات المتحدة فيه باستثناء إسرائيل –أي حليف مؤتمن- بل ومن المحتمل أن ينطلق منه في المستقبل هجوماً بأسلحة غير تقليدية ضد الولايات المتحدة!!
وعلى ضوء ذلك قرر الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش أنه تبدأ إعادة تشكيل الشرق الأوسط بغزو جمهورية العراق وإزاحة حكم “صدام حسين” وإقامة نظام عميل في العراق بعد غزوه واحتلاله ليقوم بدورين في وقت واحد.. دور القوة الموحدة لإقليم “الهلال الخصيب الأمريكي” المشكلة في العراق وسوريا ولبنان والأردن. وذلك لتحقيق الخطط الصهيوني بتأسيس تحالف استراتيجي يحكم الشرق الأوسط يقوده العراق الجديد “قيادة الهلال الخصيب” وإسرائيل وتركيا وذلك بعد تصفية الوضع السوري واللبناني.. وبذلك يمكن حسم مسألة الوحدة العربية نهائياً وعزل مصر عن الخليج والمشرق العربي!!
وفي إطار هذا المخطط، فقد تحدد الهدف الأمريكي من الغزو العراقي الذي انتهى بسقوط بغداد ونظام صدام حسين في 19 مارس 2003 تحدد الهدف ليكون “خلخلة المنطقة العربية وإعادة رسم خريطتها السياسية الإقليمية بما يخدم الهدف الإسرائيلي بتسوية الأرض عسكرياً وسياسياً ونفسياً للتهيئة لواقع عربي متخلخل يسهل تقبله للضغوط من أجل حل النزاع العربي الإسرائيلي وفقاً للرؤية الإسرائيلية !!.
وعلى طريق تنفيذ الهدف، فقد تحققت الخطوة الأولى على طريق المخطط الصهيوني الأمريكي لإحداث التغيير بإسقاط النظام العراقي باعتبارها بداية لخطوات أخرى لإسقاط حكومات وتقسيم دول.
فماذا تم على طريق تنفيذ مخطط التغيير الصهيوني- الأمريكي بعد عام من احتلال العراق وفي محاولة الإجابة على هذا التساؤل نقول:
إن النظرة المتعمقة لما دار في منطقة الشرق الأوسط يتأكد أن مخطط إعادة الصياغة له بالتعاون والتنسيق مع إسرائيل يسير في خطوات متسارعة نرصد منها:
أولاً: تعظيم أدوات الدرع الأمريكي بإقامة القواعد ومراكز القيادة و التحالفات الدفاعية والتعاقدات التسليحية في منطقة الخليج العربي إلى جانب ترسيخ الاحتلال الأمريكي للعراق، وأعتقد أن هذا الموضوع هو مجال حيوي لمتابعة جميع المفكرين والباحثين ولسنا في حاجة إلى مزيد من الإضافة أو التعليق على هذا الاتجاه.
ثانياً: في مجال مكافحة ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل فإنه من الضروري أن نعيد طرح السياسة النووية الأمريكية الجديدة التي تم صياغتها في إطار الاستراتيجية الكونية التي أعلنتها إدارة الرئيس الأمريكي “جورج دبليو بوش” حيث تستند السياسة النووية الجديدة إلى:
– إمكانية استخدام الأسلحة النووية هجومياً قد دول غير نووية منها ثلاث دول عربية العراق “قبل الغزو” وسوريا وليبيا ودولة إسلامية هي إيران.
– إمكانية استخدام الأسلحة النووية هجومياً لأهداف لا تقترب من فكرة البقاء ولكنها تتصل بأسباب تتعلق بحماية حليف. في إشارة لإسرائيل باعتبارها حليف من ناحية وباعتبار أن أمن إسرائيل من أهم المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.
وفي إطار هذه السياسة فإن هناك دولاً عربية وشرق أوسطية مرشحة لتوسيع نطاق الحرب ضدها وعلى رأسها سوريا وإيران. وإن إسرائيل لها دور فاعل في هذا المخطط والتي قد تمتد لتهديد لبنان.
وإن المتابعة للسياسة الأمريكية فإن الضغوط تتزايد بشكل مكثف نحو إيران بالقدر الذي دفعها للموافقة على توقيع البروتوكول الإضافي لمعاهدة خطر الانتشار النووي والذي يسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة النووية بدور واسع في التفتيش داخل إيران عن مكونات تطوير البرنامج النووي الإيراني.
تم إقرار قانون “محاسبة سوريا” والذي يزيد من الضغط الأمريكي عليها لتقليص دورها الإقليمي خاصة لدعمها للمنظمات الفلسطينية ولحزب الله اللبناني أو لتواجدها العسكري في لبنان!!
ثم كانت الضغوط على ليبيا والتي انتهت للعديد من الخطوات الليبية المتسارعة والمفاجئة والتي كان أخرها إرسال حوالي 55 ألف طن من معدات ووسائل ومراحل البرنامج النووي الليبي.. بل واتخاذها خطوات متنامية نحو مزيد من العلاقات مع إسرائيل!!
ثالثاً: التدخل في منطقة القرن الأفريقي لقد ظهرت تحركات أمريكية في منطقة القرن الأفريقي حيث قامت بإرسال قوات على السفينة “يو بي إس” لتتمركز عند ساحل جيبوتي وتنضم إلى قوة 800 جندي ترابط هناك حيث تمثل السفينة مقر قيادة عام لملاحقة العناصر النشطة من تنظيم القاعدة وذلك بالقيام بعمليات عسكرية داخل دول المنطقة دون علم حكوماتها تطبيقاً لما أعلنه وزير الدفاع الأمريكي بتنفيذ استراتيجية الضربات المسبقة التي تأتي في إطار ” مبدأ بوش ” الذي أعلنه في 20 سبتمبر 2002 والذي أعلن فيه: “عن بدء عصر السيطرة الأمريكية منفردة على الغزو السياسي في العالم وترتيب أوضاعه بالصورة التي تراها أمريكا إنها الأفضل.
وقامت المخابرات الأمريكية باستخدام طائرة بدون طيار لإطلاق صاروخ عن بعد لاغتيال بعض كوادر تنظيم القاعدة من خلال وجود عملاء محللين حددوا مكان الهدف وحركته وذلك اعتماداً على تكنولوجيا إطلاق الصاروخ عن بعد بأسلوب قوائم الاغتيال الذي تقتل به إسرائيل القيادات الفلسطينية.
أما عن التدخل الأمريكي في السودان فتنطلق الرؤية الأمريكية لأزمة السودان من خلال الاهتمام الأمريكي بالحلف السوداني الذي تبنى اتفاق الإيجاد بشأن الجنوب السوداني والذي أسفر عن توقيع اتفاق ماشاكوس في 20 يوليو 2002 والذي تناول قضيتين رئيسيتين:
أولهما: الاتفاق على منح الجنوب السوداني حق تقرير المصير بعد فترة انتقالية ست سنوات.
ثانيهما: الاتفاق على إطار دستوري متعدد الطبقات، بحيث يكون هناك دستور للشمال وآخر للجنوب، ثم دستور قومي يجمع بين الكيانين الشمالي والجنوبي.. مما يرسخ فكرة الانفصال مما سيكون له تداعياته المباشرة وغير المباشرة على كل الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي خاصة دول منابع النيل. وقد تركز الدور الأمريكي على تهميش وإقصاء الدور المصري وقد كان بصدد قانون سلام السودان ضد حكومة البشير مع تقديم منحة 300 مليون دولار للعقيد جارانج مما يؤكد الاتجاه الأمريكي للسعي لفصل الجنوب وانعكس ذلك على أرض مصر بالدرجة الأولى.
رابعاً: وعلى الجانب الإسرائيلي فإن قراءة الأهداف التي تبنتها حكومات الليكود برئاسة أريل شارون والخطوات المتلاحقة التي اتخذتها لتصفية القضية الفلسطينية وحصار وتدمير سلطتها الشرعية المنتخبة وكوادرها ونسف كل ما تحقق على طريق أوسلو للسلام. ثم بناء الجدار الأمني العازل. ثم طرح الانسحاب الأحادي الجانب من غزة وإخلاء 17 مستوطنة بها وتنسيق ذلك مع إدارة الرئيس بوش. يؤكد السير في خطوات جادة على طريق حل القضية الفلسطينية استغلالاً لمناخ العداء الذي تنامى ضد العرب والمسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 واستثماراً للقرارات المتلاحقة التي أصدرتها إدارة الرئيس بوش. سواء باعتبار إسرائيل تمارس حقها في الدفاع الشرعي عن النفس ومروراً بوضع وإدراك كل المنظمات الفلسطينية إضافة إلى حزب الله اللبناني في قائمة المنظمات التي ترعى الإرهاب والتي يستلزم ملاحقتها وتصفيتها. وانتهاء بالتخطيط الاستراتيجي المتنامي في إطار منظومة الدرع الأمريكي في الشرق الأوسط أو ترسيخ الاحتلال الأمريكي للعراق والتوافق الاستراتيجي في مراحل وخطوات تنفيذ مخطط إعادة صياغة الشرق الأوسط الكبير!!
خامسًا: ولعل قراءة ما نشرته جريدة يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية من أن الرئيس الأمريكي جورج بوش قام بعد تمام نجاح غزوة للعراق بإهداء رئيس الوزراء الإسرائيلي أريل شارون خريطة للأراضي المقدسة تعود إلى عام 1678 وتضم العديد من دول المنطقة.. وقد عبر شارون فور وصوله إلى البيت الأبيض عن شكره للرئيس الأمريكي على الخريطة التي تظهر فيها بابل أي العراق وقال يمكنني أن أؤكد لكم سيادة الرئيس أن هذه الخريطة كانت ستحصل على موافقة حكومتي دون مشكلة.
لعل قراءة ذلك تؤكد التوافق الاستراتيجي الكامل على طريق المشروع الصهيوني الأمريكي ومخططاته المستقبلية!!
هذا وقد شكلت النتائج السياسية والعسكرية لغزو العراق بنية ملائمة لطرح الأطماع الإسرائيلية في البحر الأحمر باعتباره من أبرز المنطق التي عقدت فيها المشاريع الإسرائيلية بصورة مباشرة أو غير مباشرة.. حيث تم الاتفاق على اتخاذ خطوات تنفيذية خلال عقد مؤتمر دافوس الاستثنائي الذي عقد في الأردن في يونيو 2003 برعاية أمريكية على طريق مشروع قناة الحرين الذي يربط البحر المتوسط وخليج العقبة على البحر الأحمر والذي يقوم على أساس ضخ مليار ونصل متر مكعب سنويًا من البحر المتوسط على ارتفاع 100 متر ليتم إسقاطها على محطة كهربائية على شاطئ البحر الميت.. على أن تكون البداية له بإقامة خط أنابيب وليس حفر القناة لتقليص المعارضة العربية وخفض التكاليف.. حيث تسهم هذه القناة في دعم الوجود الإسرائيلي في البحر الأحمر مما يساعدها على تنمية علاقاتها الاقتصادية بالدول الأفريقية والآسيوية إضافة للاستفادة من ثروات البحر الأحمر المعدنية والسمكية والسياحية!
وبما يهدد قناة السويس والدور الإقليمي المصري في منطقة البحر الأحمر بصفة عامة.. وقد شكل مؤتمر دافوس فرصة لترسيخ التصور الأمريكي الصهيوني للمنطقة والذي يقوم على دمج إسرائيل في اقتصاديات المنطقة العربية من خلال الشرق أوسطية، حيث حضر المؤتمر 1900 شخصية رسمية وغير رسمية مما اعتبر اعترافًا عالميًا بالواقع الشرق أوسطية الذي كان نتيجة لإطلاق مبادرة الشراكة الأمريكية العربية التي تسعى إلى قيام منطقة التجارة الحرة التي تضم دول المنطقة بما فيها إسرائيل!..
سادسًا: أصبحت إريتريا الركيزة الأساسية للاستراتيجية الإسرائيلية في البحر الأحمر بعد انفصالها عن إثيوبيا الذي تم بدعم عسكري إسرائيل حيث يؤدي توثيق العلاقة بينهما إلى التحكم في منابع النيل في هضبة الحبشة التي تمثل 85% من إيرادات المياه لنهر النيل ومنطقة البحيرات العظمى وتمثل 15% من المياه، حيث تهدف إسرائيل إلى ممارسة الضغوط المالي والمساومة والتهديد لمصر كي يكون لها دور في حصة مياه النيل الواردة لمصر..
كما تسعى إسرائيل من خلال التقدم في تنفيذ مشروعها الصهيوني إلى تنفيذ مخططاتها لإقامة الميناء المشترك مع الأردن والتي تأمل في أن يتسع ليشمل مصر والمملكة العربية السعودية، كما تسعى لتطوير الطريق الجنوبي ليصل مدينة السويس بميناء إيلات منها لمملكة العربية السعودية إضافة إلى إقامة خط أنابيب الغاز الذي يمتد في المملكة العربية السعودية إلى ميناء إيلات..
ولم تكتف إسرائيل بهذا القدر بل تسعى جاهدة لإقامة خط أنابيب لنقل الغاز القطري “حيفا – قطر”.. ومشروع التنمية المتكاملة لوادي غور الأردن.. إضافة إلى مشروع الطريق الدائري الذي يربط ميناء إيلات بميناء العقبة المصري ويمتد إلى معابر نهر الأردن!
ويرى المحللون أن التوافق الأمريكي الإسرائيلي وقيام الولايات المتحدة لغز العراق وتبنيها للمشروع الصهيوني يعتبر فرصة مناسبة وسانحة لتصبح إسرائيل دولة محورية في العالم “حيث يمكنها تنفيذ مخططاتها وعلى رأسها إقامة قناة البحرين التي تربط المتوسط وخليج العقبة بالبحر الميت مما يجعلها يمتلك قناة تضارع قناة السويس. بل وتهددها!!.
سابعًا: فتح التعاون العسكري الإسرائيلي الإثيوبي الباب أمام عودة إسرائيل للقارة الأفريقية لتلبية حاجتها من السلاح لتوفير الأمن والحماية من الانقلابات العسكرية ولتعب دورًا في التعاون الأمني الأمريكي الإسرائيلي الذي يسعى لتطوير وتنمية العلاقات لحاجة القادة الأفارقة للمساعدات الأمريكية من ناحية ولمكافحة الإرهاب الناتج عن انتشار بعض القيادات الأصولية الإسلامية من ناحية أخرى”!!
ثامنًا: وعمت إسرائيل الحركات الانفصالية سواء في جنوب السودان أو في أريتريا مما أدى إلى انتصارها.. كما قامت بدعم بعض الأنظمة الحاكمة مثل الباجندا في أوغندا و الأمهرا في أثيوبيا وقبائل الترنسي في رواندا..
تاسعًا: استغلت إسرائيل الاحتلال الأمريكي للعراق وتسعى لتوطين “150 ألف” يهودي كردي في شمال العراق مع القيام بالتوسع في شراء العقارات والأراضي العراقية في مؤشر هام حول تحول الصهيونية إلى تهجير اليهود من فلسطين إلى العراق في خطوة هي الأكبر نحو تحقيق حلم إسرائيل الكبرى “من النيل إلى الفرات”.
وقد بدأت الخطوة الأولى لهذا المشروع بعد حرب الخليج الثانية حيث اضطر النظام العراق تحت وطأة الحصار الدولي للتسلل إلى العالم الخارجي خاصة أوروبا لعقد صفقات تجارية وجذب الأموال الأجنبية الأمر الذي أدى إلى تسلل المال اليهودي إلى العراق لشراء العقارات.
كما تبقى الدائرة الكردية هي الحلقة الأضعف الذي تتسلله من خلالها إسرائيل حيث ترتبط قيادات الأكراد بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة ولدى بعضهم ناتج في التعاون مع إسرائيل.. الأمر الذي جعلها تركز جهودها وتوسع نطاق حركتها في الناطق الكردية التي تتمتع بإيجابية الأمريكية!
عاشرًا: لقد صاغت إسرائيل استراتيجيتها العسكرية استعدادًا لدورها في الشرق الأوسط الجديد وانعكاس على تسليحها وعقيدتها القتالية كنتيجة لمؤتمرها الثالث للأمن القومي الذي عقدته في 3 ديسمبر. في مدينة هيرزليا والذي كان قد سبقه في 27 نوفمبر مؤتمر في جامعة “بارالان” عن دور العوامل القوات البرية في القرن الحادي والعشرين وخرج المؤتمران بتصورات جديدة لطبيعة التهديدات التي تواجه إسرائيل في الحقبة القادمة والتي تمثلت بأن إسرائيل محاطة بثلاث دوائر أمنية..
أولها بفترة احتمال تجدد القتال مع الجيران المباشرين لإسرائيل فيما أطلعت عليه الدائرة القريبة”.. وثانيها: ويفترض التهديد من دول مثل إيران وباكستان بإطلاق الصواريخ البالستية بعيدة المدى وأسلحة الدمار الشامل فيما أطلقت عليه الدائرة البعيدة.
وثالثها: ويفترض استمرار التهديد الداخلي في حالة حدوث انتفاضة أو عصيان أو مقاومة مسلحة داخلية فيما أطلعت عليه الدائرة الداخلية.
وبالتالي قد خططت إسرائيل أن تستثمر بمعدلات عالية في بناء قوة ردع مركبة ترتكز لها أضلاع تقليدية ونووية وفضائية.. وبالتالي و ضعت تصورًا لهيكل قواتها المسلحة لترتكز على قوة نووية وقوة تقليدية تعتمد على تحديث الأسطول الجوي والصواريخ البالستية أرض جو وبناء منظومة فضائية توفر قدرة خائفة لعمليات الاستطلاع الاستراتيجي ونقله نوعية في مجال الاتصالات وإنذار إضافة إلى إقامة ثلاث مستويات من أنظمة الدفاع المضاد للصواريخ لمواجهة أنظمة الصواريخ العربية.. هذا إلى جانب قيامها بتطوير ترسانة خاصة من الأسلحة لتناسب مع أساليب حربها داخل المدن وما تتطلبه من تزويد الجندي الإسرائيلي بوسائل خاصة لحمايته ووسائل استشعار واتصال معقدة ووسائل كشف للأهداف والتعامل الدقيق معها.. إضافة إلى دعم وحداتها بطائرات بدون طيار وأجهزة رادار محمولة، وأجهزة ليزر لإضاءة الأهداف المطلوب إصابتها بالصواريخ الموجهة، كما زودت وحداتها بنوعيات خاصة من الذخائر التي لا تخطئ هدفها في اغتيال القادة الفلسطينيين في منازلهم أو داخل سياراتهم!!
وبالتالي فقد امتدت الدائرة البعيدة للأمن الإسرائيلي إلى أهداف خارج الدائرة العربية وفي قارات أخرى مما فرض استعدادها لتطوير قدرتها النووية لتوجيه ضربة ثانية من ناحية ولتتمشى مع استعدادها للدور المخطط لها في إطار الشرق الأوسط الكبير!!
ثانيًا: هناك ثلاث تحالفات استراتيجية لزيادة قدراتها العسكرية أهمها.. تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية وثانيها: التعاون الاستراتيجي التركي الذي تم توقيعها في 4 فبراير 1999. وثالثها: التعاون الاستراتيجي الهندي وكلها تمت بمباركة من الولايات المتحدة الأمريكية.. ويعطي هذه التعاقدات عمقًا استراتيجيًا تفتقده إسرائيل لمواجهة التهديدات في الدائرتين القريبة والبعيدة..
وفي النهاية يبقى التساؤل الذي يفرض نفسه.. كيف يمكن لدولة بحجم إسرائيل تفتقد إلى المساحة والسكان أبرز عنصرين في قياس قوى الدول.. كيف يمكن أن تبنى كل هذا الحجم والكم من التسليح لمواجهة كل هذه التهديدات المزعومة..
إنه حجم المساعدات المالية التي تحصل عليها من الولايات المتحدة وغيرها.. حيث كتب توماس ستافر الباحث في جامعة هارفرد والخبير الاقتصادي في واشنطن تحت عنوان الخزائن الأمريكية المفتوحة لإسرائيل.. حيث قال:
– إن الإنفاق الأمريكي على إسرائيل خلال الثلاث عقود الأخيرة قد وصل إلى 600 مليار حيث تحصل إسرائيل على 3 مليار دولار سنويًا تمثل 25% من جملة مساعدات أمريكا؟؟؟؟.
– وأن المساعدات الأمريكية الرسمية خلال عام 2001 وصلت قيمتها الإجمالية إلى 240 مليار بخلاف القروض التجارية والمستندات المضمونة من الإدارة الأمريكية وشروطها الميسرة!!.
– بلغ ابتزاز الإسرائيلي لألمانيا الغربية قبل أن تتوحد وبعدها إلى عشرات المليارات من الماركات في صورة تعويض عما سمي بضحايا المحارق النازية الهولوكوست كمبالغ نقدية مباشرة.. وهو ما يصل إلى مئات المليارات إذا أضيفت له ما حصلت عليه إسرائيل كمساعدات اقتصادية وعسكرية وسفن وطائرات قتال ودبابات وغواصات حاملة للرؤوس النووية!!.
– إضافة إلى ما حصلت عليه إسرائيل من أوروبا من خلال ضغوط أمريكية باعتباره على خط المواجهة الرئيسية في حربها ضد الإسلام والمسلمين العدو الرئيسي للغرب بعد سقوط الشيوعية!!
وفي مجال قياس حجم الإنفاق الأمريكي على إسرائيل أكد توماس ستافر أنه لو تم توزيع هذا الإنفاق على امتداد الثلاث عقود الماضية على جميع سكان العالم والبالغ عددهم 6.5 مليار نسمة لكان نصيب الفرد منهم 5700 دولار حوالي 29 ألف جنيه مصري.. وإذا ما تم الأخذ في الاعتبار أن متوسط عدد الأسرة في الدول النامية يبلغ خمسة أفراد.. فإن نصيب الأسرة يبلغ 28.8 ألف دولار بما يساوي نحو 142 ألف جنيه مصري!!
لك هو التهديد الرئيسي الإسرائيلي للدول العربية الذي تنامى من خلال تعاونها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتلك هي رؤيتنا للأمة العربية بعد عام واحد من الاحتلال الأمريكي للعراق..
أن الحقيقة المؤكدة أنه إذا لم يتم صياغة استراتيجية عربية لمواجهة ذلك المخطط واستمرت حالة التمزق و التشرزم والشلل السائدة.. ستسارع الخطى للتنفيذ الذي يتهدد الجميع حكامًا وشعوبًا.. وجودًا ومصيرًا.. فهل يعي القادة والزعماء العرب هذه الحقيقة؟؟ ذلك ما ستؤكده الأيام القادمة!!
Hijri Date Correction:
1